في الصف الثالث الثانوي وأكره المذاكرة!!

0 16

السؤال

السلام عليكم.

أنا في الصف الثالث الثانوي، ولا يخفى عليكم أن هذه سنة مصيرية ومهمة، ولكن بصراحة أنا لا أذاكر، ولا ألتزم، فأنا أكره المذاكرة، ولا أستطيع إجبار نفسي على الالتزام، والذهاب للدروس.

على الجانب الآخر: أنا لست شخصا فاشلا في كل المجالات؛ فأنا ألزم نفسي وأجبرها على العبادات، وترك المعاصي، وأقرأ كثيرا، ولدي مواهب عديدة، مثل: نظم الشعر، وتأليف الروايات، والرسم، ودائما أسأل نفسي هل عدم التزامي في الدراسة دليل على أني شخص فاشل؟ وهل هي مقياس لنجاحي؟ وماذا أفعل حتى ألتزم بالمذاكرة؟

فأنا مهما حفزت نفسي، وشجعني من حولي لا أذاكر، وهذا الأمر قد حدث معي في المرحلة الثانوية قبل ذلك، فكنت أذاكر، وكنت مجتهدة جدا، أنا محتارة، ماذا أفعل الآن؟

وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أختي الكريمة: أسأل الله أن يوفقك وييسر أمرك، وأن يرزقك الحكمة والبصيرة في اتخاذ القرارات التي تعود عليك بالنفع في الدنيا والآخرة.

ما تمرين به هو شعور طبيعي يواجهه الكثير من الطلاب، وخاصة في المراحل المصيرية مثل الثانوية العامة.


ودعينا نناقش الأمر بروية، ونضع خطة عملية تساعدك على تجاوز هذه المرحلة:

أولا: تذكري أن طلب العلم عبادة عظيمة إذا اقترنت بالنية الصالحة؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من سلك طريقا يلتمس فيه علما، سهل الله له به طريقا إلى الجنة" (رواه مسلم)، اجعلي نيتك في المذاكرة هي رضا الله، وخدمة الأمة بما ستتعلمينه.

ثانيا: الإسلام دين التوازن؛ فلا ينبغي أن نغفل عن واجباتنا الدنيوية بحجة التركيز على العبادات فقط، قال الله تعالى: "وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا" (سورة القصص: 77)، والمذاكرة جزء من مسؤولياتك الدنيوية التي يجب أن تؤديها بإتقان.

ثالثا: الصبر هو مفتاح النجاح، قال الله تعالى: "واصبر وما صبرك إلا بالله" (سورة النحل: 127)، والمذاكرة تحتاج إلى صبر، ومجاهدة للنفس تماما كما تجاهدين نفسك في العبادات، ومن جد وجد، ومن زرع حصد، فالجهد المبذول اليوم هو ما سيحدد نتائج الغد.

ويقول الإمام الشافعي -رحمه الله-: "حق على طالب العلم أن يصبر على مرارة التعلم، فإن العلم لا ينال براحة الجسد"، وهذا يوضح أن النجاح في العلم يحتاج إلى تضحية وجهد.

ويقول المتنبي:
إذا غامرت في شرف مروم ** فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير ** كطعم الموت في أمر عظيم

رابعا: خطوات عملية للالتزام بالمذاكرة:
- اكتبي أهدافك الدراسية بوضوح، مثل: "أريد أن أحصل على معدل كذا لدخول التخصص الذي أحبه".
- قسمي هذه الأهداف إلى أهداف يومية صغيرة.
- خصصي وقتا محددا يوميا للمذاكرة، وابدئي بمدة قصيرة (مثلا 30 دقيقة)، ثم زيديها تدريجيا.
- استخدمي تقنية "البومودورو" (25 دقيقة مذاكرة و5 دقائق راحة).
- اجعلي مكان المذاكرة مريحا، وخاليا من المشتتات.
- ضعي أدواتك الدراسية في متناول يدك.
- كافئي نفسك بعد كل جلسة مذاكرة بمثل: قراءة كتاب تحبينه، أو ممارسة هواية.
- ابدئي كل جلسة مذاكرة بدعاء: "اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا".
- أكثري من الاستغفار والدعاء بالتوفيق.
- استخدمي مواهبك في الشعر والرسم لتبسيط المواد الدراسية، مثلا، انظمي أبياتا شعرية لتذكر القوانين، أو ارسمي خرائط ذهنية.
- إذا شعرت بصعوبة في مادة معينة، لا تترددي في طلب المساعدة من معلم أو زميلة.
- خصصي وقتا يوميا لممارسة هواياتك؛ فهذا سيجدد نشاطك، ويمنعك من الشعور بالملل.
- ابدئي بأبسط المهام؛ فالشعور بالإنجاز سيحفزك للاستمرار.
- قسمي المواد إلى أجزاء صغيرة، وابدئي بدراسة الجزء الذي تحبينه.
- تذكري أن الثانوية العامة ليست نهاية العالم؛ فالنجاح الحقيقي هو في رضا الله، والعمل الصالح.

لماذا يحصل هذا معك؟ قد يكون السبب هو الخوف من الفشل، أو الشعور بالإرهاق، فحاولي تحديد السبب، والعمل على معالجته.

أخيرا: تذكري أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا، اجتهدي، واعملي بما تستطيعين، واتركي النتائج على الله، قال الله تعالى: "فإذا عزمت فتوكل على الله" (سورة آل عمران: 159).

أسأل الله أن يوفقك في دراستك، وأن يرزقك الإخلاص في القول والعمل، وأن يفتح عليك فتوح العارفين.

مواد ذات صلة

الاستشارات