هل اللين في الدعوة يتنافى مع أن أكون مؤمنة قوية؟

0 5

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحتاج مساعدتكم، وأسأل الله العظيم أن يوفقكم لإعانتي.

أريد أن أكون مؤمنة قوية، فكما ورد في الحديث أن (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف).

مشكلتي أني لا أعرف السبيل إلى ذلك، إذ كنت في أغلب المواقف أشعر أن الله وهبني قوة في الدفاع عن دينه، وجرأة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغيرة شديدة إذا انتهكت محارم الله عز وجل، فكنت أتكلم وأتخذ ردود أفعال، ولا ألتفت لما سيقال عني.

كنت ألاحظ أن هذا الأسلوب كان يجدي نفعا -بفضل الله- فحسبت أني على الطريق الصحيح، إلى أن اطلعت على عدة دروس تفيد أن العنف والشدة والجرأة والغضب، ليست شروطا ليتصف المؤمن بالقوة، وأن الأسلوب الحسن، اللطيف، الهادئ، واللين هو المطلوب.

فصرت أتلطف في ردود أفعالي، وأرد بأسلوب هادئ ولين، فأحسست أن موقفي ضعيف، وقد يستضعفني من أمامي ويستهزئ بي، وهنا أصبحت ثقتي بنفسي تهتز نوعا ما، وأصبحت أرى أني ضعيفة، ولم أعد كما كنت، فصرت أسكت في بعض الأحيان عن بعض التجاوزات، ولا أنهى عن المنكر كما كنت أو آمر بالمعروف، وأصبحت أشعر بشيء من التردد والخوف في المواجهة، وزاد تقصيري في هذا الواجب العظيم.

فأي الطريقين أسلك كي أكون مؤمنة قوية؟ سواء في ديني أو شخصيتي كمسلمة، أو في مواقفي لأكون لله أقرب، ولا أكون ضعيفة.

جزاكم الله خيرا، وأدخلني الله وإياكم في عباده الصالحين، وجمعنا برحمته في جناته، اللهم آمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تسنيم .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك مجددا - ابنتنا الكريمة - في استشارات إسلام ويب.

نشكر لك تواصلك مع الموقع، وحرصك على تقوية إيمانك، وهذا من توفيق الله تعالى لك، ونسأل الله تعالى أن يبلغك آمالك، ويقوي إيمانك.

وبداية نقول - أيتها البنت الكريمة -: إن الحرص على تقوية الإيمان والأخذ بأسبابه عبادة جليلة، ينبغي أن تحرصي عليها، وأن تتفقهي فيها، وهناك رسالة صغيرة الحجم ولكنها كبيرة الفائدة، موجودة على شبكة الإنترنت للشيخ محمد المنجد، بعنوان: (ظاهرة ضعف الإيمان)، تكلم فيها عن معالجة هذه الظاهرة، وذكر الأسباب التي تقوي الإيمان، ولغة الرسالة سهلة يسيرة يمكنك الاستفادة منها.

وأما ما ذكرته عن الشدة أو الرفق، فنصيحتنا لك أن تستمري على ما أنت عليه من اللين والرفق مع المسلمين، فإن الأصل في تعامل المسلم مع المسلم أن يكون رفيقا لينا، وقد قال الرسول ﷺ: (ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه).

والأصل أن يكون الإنسان المسلم ذليلا على أخيه المؤمن، كما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في وصف العباد الذين يحبهم، قال سبحانه: ﴿فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين﴾ [المائدة: ٥٤]، وقال - سبحانه وتعالى - في آخر سورة الفتح: ﴿محمد رسول والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم﴾ [الفتح: ٢٩].

فينبغي للإنسان إذا أمر بالمعروف أو نهى عن المنكر، أن يكون رفيقا رحيما بمن يأمرهم وينهاهم، وليس هذا ضعفا ولا استكانة، وإنما هو اتباع للمنهج النبوي القرآني في معاملة المسلم لأخيه المسلم.

وقد تقتضي الحكمة أحيانا أن يكون الإنسان شديدا، إذا كان الموقف يستدعي شدة وغلظة، فلا يستعمل الغلظة إلا للمصلحة، وهذا يحتاج من الإنسان فقه نفس، ويحتاج تقديرا للواقع الذي هو فيه، والله تعالى أمرنا أن ندعو إليه بالحكمة، فقال سبحانه: ﴿ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة﴾ [النحل: ١٢٥]، والحكمة: فعل الشيء الذي ينبغي، في الوقت الذي ينبغي، على الوجه الذي ينبغي.

والرسول ﷺ قد أغلظ التصرف أحيانا مع بعض من وقع في المعصية، كما هجر الذين تخلفوا عنه في غزوة تبوك، فلم يكن يكلمهم ولا يسلم عليهم، حتى أنزل الله تعالى توبتهم، ولكن هذا على خلاف القاعدة المستمرة، فالأصل: اللين والرفق.

ولهذا ننصحك بأن تتفقهي في ضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعلمك للعلم الشرعي لا شك أنه سيضيء لك الطريق، ويبصرك بأحسن الأساليب.

نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يفقهك في دينه.

مواد ذات صلة

الاستشارات