وعدني شاب بالزواج ولكنه لا زال يبحث عن وظيفة، فهل أنتظره؟

0 6

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعرفت إلى شاب كان والده –رحمه الله– صديقا لوالدي، وهو شاب على دين وخلق، ويحضر محاضرات دينية، وملتحق بمعهد للتأصيل الإسلامي، ويسعى للبحث عن عمل، وحتى الآن لم يجد وظيفة، وقد مرت ثلاث سنوات منذ أن تعرفت عليه، ولم يتقدم لي بصورة رسمية، فقط وعدني بالزواج، وأنه يجتهد لكي يوفر لي حياة كريمة بعد الزواج.

لكني تعبت من الانتظار، ولا أعرف متى سينتهي هذا الانتظار، يعني زواجنا مرتبط بحصوله على وظيفة، ومجاله الدراسي هندسة تعدين، وهو مجال مرموق، ولكن لا أعلم لماذا لم يجد وظيفة إلى الآن! وتأتيني هواجس بأنه يماطل، أو أنه لا يسعى بجد، أم أن السبب هو الظروف المحيطة بنا؟ لا أعرف!

أتساءل: هل أقطع علاقتي به رغم أنه شخص جيد، وينصحني ويعظني في أمور كثيرة، وأعلم أنني ربما لن أجد مثله، ولكن الانتظار يحزنني، وأرى الفتيات من جيلي متزوجات ولديهن أطفال، وهذا يزيد حزني وضجري، مع أنني لا أبين له ذلك.

وللعلم: تعرفت إليه في بلدنا، ولكن بسبب ظروف الحرب أنا في بلد، وهو في بلد آخر يسعى لإيجاد وظيفة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك - أختنا الكريمة - في موقع إسلام ويب، وردا على استشارتك أقول – وبالله أستعين:

أولا: ينبغي على الفتاة المسلمة أن تكون عزيزة مطلوبة، لا ذليلة طالبة؛ فالتعرف إلى هذا الشاب خارج إطار الزوجية غير جائز شرعا، فضلا عن التحدث معه – سواء بالكلام العاطفي أو غير العاطفي – خارج الحاجة الشرعية، وما يحصل لدى كثير من الشباب اليوم من لمس الأيدي، والخروج للأسواق، والحدائق والاختلاء، وغير ذلك لا يقره الشرع.

ثانيا: الزواج قدر ونصيب، ولا يدري الإنسان من هو نصيبه؛ فما كتبه الله لك سيحصل ويأتي في أوانه. فلا تعلقي نفسك بالأوهام، ولا تضري نفسك بانتظار شخص لا يدرى هل هو من رزقك أم لا، وقد ترفضين شخصا صاحب دين وخلق يتقدم لك بحجة أنك تنتظرين ذلك الشخص، فيعاقبك الله بالحرمان.

ثالثا: ينبغي عليك أن تستغفري الله عما بدر منك في الفترة الماضية، وأن تقطعي تواصلك بهذا الشاب؛ فإن كان جادا ويرغب في الزواج بك فليأت البيوت من أبوابها، وإذا تقدم لك شاب صاحب دين وخلق فلا تترددي في قبوله إن اجتمعت فيه صفتي الدين والخلق، ولا تظلمي نفسك بانتظار السراب أو بناء حياتك على الهيام.

رابعا: كون ذلك الشاب تخصص في مهنة طيبة لا يعني أنه لا بد أن ينتظر حتى يجد وظيفة في نفس تخصصه؛ بل يمكن أن يعمل في وظيفة أخرى مع الاستمرار في البحث في مجال تخصصه، فإن وجد التحق بها، وهذا ما يفعله الجادون في الحياة.

خامسا: لنفرض أنك انتظرت ذلك الشاب ثلاث سنوات أخرى فوق الثلاث الأولى، ثم تقدم لك ورفضه وليك لسبب أو لآخر، فماذا سيكون موقفك؟ ستندمين أشد الندم على ما فعلت، لأنك ستكونين أنت الضحية؛ فالعمر سيتقدم وهو قد يذهب ليجد فتاة أخرى.

سادسا: الزواج ليس لعبا ولا تسلية، وليس مجرد مشاعر ووعود؛ بل هو مسؤولية مادية واجتماعية، فهل هذا الشاب عنده خطة معينة واضحة، أم أنه يعيش على الأوهام والآمال الفارغة؟ فالسماء لا تمطر ذهبا ولا فضة.

سابعا: لا تقولي: "لن أجد مثله"، ولا تشحني عقلك الباطن بمثل هذه الأفكار الخاطئة؛ بل قد تجدين من هو أفضل منه، وما يدريك؟ ففضل الله واسع.

ثامنا: كونك في بلد وهو في بلد آخر قد يكون من جملة أسباب العوائق التي منعته من الحصول على عمل؛ كونه ليس من أبناء تلك البلاد، وقد يكون سفره وتحركه صعبا فلا يستطيع الخروج، فاقطعي تواصلك معه واحظري رقمه، أو غيري شريحتك، لئلا يستطيع التواصل معك؛ لأن الاستمرار في الحديث معه سيورث في قلبك تعلقا ثم حسرة وندامة وحزنا إن لم تظفري بالزواج منه، وقد يستمر ذلك معك فيما بعد حتى لو تزوجت غيره، فإن كان فعلا راغبا فيك فسيسعى لذلك.

تاسعا: أوصيك أن تصلي صلاة الاستخارة، وهي ركعتان دون الفريضة، وتدعي بالدعاء المأثور قبل أن تسلمي: "اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم فإن كنت تعلم أن ارتباطي بهذا الشخص خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، اللهم وإن كنت تعلم أنه شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضني به".

فإن تقدم هذا الشاب وسارت الأمور كما ينبغي؛ فهذا يعني أن الله اختاره ليكون زوجا لك، وإن لم يتقدم وتقدم غيره؛ فاعلمي أن الله صرفه عنك وصرفك عنه، وذلك خير لك؛ لأن اختيار الله للعبد خير من اختياره لنفسه.

عاشرا: يجب عليك أن تؤمني بقضاء الله وقدره، وأن تكوني راضية بذلك، وأحسني الظن بالله تعالى؛ ففي الحديث: "أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء، فإن ظن بي خيرا فله، وإن ظن بي شرا فله".

أخيرا: نوصيك بتقوى الله، والمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، مع الحفاظ على النوافل، وتلاوة القرآن، وصيام ما تيسر من الأيام الفاضلة، كما نوصيك بالمحافظة على أذكار اليوم والليلة؛ ففي ذلك انشراح للصدر، وطمأنينة للقلب، وحصن حصين من كل شر ومكروه.

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى، وتحيني أوقات الاستجابة، وسليه أن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في هذه الحياة، وأن يختار لك ما فيه الخير، وسليه من خيري الدنيا والآخرة.

نسأل الله تعالى لك التوفيق، ويسعدنا تواصلك معنا إذا استجد أي جديد.

مواد ذات صلة

الاستشارات