تهاجمني الوساوس عند تذكر أحداث الماضي!

0 9

السؤال

السلام عليكم.

جزاكم الله خيرا على كل ما تقدمونه من تفسيرات ونصائح.

أنا أعاني منذ 10 سنوات من الأرق والوسواس القهري الفكري؛ بسبب ضغوطات ومشاكل عائلية، وكذلك التنمر والاستهزاء من بعض أفراد العائلة على صوتي الذي يكون أحيانا خشنا، وأحيانا ضعيفا، وقد حصل لي ذلك منذ أن بدأت أعاني من الأرق، ولا أعرف لماذا؟ لأنني لم أكن هكذا من قبل بتاتا، وقد زرت أطباء نفسيين، وأخذت عدة أدوية، ولكن بدون جدوى، فتوقفت عنها منذ 4 سنوات.

سأشرح بالتفصيل الأعراض التي أعاني منها:
- أفكار متعلقة بأحداث وذكريات واقعية سيئة من الماضي الذي عشته.
- استعادة محادثات سابقة، والتحقق منها بشكل مفرط، تجعلني أشعر بالضيق والقلق والعصبية، وكذلك تدفعني إلى التحدث المتكرر مع والدتي أو أختي عنها؛ للتخفيف من ذلك الضيق.
- ألجأ غالب الأحيان إلى تجنب اللقاءات الاجتماعية، وخصوصا العائلة والمعارف؛ كي لا يلاحظوا اضطرابي في الحديث، كصعوبة في تذكر المعلومات، أو أسماء معينة.

أنا الآن أعاني من نسيان شديد، وصعوبة كبيرة في التركيز واتخاذ القرارات، سواء كانت بسيطة، أو مصيرية، وأتعرض دائما للاحتقار والتنمر من الزملاء في العمل بسبب النسيان، وقلة التركيز، والصعوبة في أداء المهام، وعدم إتقان اللغة الإنجليزية؛ مما جعلني أشعر بالإحباط، والخوف، وعدم الرغبة في الاستمرار، وبالتالي لا أجد سوى التوقف عن العمل، والعزلة؛ حتى أرتاح من كل هذه الضغوطات.

كل هذه الأعراض التي أعاني منها، والأحداث التي مررت، بها تجعلني دائما أخاف من المستقبل، بسبب الصعوبات المحتملة التي سأواجهها، سواء في العمل، أو الحياة اليومية مع الآخرين.

أريد تشخيصا دقيقا لحالتي، ما هو نوع الوسواس الذي أعاني منه؟ وهل يمكنني الشفاء منه كليا، بالعلاج المعرفي الإدراكي، مع معالج نفسي؟ وكيف أتغلب على الأرق المصاحب للوسواس القهري؟ لأنني لا أريد أن آخذ أدوية نهائيا.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زكريا حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أخي الفاضل- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك أولا تواصلك معنا بهذا السؤال، وثانيا: نشكرك على إطرائك على هذا الموقع الذي يقدم هذه الخدمات، داعين الله تعالى القبول منا جميعا.

أخي الفاضل: نعم فهمت من رسالتك أنك تعاني منذ عشر سنوات مما وصفته بالوسواس القهري الفكري، لكن لا أدري حقيقة -أخي الفاضل-، وغير متأكد إن كان هذا وسواسا قهريا، أو تذكرا للأمور السابقة التي مرت معك في حياتك، من التنمر والاستهزاء، وغيرهما.

إن الوسواس القهري عبارة عن: أفكار وسواسية غير منطقية، وغير معقولة، تلح على ذهن الإنسان مهما حاول دفعها، وقد تتعلق أحيانا بالعبادات من طهارة ونظافة وغيرها، فهي إما أفكار، أو أعمال.

أما ما فهمته من رسالتك، أنك لا تنسى بعض المحادثات أو التصرفات التي تعرضت لها في الماضي، وبالتالي تشعرك ببعض القلق والتوتر، من الواضح أنك شخصية حساسة؛ وهذا نتيجة ما تعرضت له من التنمر؛ فالتنمر يمكن أن يجعل الإنسان بالشكل الذي تعرض له.

أما العلاج: فالعلاج ليس بالضرورة عن طريق الدواء، وإنما يمكن أن يكون بالعلاج المعرفي السلوكي، أن يعينك من خلال عدة جلسات، ربما ثمان، أو أقل، أو أكثر، تكفي مع الأخصائي، يمكن هذا أن يعينك على تجاوز هذه الذكريات.

هناك نعمتان أنعم الله تعالى بهما علينا، قد لا نحسن التعامل معهما:
- النعمة الأولى: قدرتنا على التذكر؛ فيمكن أن نتذكر أحداثا مؤلمة مرت معنا منذ سنوات، والنصف الآخر من الناس لا يحسنون التعامل مع النعمة الثانية، وهي: قدرتنا على التفكير في المستقبل، فتجد الناس قلقين من أمور مستقبلية تحدث أو لا تحدث، وفي الغالب الأحيان لا تحدث، إلا أن الإنسان يشعر بالقلق منها.

أخي الفاضل: تجنب مقابلة الناس لا يحل المشكلات، وإنما قد يزيدها تعقيدا؛ فالإنسان مخلوق اجتماعي بطبعه، وعكس التجنب هو المواجهة، فواجه الناس، وأقبل عليهم، وإن كان هذا الأمر في البداية مزعجا لك، إلا أنك ستستطيع تجاوزه، وستجد ثقة في نفسك أكبر، لتقف متحديا استهزاء الناس وتنمرهم، وبالتالي هذا سيخفف من تذكر الأحداث الماضية.

وحاول أخيرا أن تبذل جهدا في تذكر الأحداث الإيجابية في حياتك، مهما كانت المواقف صغيرة، أو قصيرة -الإيجابية طبعا-، وحاول أن تتذكرها كي لا تقتصر نظرتك على رؤية نصف الكأس الفارغ.

أسأل الله تعالى أن يشرح صدرك، ويعينك على حجز موعد مع أحد المعالجين النفسيين، واطلب منه العلاج المعرفي السلوكي، وهو لا شك سيقوم أولا بتأكيد التشخيص على أنه حالة قلق وتوتر، وتذكر لأمور الماضي، ثم يضع معك الخطة العلاجية.

داعيا الله تعالى لك بتمام الصحة والعافية.

مواد ذات صلة

الاستشارات