السؤال
السلام عليكم.
أنا متزوجة، وزوجي يتحدث مع ابنة عمه عبر الواتساب على فترات قريبة، أقصى مدة هي 10 أيام، والمكالمات قد تصل إلى دقائق، وأحيانا ساعة، وآخر مرة كانت ساعتين، وأنا أتابع الواتساب الخاص بينهما منذ فترة، ولم أخبره، وأدعو له.
أنا متضايقة، ولا أدري أهو من الغيرة، أو الخوف من نتائج التواصل والوقوع في الحرام؟ هل أواجهه، أم أبقي الأمر سرا بيني وبين نفسي، وأكتفي بالدعاء، وتذكيره بالله؟
الأمر يشغلني جدا، مع أني أهتم بنفسي، وأجتهد أن تكون علاقتنا في رضى الله، ونتبادل الحب والود، ولا توجد مشاكل بيننا -والحمد لله-، وهل يعد ما فعلته تجسسا؟ فأنا لست مقتنعة بأن هذا تجسس.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Marwa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يصلح الأحوال، وأن يهدي زوجك إلى ما يرضي الله، وإلى كريم الخصال، وأن يديم بينكما مشاعر الود والخير، وأن يعمر داركم بالعيال والأموال.
أسعدنا ما ختمت به هذه الاستشارة من قولك: "ونتبادل الحب والود، ولا توجد مشاكل بيننا، والحمد لله"، والإنسان إذا شكر الله -تبارك وتعالى- على نعمه نال بشكره لربه المزيد.
لذلك أرجو أن تبني على هذه القناعة الإيجابية الجميلة، وتزدادي قربا من زوجك، وتحاولي أن تزيدي القواسم المشتركة، وتهتمي باهتماماته وأعماله، وتشاركيه في سرائه وضرائه؛ فإن هذا له أثر كبير على التقريب بين الزوجين.
ولا ننصح بالتجسس على هاتفه، والنظر فيه بين الفينة والأخرى؛ لأن هذا مدخل عظيم من مداخل الشيطان، وهم الشيطان أن يحزن أهل الإيمان، وها هو الشيطان يحاول أن يدخل عليك الخوف، والقلق، والاضطراب، ويشعل نيران الغيرة في نفسك.
والإنسان إذا شعر أن هناك ثمة خلل، فهو شأنه شأن الطبيب الذي إذا عرف المرض بدأ في العلاج، ولا يعيد الفحص، ولا يعيد النبش والتفتيش، وهذا متعب جدا -كما قلنا-؛ لأنه مدخل من مداخل الشيطان.
كنا بحاجة إلى أن نعرف نوع الكلام الذي يدور إذا كان ذلك ممكنا، وكنا بحاجة إلى أن نعرف الصلة التي بينهما، يعني: هل هناك موضوع مشترك يجعلهما يتكلمان بهذه الطريقة الطويلة أحيانا؟ هل اعتاد على هذا الأمر قبل الزواج؟ وهل كانت بينهما مثلا تربية في مكان واحد، أو في بيئة واحدة؟ كيف هي علاقته بأعمامه وأسرته؟
ليس معنى هذا أن ما يحدث يعتبر صحيحا، ولكن لأننا نريد أن نقول: إذا كان الأمر قد اعتاد عليه؛ فإن التخلص منه قد يحتاج إلى بعض الوقت، والعبرة في أي تواصل خارجي في الحياة الزوجية هو مدى تأثيره على الحياة الخاصة بين الزوجين؛ فإذا كانت العلاقة بينكما في رضا الله -تبارك وتعالى- وفيها تبادل للحب، وتبادل للود، وفيها مشاعر جميلة؛ فهذا يعني أن أي علاقة أخرى هي علاقة سطحية.
وليس معنى هذا أننا نؤيد ما يحدث، لكننا نريد أن يأخذ حجمه، ونريد أن تسلكي السبل الصحيحة في النصح له، وتديري معه حوارا، وتستمعي معه لمشايخ يبينون له أن بنت العم، وبنت الخال، وبنت العمة، وبنت الخالة يعتبرون أجنبيات، وإذا حدث كلام بينك وبين إحداهن فينبغي أن يكون للضرورة، وينبغي أن يكون أيضا بمقدار.
فالرجل له أن يكلم النساء، والنساء يكلمن الرجال، لكن عند الضرورة، ودون خضوع في القول، ودون إكثار في الاتصال، بمعنى: إذا كانت تكفي خمس كلمات، ما ينبغي أن تكون عشرا، فلا يتوسع في الكلام، فإذا كان الكلام وفق الضوابط الشرعية، وفي أمور ترضي رب البرية؛ فهذا الأمر ينبغي أيضا أن يؤخذ منك في الاعتبار.
وعلى كل حال، فإن القرب منه، والنصح له، ليس بالضرورة أن يكون مباشرة، بل تكلميه بأن المرأة العاقلة تغار على زوجها، ولا تريده أن يكلم النساء، ولا يكلم غيرها، دون أن تشيري إلى المرأة المذكورة أو غيرها، ودون أن يشعر أنك نبشت وفتشت في هاتفه، ونسأل الله أن يهديه لأحسن الأخلاق والأعمال، وأن يردكم جميعا إلى هدي هذا الشرع، وكمالات هذا الدين العظيم، وأن يبعد عنك وساوس الشيطان.
نكرر دعوتنا لك بإيقاف فتح الهاتف، والتجسس عليه؛ لأن هذا قد يكون له مردود سلبي، ولكن عليك بالنصح والتذكير بالله، وعمارة وقته وحياته بما يهم الأسرة، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يؤلف القلوب، وأن يغفر الزلات والذنوب.
هذا، وبالله التوفيق.