صديقي أخبرني أني مسحور بحسب قول الراقي، هل الأمر صحيح؟

0 8

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب ملتزم، تخرجت في الجامعة عام 2018، وعملت لمدة سنتين، ثم قررت الزواج لأحصن نفسي من الفتن، وقد مضت خمس سنوات وأنا أبحث عن زوجة، لكن لم أوفق في ذلك؛ فإما أن يكون الرفض مني بعد الرؤية الشرعية، أو من الطرف الآخر، أو ببساطة لم أجد المواصفات التي أبحث عنها.

جاءني صديق قبل ثلاث سنوات، يخبرني بحدث يتعلق بي، وخلاصته أن راقيا كان في بيتهم يعالج أحد أقاربه من السحر، وبعد أن أنهى علاجه، قال لهم: هل تعرفون شابا صفته كذا وكذا؟ وقد كان يصفني تقريبا، فعرف صديقي أنه يتحدث عني، فقال لهم الراقي: هذا الشاب مسحور.

عندما أخبرني صديقي بما حدث، لم أعر الأمر اهتماما، وقلت: هذه من أكاذيب الشياطين، لكن في العام الأخير تكرر لدي حلم أكثر من عشر مرات، وعلى فترات متفرقة، أرى فيه أنني أرقي نفسي، ثم أستيقظ من الحلم فأرقي نفسي في الواقع، فأشعر بحرارة وقشعريرة في بدني، و-للأسف- لدي فتور في الذكر، وقراءة القرآن، وتساهل في أداء السنن الراتبة، فما نصيحتكم لي؟

بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أخي الكريم- في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يشرح صدرك، وييسر أمرك، ويمن عليك بالزوجة الصالحة، والذرية الطيبة.

أولا: اعلم أن تأخر الزواج أمر قدره الله تعالى لحكم يعلمها سبحانه، فلا تيأس ولا تحزن؛ فما قدره الله لعبده خير له، وإن خفيت عليه الحكمة، وأكثر من الدعاء في السجود، وأوقات الإجابة، بأن يرزقك الله الزوجة الصالحة التي تعينك على دينك ودنياك، مع الاستمرار في البحث بالأسباب المشروعة، فالله عز وجل يقول: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب} [الطلاق: 2-3].

ثانيا: ما نقل لك من أن الراقي قال: إنك مسحور، لا ينبغي أن تبني عليه حكما في نفسك؛ لأن معرفة السحر أو الإصابة بالعين أمر غيبي لا يقطع به إلا بقرائن شرعية ظاهرة، ووصف ذلك الراقي يعد من التكهن، أو مما أوحاه إليه شيطانه، بل إن هذا الشخص في الحقيقة ليس راقيا شرعيا؛ لأن ما ذكره من أوصاف لا يمكن أن تأتي إلا من قبل الشياطين الذين يتعامل معهم، وإيصال صديقك لك هذا الكلام إنما هو بحسب اجتهاده أن تلك هي أوصافك، وكل ذلك من الشيطان الرجيم ليحزنك ويصرفك عن الطاعة، فأحسن الظن بالله تعالى، وتوكل عليه، وإياك والقلق.

ثالثا: ما تراه في منامك من أنك ترقي نفسك، وما يصاحبه من شعور بحرارة أو قشعريرة؛ لا يلزم أن يكون سحرا أو مسا، فقد يكون انعكاسا لحالتك النفسية، أو همك المستمر، ومن الناس من يكون في مثل حالتك أو قريبا منها؛ حين يرقي نفسه وعقله الباطن مشبع بهذه الأفكار، يصاب بالغثيان أو الدوار، بل والإغماء أحيانا؛ وهذا كله بسبب الحالة النفسية التي يعاني منها، ثم إن الرقية الشرعية مشروعة في كل حال؛ فهي نافعة سواء كان هناك سحر أو لم يكن.

استمر على الأذكار المأثورة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- صباحا ومساء، واقرأ سورة الفاتحة، وآية الكرسي، وخواتيم سورة البقرة، وسور الإخلاص، والفلق، والناس ثلاثا صباحا ومساء، بنية الحفظ والتحصين.

رابعا: الفتور عن الذكر والقرآن والسنن أمر يعرض للإنسان أحيانا بسبب ضغوط الحياة أو المعاصي أو الانشغال، وعلاجه يكون بالتدرج في الطاعة، ودوام الدعاء، والحرص على الصحبة الصالحة التي تعينك على ذكر الله، وحضور مجالس العلم والذكر، والإكثار من الاستغفار، وما منا إلا ويجد هذا الفتور في نفسه ما بين الحين والآخر؛ ففي الحديث الصحيح: "إن لكل عمل شرة، ولكل شرة فترة، فمن كانت شرته إلى سنتي فقد أفلح، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك"، والـشرة هي النشاط.

خامسا: عليك بكثرة الدعاء، والإلحاح على الله تعالى، مع تحين أوقات الإجابة، ومنها أثناء السجود، مع الثقة بوعده، ودوام الصبر، وسل ربك أن يذهب عنك ما تجد، وأن يصرف عنك كل شر ومكروه، وغير ذلك من خيري الدنيا والآخرة، وارق نفسك الرقية الشرعية، أو اطلبها من شخص موثوق بدينه وعقيدته دون مبالغة أو انشغال مفرط بالأمر.

ودونك برنامجا عمليا للرقية، واقرأ يوميا بعد صلاة الفجر: أذكار الصباح كاملة، واحرص على ذلك يوميا، ويمكنك قراءتها من كتيب حصن المسلم للقحطاني -رحمه الله-، أو تحميل أذكار المسلم في هاتفك، وقراءتها منه.

ارق نفسك يوميا صباحا ومساء، وكلما شعرت بالضيق بما يأتي:
1- الفاتحة (سبع مرات).
2- آية الكرسي (مرة واحدة).
3- الإخلاص والفلق والناس (ثلاث مرات لكل سورة)، وعند الانتهاء انفث في كفيك ثلاث مرات، وامسح بهما جسدك كاملا.

وهذه نصائح عامة:
1- حافظ على أذكار الطعام والشراب ابتداء وانتهاء، وأذكار النوم والاستيقاظ، وأذكار دخول الحمام والخروج منه، وأذكار دخول المنزل والخروج منه، وأذكار دخول المسجد والخروج منه.

2- احرص على الصلوات الخمس في وقتها.

3- اجتهد في أداء السنن الرواتب.

4- اجعل لنفسك وردا يوميا من القرآن؛ فاقرأ بعد كل فرض ورقتين من القرآن الكريم، وبهذا ستختم كل يوم جزءا كاملا.

5- أكثر من الاستغفار، وذكر الله عند المشي، أو قيادة السيارة، أو في فترات الانتظار؛ فمن لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا.

6- أكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ ففي ذلك كفاية لهمومك، وغفران لذنوبك كما ورد في الحديث.

7- شغل سورة البقرة في البيت عبر الهاتف مثلا كل ثلاثة أيام؛ فقد ورد أن الشيطان لا يدخل بيتا تقرأ فيه سورة البقرة.

8- ابتعد عن المواضع التي فيها منكرات، واحرص على الصحبة الصالحة التي تذكرك بالله.

نسأل الله أن يحفظك من كل سوء، وأن يشرح صدرك، ويصلح حالك، ويرزقك الزوجة الصالحة عاجلا غير آجل.

مواد ذات صلة

الاستشارات