نادمة على التجاوزات التي وقعت فيها مع من تقدم لي!

0 7

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البداية: أحب أن أشكر كل القائمين على هذا الموقع، وأسأل الله أن يجعل كل ذلك في ميزان حسناتكم.

أفيدوني -بارك الله فيكم-، أنا فتاة ملتزمة، وحبي لله شديد إلى درجة أنني قبل أن أنام كل يوم أناجيه، وأبوح له بكل أموري، وأحادثه في فقرتي المميزة جدا في يومي، أحب الخير كثيرا، وأساعد الناس، وأبر بأهلي -والحمد لله-، والجميع يشهد لي بالأخلاق والتدين.

إلى أن دخل حياتي شاب تعرفت إليه بهدف الزواج، وجاء إلى أهلي وتحدث معهم، وكان حسن الخلق، لكن تفاجأت بأنه بدأ يتغير معي، فأصبح يطلب مني أمورا محرمة، وللأسف الشديد وقعت في هذه الفتنة، وأصبح هناك تجاوزات في الكلام على الهاتف، ولا أدري كيف ارتكبت هذا الذنب العظيم!

أنا نادمة ندما شديدا، وقلبي يعتصر ألما، وأبكي ليلا ونهارا، لقد انقلبت حياتي، فأصبحت أرى نفسي سيئة جدا، على الرغم من أني قد تبت، وتوبتي صادقة من أعماق قلبي، غير أني أقع في وساوس الشيطان، أخاف أن يفضحني ذلك الشاب، ثم أسكت هذه الوساوس بقول: إن الله ستير.

أخشى أن يكشف أمري أمام أهلي وعائلتي، علماأني قطعت تواصلي معه، غير أنه ما زال يراسلني.

أفيدوني: فإني في حال لا يعلمها إلا الله، أنا نادمة وقد تبت، وأقسم أني لن أعود إلى هذا الفعل ولو قطع رأسي، ومع ذلك لم يكتف ذلك الشاب، بل اقترب مني وقبلني، فدفعته وقلت له: لا يجوز، لكنه أصر، فاستسلمت، ولم يحدث أكثر من ذلك، والحمد لله الذي نجاني من شر نفسي، ومن شر هذا الشاب.

فأخبروني كيف أكفر عن سيئاتي؟ وماذا أفعل كي لا يفتضح أمري؟ لقد انقلبت حياتي، وأنا مصدومة من نفسي: كيف يصدر مني مثل هذا؟ أنا يصدر مني هكذا؟ أتمنى الموت، كل يوم أبكي و أشعر بأن قلبي يعتصر عصرا، أفيدوني رجاء!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

بداية: نسأل الله أن يتقبل توبتك، ويذهب همك وحزنك، ونبشرك أولا بأن الله سبحانه كريم رحيم يقبل التوبة ويعفو عن السيئات، قال تعالى: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون}، وأنه -سبحانه- ستير يحب الستر كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، وقد أحسنت في إحسان ظنك بالله سبحانه وتعالى.

الأمر الآخر: اعلمي أن الإنسان معرض للغفلة والوقوع في الذنوب مهما بلغت منزلته، ولكن المؤمن الصالح يجتهد في البعد عن سلوك أي طرق تنتهي به للمعصية، وعلى رأسها طريق الشهوات، فإن وقوع المؤمن في الذنب، لا يعني أنه قد انسلخ من دينه أو فقد خوفه من الله، بل قد تكون لحظات ضعف وجهل، فإذا حدث ذلك فعليه أن يسارع بلا تردد أو تأخير إلى التوبة والإنابة، والإكثار من الأعمال الصالحة، قال تعالى: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون}، وقال تعالى: {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل ۚ إن الحسنات يذهبن السيئات ۚ ذٰلك ذكرىٰ للذاكرين}.

لذلك: فأول طريق لحل مشكلتك هو: الحرص على التوبة، والإكثار من الأعمال الصالحة والصدقات، والدعاء بالمغفرة والستر، والتوقف عن المبالغة في جلد الذات ولوم النفس؛ حتى لا يجد الشيطان طريقا إلى قلبك باليأس والقنوط.

فالشيطان الآن يحاول أن يضعف عزيمتك، ويزرع الخوف في نفسك فيقول: كيف يحدث منك هذا وأنت الفتاة المتدينة المعروفة بالخير؟ ماذا سيقول الناس؟ وهذه الهواجس تعطل التوبة وتثبط اللجوء إلى الله، لكن بادري إلى غسل قلبك بحسن التوبة، وأكثري من الأعمال الصالحة، واجتهدي في ترك كل الأسباب التي قربتك من هذا الذنب، قال تعالى حكاية عن موسى -عليه السلام-: {قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له ۚ إنه هو الغفور الرحيم ۝ قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين}.

أختي الفاضلة: أما بخصوص ضمان عدم انتشار ما حدث؛ فهذا يتوقف على طبيعة التواصل والتجاوزات التي كانت بينكما، وإليك بعض النصائح العامة:

أولا: تصفين هذا الشاب بأنه شاب جيد، وقد بادر بالحديث مع أهلك لخطبتك، وهذا في ظاهره أمر إيجابي، لكن قد يكون جاهلا بحدود العلاقة بين المخطوبين، أو قد يكون شابا غير مستقيم يسعى للمتعة، وتحديد ذلك متوقف عليك وعلى أهلك بالبحث عن سيرته وأخلاقه ودينه، فإن تبين أنه أخطأ عن جهل، أو تسرع مع بقاء صفاته الطيبة وأخلاقه الحسنة؛ فيمكن تنبيهه للحدود الشرعية، فإن قبل منك ذلك وندم، فاطلبي منه التوبة، وأخبريه أن التواصل لن يكون إلا للضرورة، حتى يتم عقد القران أو الزواج، أما إن كان سيئ الخلق غير منضبط في سلوكه وتعامله، والكثير ممن حوله يقول ذلك؛ فتركه أفضل، لأنه غير ثقه وغير مؤتمن.

ثانيا: احرصي على الاحتفاظ بالمحادثات أو أي دليل كنوع من الاحتياط إن حاول ابتزازك لاحقا.

ثالثا: إذا اخترت تركه، فليكن الأمر بالتدرج لا بالقطيعة المفاجئة؛ حتى لا تكون ردة فعله عنيفة، تجاهليه تدريجيا، قللي التواصل، ثم اقطعيه نهائيا مع تغيير رقمك أو وسائل التواصل.

رابعا: إذا استمر في ملاحقتك، أو بادر بالتهديد بإيذائك، وكان والدك أو والدتك من النوع المتفهم غير المنفعل؛ فأخبري أحدهما بما حدث بالتفصيل في وقت مناسب وهادئ؛ ليقف إلى جانبك عند الحاجة، أما إذا كان البوح سيزيد المشكلة تعقيدا، فالأولى الكتمان ما لم يتطور الأمر إلى تهديد صريح يهدد سمعتك وحياتك الاجتماعية.

خامسا: قد ينفع الغياب فترة لإنهاء العلاقة، كالدراسة في مكان لا يصل إليه، أو الإقامة عند أحد محارمك، والانقطاع التام عنه بحجة الانشغال؛ حتى تموت العلاقة تدريجيا.

وأخيرا: ليكن هذا الموقف درسا لك في حياتك، فقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يستعيذ من شرور النفس: "وقني شر نفسي.."، فهي ضعيفة، وإذا اقتربت من الشهوات تكون عرضة للوقوع فيها؛ ولذا حرم الله الزنا وكل ما يقود إليه، من النظر والخلوة والخضوع بالقول، قال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ۚ ذٰلك أزكىٰ لهم ۗ إن الله خبير بما يصنعون}.

فتأملي سبب اقترابك من الذنب، وأغلقي الطريق على الشيطان بالتزكية وكثرة الأعمال الصالحة، ولا تغفلي عن الدعاء والتضرع لله بالستر في الدنيا والآخرة، مع الحرص على الزواج من الرجل الصالح، كريم الخلق، المؤتمن في دينه وخلقه.

وفقك الله، ويسر أمرك، وحفظك من كل سوء.

مواد ذات صلة

الاستشارات