السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد الزواج من فتاة أعجبتني، من عائلة عادية، لكنها غير شرعية، أبي عارضني بشدة؛ بحجة جلب العار للعائلة، وأن هذا الزواج مذموم شرعا وعرفا، وغير ذلك، فهل يجب علي طاعته؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد الزواج من فتاة أعجبتني، من عائلة عادية، لكنها غير شرعية، أبي عارضني بشدة؛ بحجة جلب العار للعائلة، وأن هذا الزواج مذموم شرعا وعرفا، وغير ذلك، فهل يجب علي طاعته؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخي الحبيب- في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك مع الموقع، وحرصك على معرفة حدود الله تعالى في طاعة والدك.
وقبل الجواب عن السؤال مباشرة، نذكرك -أيها الحبيب- بعظيم منزلة الوالد، وكبير حقه على الولد؛ فقد قال الرسول الكريم ﷺ: رضا الله في رضا الوالد، وسخط الله في سخط الوالد، والله تعالى جعل حق الوالد قرينا بحقه، وجعل طاعة الوالد وبره مقرونين بتوحيده تعالى وعبادته، فقال سبحانه: ﴿وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا﴾.
ومما لا شك فيه أنه يجب على الولد أن يطيع الوالد فيما يأمره به من المعروف، أو مما ليس فيه معصية الله تعالى، ولا يتضرر به الولد، هكذا يقرر العلماء حدود طاعة الوالد.
وفي خصوص هذه المسألة التي أنت فيها:
الذي فهمناه من قولك: "لكنها غير شرعية" أنها بنت ليست لها نسب شرعي، بمعنى أنها بنت متولدة من الزنا، وإذا كان الأمر كذلك؛ فما ينهاك عنه الوالد قد يكون له حظ كبير من الصواب، وينبغي أن تتذكر -أيها الحبيب- أن الزواج تترتب عليه أمور كبيرة في حياة الإنسان؛ فهو أولا عشرة طويلة، ومصاحبة طويلة بين الزوجين، وهو ثانيا: تسبب في الذرية والأولاد، وهؤلاء الأولاد من حقهم أن تتخير أمهم كما قال الشاعر يخاطب أولاده:
وأول إحساني إليكم تخيري ** لماجدة الأعراق باد عفافها
فالمرأة تنكح لنسبها، كما جاء في الحديث عن النبي ﷺ، فينبغي أن تجعل هذه الأمور نصب عينيك، وأن تدرك أن ما يأمرك به الأب أو معارضته لهذا الزواج له حظ كبير من النظر في المصلحة، واستقرار الحياة الزوجية، وأثر ذلك على الأولاد، وإن كان ذلك لا يعني أنه يحرم على الإنسان أن يتزوج ببنت الزنا ما دامت امرأة لائقة به، فإنها لا تحمل ذنب غيرها، ولا تتحمل جريمة ووزر غيرها.
ولكن الأمر هنا يتناول من طريق أخرى، وهي آثار هذا الزواج عليك أنت وعلى أولادك من بعدك، وعلى أسرتك، ومدى التوافق الاجتماعي بين الأسرة، وحصول التآلف، ونحو ذلك من المقاصد الكبيرة المهمة التي تبنى على الزواج، فينبغي أن تجعل هذا كله محفزا لك لطاعة والدك، والعمل بما يشير به عليك.
وأما بخصوص السؤال: هل يجب عليك أن تطيعه إذا نهاك عن الزواج بهذه المرأة المخصوصة؟
فالجواب: نعم، الفقهاء يقررون أنه يجب على الولد أن يطيع الأب ما دام ينهاه عن الزواج بامرأة معينة؛ لأن النساء غيرها كثير، ولا ضرر على الولد في الزواج بغيرها، وإنما يستثنون حالة واحدة، وهي: إذا كان التعلق بهذه الفتاة -أو بهذه المرأة- شديدا، بحيث يخشى عليه أن يقع في الحرام إن لم يتزوجها، ففي هذه الحالة يجوز له أن يخالف والده ويتزوجها، وما نظن أنك وصلت إلى هذه المرحلة.
ولذلك نصيحتنا لك أن تحرص على أن تتزوج بمن توافق الأسرة على زواجك بها، لتحصل على المقاصد التي سبق أن ذكرناها.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.