استأنفت الدراسة بعد سنوات من التوقف، فكيف أعوض ما مضى؟

0 9

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كيف تقدر قيمة نفسك، وأنت فقير في الخامسة والعشرين من عمرك، ولم تنجز شيئا، ولم تنه دراستك، وأنت لا تعمل، ولا تكسب مالا، ولا تعلم عن الحياة شيئا؟

وأنت في عمرك يجب أن تكون قد انطلقت في الحياة، وترى الأقران قد انطلقوا، وعملوا، وأنت لا زلت في نفس المرحلة التي كنت معهم فيها، وحاليا أنا أكمل دراستي بعدما تركتها عدة سنين، وأنجزت السنة الأولى من الاختصاص.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لك تواصلك وثقتك بموقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يشرح صدرك، ويقدر لك ما فيه صلاح دينك ودنياك.

بداية، ينبغي أن نؤكد أن قيمة الإنسان لا تقاس بما يملك من مال، ولا بما يحققه من إنجازات دنيوية فحسب، وإنما قيمته الحقيقية فيما يحمله من إيمان وتقوى، وصدق مع الله تعالى، قال سبحانه: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، وهذا المعنى يبعث الطمأنينة في قلبك بأنك عزيز عند الله ما دمت محافظا على طاعته، دون أن يتعارض ذلك مع السعي الجاد في الحياة، والأخذ بالأسباب المشروعة؛ لتكون شخصا ناجحا، وخاصة وأنت في مرحلة الفتوة والعطاء.

أما إحساسك بالغيرة من أقرانك الذين سبقوك في العمل أو الإنجاز: فهو شعور طبيعي نتيجة بعض التعثر في مسيرتك الحياتية، ولكن لا ينبغي أن يتحول هذا الشعور إلى إحباط أو جلد للذات؛ بل اجعله دافعا إيجابيا يحفزك على الجد والاجتهاد، فلكل إنسان ظروفه الخاصة، وما فاتك في الماضي يمكن تعويضه بالصبر والمثابرة.

وقد خطوت خطوة صحيحة بعودتك إلى الدراسة بعد سنوات الانقطاع، وأنجزت السنة الأولى من التخصص، وهذا في حد ذاته نجاح يستحق أن تشكر الله عليه، وتفتخر به، فهو بداية حقيقية لمستقبل أفضل، فاستمر في طلب العلم حتى تتم دراستك، وضع أمامك هدف التخرج والإتقان في مجالك.

وفيما يخص العمل والدخل: لا بأس أن تبحث عن عمل جزئي، أو فرص تدريبية بسيطة إلى جانب دراستك؛ لتكتسب خبرات حياتية، وتبني ثقتك بنفسك، حتى ولو كان العمل متواضعا في بدايته؛ فإن التجارب الصغيرة تصقل الشخصية، وتفتح أبوابا أوسع للمستقبل، فالنجاح يولد نجاحات متتابعة، والعبرة بالبدء والاستمرارية، وتجاوز العقبات.

أما عن مهارات الحياة والخبرات: فهي لا تأتي دفعة واحدة، وإنما تكتسب بالممارسة، والاحتكاك، والتعلم المستمر، ويمكنك البدء بخطوات عملية: كتنمية مهارات التواصل مع الآخرين، وتعلم مهارات جديدة، مثل: إتقان الحاسوب، والمشاركة في أنشطة تطوعية توسع خبرتك وعلاقاتك، مع الحرص على قراءة الكتب النافعة في تطوير الذات وإدارة الوقت.

ولا تثقل كاهلك بالتفكير بأنك يجب أن تنجز الآن وتحقق نجاحات كبرى؛ فهذا يزيد من قلقك، بل اجعل طريقك واضحا بخطوات تدريجية صغيرة متتابعة، وستجد أنك بعد حين قد حققت الكثير -بإذن الله-.

وأكثر من الدعاء واللجوء إلى الله، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز (رواه مسلم).

نسأل الله لك التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات