أقوم بجميع شؤون بيتي ولا أشعر بتقدير من زوجي، فماذا أفعل؟

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أعمل أستاذة، وأم لأربعة أطفال، أتحمل المسؤولية الكاملة في تربيتهم من حيث الدراسة والدين، وحتى في جوانب أخرى، راتبي يصرف بالكامل على البيت، وزوجي لا يبدي أي تقدير، ولو بكلمة طيبة.

في كثير من المواقف، عندما أطلب منه أمرا لا يعجبه، يبدأ بالصراخ لإسكاتي، وفي أحد الأيام، انزعجت منه، فأرسلت له رسالة كتبت فيها: "لا يكرمهن إلا كريم..."، فجاء وضربني. فقدت أعصابي من ذلك الموقف ومن كل الضغوط السابقة، فصرخت بصوت عال أطلب منه أن يبتعد عني، فقال لي: "لقد شوهت سمعتي، والحياة معك أصبحت لا تحتمل"، وفي كل نقاش أو مشكلة، يلقي باللوم علي، ويشعرني بالذنب، رغم أنني وقفت معه في ظروف صعبة كثيرة.

أنا لا أريد إلا رضا الله، وأخاف أن أكون مخطئة، أحيانا أشعر أن الحياة معه تستنزفني في كل الجوانب، وبعد عشر سنوات من العمل، قلت له إنه لا يصح أن يكون لي راتب لا أستطيع التصرف فيه، لكنه يرد بكلمات تدل على عدم اعترافه بخطئه، أو يهددني، أو يقول إن هناك من يريد خراب بيتنا.

لا أنكر جوانبه الإيجابية، من كرم وتحمل المسؤولية خارج البيت، لكن ما يرهقني هو أنه لا يتقبل أن أطرح عليه أي موضوع يخالف رأيه، ولا يسعى نحو التغيير، أقول له: "اذهب واسأل إماما"، فلا يرضى. أما عن دينه، فهو يصلي، لكنه نادرا ما يقرأ القرآن، ويستمع إلى الأغاني، ويشاهد الأفلام والبرامج المختلفة.

هناك أمر آخر: لا يريدني أن أضع عطلة مرضية في العمل عندما أكون متعبة أو مضغوطة؛ لأنه يقلل من راتبي، وعند بداية عملي، طلبت أن أعين والدي بجزء بسيط من راتبي؛ لأن إخوتي صغار ووالدي راتبه ضعيف، لكنه لم يقبل، ولا أنسى أنني سددت له ديونه، التي تعادل خمسة أضعاف راتبي، ومع ذلك، في أبسط حوار، يرفع صوته ويقول لي: "ما الشيء الذي قدمته؟"

هناك مواقف كثيرة، لكنني لا أستطيع سرد كل شيء، مع العلم أنني لا أتكلم مع والدي إلا عن جوانبه الإيجابية، كي لا أشوه صورته أمامهم، وليظلوا يحترمونه، ولا أحكي لهم عن مشاكلي إطلاقا.

أما بالنسبة لأهله، فكان يجبرني على الذهاب إليهم متى أراد هو، وعندما أشتكي منهم، يقول لي: "كوني أفضل منهم ولا تردي"، وكلما حدثت مشكلة، يقول: "من الذي حسدنا أو سحرنا؟" ولا يلوم نفسه أبدا.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور القمر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك أختنا الكريمة في "إسلام ويب"، وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله تعالى:

نشكر لك ثقتك بهذا الموقع، ونشعر بما تمرين به من ضغوط نفسية ومشكلات أسرية، ونسأل الله تعالى أن يكتب لك الأجر والمثوبة، وأن يجعل لك فرجا ومخرجا.

ونضع بين يديك بعض التوجيهات والمقترحات:

• ما يحصل لك أمر مقدر كتبه الله عليك قبل أن تخلقي، ولا شك أن فيه رفعة لدرجتك في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿إنا كل شيء خلقناه بقدر﴾، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء"، وقال أيضا: "كل شيء بقضاء وقدر، حتى العجز والكيس"، والكيس هو الفطنة.

• ما حصل لك هو علامة من علامات محبة الله لك، كما ورد في الحديث: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط"، فاحرصي على الرضا بالقضاء، واحذري من التسخط.

• يتبين من رسالتك أنك امرأة صابرة شجاعة، مدبرة لشؤون بيتك، تتحملين عبئا كبيرا في تربية الأولاد، وأعباء المنزل، والعمل، والالتزامات المالية، هذا جهد عظيم تؤجرين عليه إن شاء الله.

• لا شك أن زوجك قد يكون من النوع الذي لا يظهر التقدير، وهذا يؤثر على نفسيتك، لكن مع الصبر واحتساب الأجر وكثرة الدعاء؛ سيزيل الله الغشاوة عن قلبه، والأصل أن النفقة واجبة على الزوج، وإن كان التعاون بين الزوجين مستحبا.

• زوجك بحاجة إلى تقوية إيمانه بالمواظبة على الأعمال الصالحة، كقراءة القرآن، والنوافل، والصيام؛ فذلك يرقق القلب ويزرع الرحمة، كما يحتاج إلى رفع وعيه بمسؤولياته تجاهك.

• عند وقوع الخلاف، تجنبي رفع الصوت؛ فذلك يزيد المشكلة تعقيدا ويفقدك الحق، اختاري الوقت المناسب للحوار بهدوء.

• ذكري زوجك أن النفقة واجب شرعي عليه، واسأليه: ماذا لو تركت العمل أو مرضت؟ كيف سيتصرف؟ هذا قد يجعله يعيد التفكير.

• لا مانع من مساعدتك له في النفقة، ولكن لا حق له في منعك من إعانة والديك، بل الأولى أن يشجعك؛ لأنه بر وصلة رحم.

• من إيجابياته: الكرم، وتحمل المسؤوليات، وهذه محاسن تستحق الثناء، أما رفع صوته وعدم تقبل النقاش، فهي عيوب تحتاج منك للصبر واللين.

• كونه يحافظ على الصلاة أمر طيب، وسيأتي وقت تنهاه صلاته عن المنكرات بإذن الله، امدحيه على محافظته عليها، وشجعيه على قراءة القرآن ولو قليلا كل يوم.

• يمكنك تشغيل القرآن في البيت، أو إرسال مقاطع مؤثرة له؛ فربما كانت سببا في صلاح حاله.

• اهتمي أنت أيضا براحتك وصحتك، وخذي إجازة عند الحاجة؛ فصحتك مقدمة على الراتب.

• اجتهدي في تقوية إيمانك أنت كذلك، بالمحافظة على الصلاة، والأذكار، والنوافل، وتلاوة القرآن، ومشاركة زوجك في بعض العبادات، قال تعالى: ﴿من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة﴾.

• داومي على الأذكار، وخاصة أذكار النوم التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم لعلي وفاطمة رضي الله عنهما، ففيها بركة وعون.

• أكثري من الدعاء في أوقات الإجابة، واسألي الله أن يصلح زوجك ويعينك؛ فهو سبحانه القادر على ذلك.

• نثني عليك لأنك تحافظين على صورة طيبة لزوجك أمام أهلك؛ وهذا دليل عقل وحكمة وحرص على الأسرة.

وخلاصة الأمر: اجمعي بين الصبر والاحتساب، والسعي في الإصلاح بالحكمة واللين، وثقي أن الله مطلع على جهدك وصبرك، وسيجزيك خير الجزاء.

نسأل الله تعالى أن يقر عينك بصلاح زوجك، وأن يرزقك حياة مطمئنة مستقرة، إنه سميع مجيب.

مواد ذات صلة

الاستشارات