تعطُّل الزواج دون أسباب واضحة: هل يعني وجود سحر أو عين؟

0 7

السؤال

أعاني من وقف الحال في الزواج دون أسباب واضحة، وجميع أفراد المنزل يحلمون بكوابيس، خاصة عند قراءة سورة البقرة، وأشعر بالخوف أثناء القراءة، لكنني أستمر، إلا إن الوضع أصعب بالنسبة لأختي، حيث تمرض وتصدر أصواتا أثناء النوم، ولا تستطيع ذكر أي سورة من سور الرقية إلا بالبكاء وتنميل في الجسم.

أصبحت تتناول أدوية الاكتئاب، وأخشى أن أزيد من القراءة بجانبها، ونحاول التداوي في المنزل من خلال قراءتي للرقية، وشرب الماء المقروء عليه، ولا يوجد قارئ أثق بأنه لا يستعين بالجن، فما الحل؟ وما الخطوات العلاجية الممكنة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بدون حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

أولا: نسأل الله تعالى أن يمن علينا وعليكم بالعافية، ويصرف عنا وعنكم كل سوء ومكروه.

قد أحسنت -ابنتنا الكريمة- حين توجهت بالسؤال عما ينفعك، فإن أفضل عمل يقوم به الإنسان أن يتعلم من دين الله تعالى ما يدله على الخير، ويرشده إلى المصالح الحقيقية، فالعلم نور أنزله الله تعالى يستنير به الإنسان المسلم، ويستضيء به في طريقه، فلا يستوي من يمشي في طريق مظلم مع من يمشي في طريق مضيء، يرى فيه ما ينفعه وما يضره، نسأل الله تعالى أن يمن علينا وعليكم بالتوفيق للعمل بما في كتابه وسنة رسوله ﷺ.

ومن الإرشادات المهمة في كلام رسول الله ﷺ: التحرر من الأوهام، فإن الوهم يزيد الإنسان ضعفا إلى ضعفه، ويضاعف عليه المرض، وليس شيء أنفع للإنسان من قوة النفس؛ فإن قوة النفس تدافع الأمراض والأسقام مدافعة أشد من مدافعة الأدوية لها، ولهذا فإن الأوهام التي تصيب الإنسان باليأس، أو الخوف والقلق، ينبغي للإنسان أن يدافعها ما استطاع، فلا يستسلم لمجرد الوهم بأنه مصاب بالسحر أو بالعين أو غير ذلك، فإن هذا الوهم يضعف قواه النفسية، ويصيبه بأنواع من الأحزان والمخاوف.

ولذلك لما رأى النبي ﷺ رجلا قد وضع على يده حلقة، أو ربط على يده خيطا، فقال له: ما هذا؟ قال: من الواهنة، فقال: انزعها، فإنها لن تزيدك إلا وهنا، يعني أن الوهم خاطئ، والمداواة الخاطئة له، لا تزيد الإنسان إلا مرضا فوق مرض.

فأول ما ينبغي أن تفعلوه -أيتها العزيزة-: التحرر من مجرد الوهم وأنكم مصابون بسحر، أو ما سميته أنت بوقف الحال في الزواج، أو غير ذلك، كوني على ثقة من أن قدر الله تعالى لا يوقفه شيء، فقدر الله نافذ، وقد كتب الله تعالى مقاديرنا وأرزاقنا قبل أن نخرج إلى هذه الدنيا، فقال عليه الصلاة والسلام: إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.

فمن كتب الله تعالى له الزواج فإنه سيتزوج، شاء من شاء وأبى من أبى، ومن كتب الله تعالى له عدم الزواج، فإنه لن يتزوج، ولو اجتمع أهل الأرض جميعا على أن يزوجوه، فإنهم لن يقدروا على ذلك.

هكذا ينبغي أن يكون الإنسان المؤمن معتقدا هذه العقيدة، جازما بها، وقد أخبرنا الله تعالى في كتابه بهذه العقيدة، وجعلها دواء لأمراض النفس المحزنة، فقال سبحانه وتعالى: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذٰلك على الله يسير * لكيلا تأسوا علىٰ ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم} [الحديد: 22-23]. فإذا أيقن الإنسان بهذا المعتقد، فإنه لن يحزن على شيء فات، ولن يفرح بما هو موجود فرحا يخرجه إلى البطر والأشر.

فهذه أولى خطوات العلاج: الإيمان الجازم أن الله تعالى قد كتب المقادير، وأن هذه المقادير لا يستطيع الناس تغييرها مهما فعلوا.

ثم ننتقل إلى المرحلة الثانية، وهي مرحلة التداوي بالرقية الشرعية، فإن الرقية الشرعية مجرد أذكار تنفع ولا تضر، سواء كان الإنسان مصابا أو غير مصاب، وأفضل من يرقي المريض هو نفس المريض؛ لأن قلبه أقرب إلى الله تعالى، ولهذا ننصح كل واحدة منكن أن تداوم على الرقية الشرعية بنفسها.

والرقية الشرعية أمرها سهل يسير: أن تقرئي شيئا من القرآن الكريم: الفاتحة، وآية الكرسي، و{قل هو الله أحد}، و{قل أعوذ برب الفلق}، و{قل أعوذ برب الناس}، والآيات التي فيها إبطال السحر، تقرئي هذا على ماء، فتكثري من شربه، والاغتسال به، وتداومي على قراءة ذلك في كفيك، وتنفثي وتمسحي جسدك.

فإذا فعلت ذلك فإنك قد مارست الرقية، وحين يأذن الله تعالى بانكشاف البلاء سينكشف، فإن لكل أجل كتاب، وكم من مريض يبقى مصابا بالمرض سنوات، ثم يشفيه الله تعالى حين يحين الوقت الذي قدره الله، فلا تيأسي من رحمة الله، ولا تقنطي من ذلك.

واقرئي كتاب الرقية الشرعية، وهو كتيب صغير موجود على الإنترنت للشيخ محمد القحطاني، وفيه جملة من الأذكار الواردة في الرقية الشرعية، ولا تحتاجي إلى الاستعانة بمن يستعين بالجن أو غيرهم، نسأل الله أن يجنبك شرهم.

نسأل الله تعالى أن يصرف عنا وعنكم كل سوء ومكروه.

مواد ذات صلة

الاستشارات