السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الوضع المادي حاليا عند خاطبي صعب جدا؛ مما جعل أهلي يضغطون عليه، وهو يسعى ويعمل كل ما عليه، ولكن ربنا لم يأذن بعد!
ما الذي باستطاعته فعله ليزيد رزقه، خاصة وأن نيتنا أن يجمعنا الله على خير؟ وهل من الممكن أن أعمل وردا يوميا بنية أن يرزقه الله، أو أقرأ سورة الواقعة والشرح، أم ينبغي أن يفعل ذلك هو بنفسه؟
الدنيا صعبة جدا حاليا في تكلفة الشقة وباقي المستلزمات!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ nair حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -بنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يسهل أموركم، ويجعل لكم بعد العسر يسرا، وييسر أرزاقكم، ويعفكم بالحلال عن الحرام.
وقد أحسنت -ابنتنا الكريمة- حين سألت عن الأسباب الشرعية لزيادة الرزق، فإن الرزق له أسبابه، والله تعالى قدر المقادير، وجعل لها أسبابا، وينبغي للإنسان أن يأخذ بتلك الأسباب، والناس يقصرون أفهامهم وأذهانهم على الأسباب المادية من الكسب والسعي، ولكن هناك أسباب أخرى ينبغي الاعتناء بها وأخذها بعين الاعتبار، والاعتناء بتحقيقها والاهتمام بها.
ومن هذه الأسباب: صدق التوكل على الله، والاعتماد عليه، وتفويض الأمور إليه، مع الأخذ بالأسباب الأخرى، ومنها الأسباب المادية؛ فإن التوكل على الله تعالى بصدق سبب أكيد في جلب الأرزاق، كما قال الرسول ﷺ: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا.
ومن أسباب الرزق: كثرة الاستغفار؛ فإن الذنوب حائلة ومانعة من الوصول إلى الأرزاق، وقد أرشدنا الله تعالى في كتابه، وكذلك الرسول ﷺ في أحاديث سنته، إلى الاعتناء بالاستغفار والتوبة، قال الله -عز وجل- في سورة نوح: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا}.
والاستغفار ينبغي أن يكون شغل اللسان، وأن تلهج به على الدوام، وقد كان الرسول ﷺ في المجلس الواحد يعدون له مئة مرة أو أكثر: أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، فكيف بنا نحن؟! فإننا بحاجة إلى الاستغفار على الدوام، فأنت بحاجة إلى الاستغفار، وخاطبك بحاجة إلى الاستغفار.
ومن أسباب الرزق: الدعاء وسؤال الله تعالى، فينبغي للإنسان أن يدعو ربه بتيسير رزقه وتوسيعه، فيدعو الله وهو موقن بالإجابة، ومعتقد أن الله تعالى لا يعجزه شيء، ولا ينقص ملكه شيء، فقد قال سبحانه في الحديث القدسي: لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد، فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته، ما نقص ذلك من ملكي شيئا.
فالله تعالى كريم وهاب، فأكثروا من دعاء الله تعالى وسؤاله، وتحروا الأوقات التي يزيد فيها رجاء الإجابة، فالدعاء بين الأذان والإقامة، وفي حالة السجود، وفي الثلث الأخير من الليل، والدعاء حال الصيام، ونحو ذلك من الأوقات الشريفة، والحالات الكريمة التي يستجلب بها فضل الله تعالى، وتستجلب بها رحمته -جل شأنه-.
وليس هناك ورد من القرآن مخصوص يقرأ قصد جلب الرزق، إلا أن النبي ﷺ شرع لنا أن نقرأ شيئا من القرآن بقصد جلب الرزق، ورد في سورة الواقعة أن قراءتها تنهي الفقر، ولكنه حديث لا يصح، فينبغي للإنسان أن يكثر من الأعمال الصالحة: قراءة القرآن، والدعاء، والتسبيح، والاستغفار، ومع هذا وذاك يجتنب ما حرم الله تعالى، يجتنب ما نهاه الله عنه من الأقوال والتصرفات الأخرى بالجوارح الباقية، فيجتنب النظر إلى ما حرم الله، ويجتنب سماع ما حرم الله، ويجتنب أكل ما حرم الله، وهكذا، فإن الذنوب حائلة بين الإنسان وبين رزقه، وقد قال الرسول ﷺ: إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه.
وبعد هذا كله نقول -ابنتنا الكريمة- كونوا على ثقة من أن الله -سبحانه وتعالى- لن يضيعكم، وأنه سيعفكم بالحلال، ولكنه يختبر صبركم ليثيبكم على هذا الصبر، ويأجركم على هذه المعاناة، وستصلون -بإذن الله تعالى- إلى الفرج والتيسير، وتجتمعين مع خاطبك بالحلال، فإن الله تعالى معين كل من يسعى للعفاف بالنكاح، فقد قال الرسول ﷺ: ثلاثة حق على الله عونهم ومنهم ناكح يريد العفاف، وقال الله -عز وجل- في سورة النور: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله}.
وهذه إشارة إلى أن الله تعالى سيغنيهم، ولكن قد يأخذ الأمر بعض الوقت فيحتاج إلى صبر وتحمل، مع اللجوء إلى الله تعالى بصدق واضطرار، والأخذ بالأسباب الكافية الكاملة، وينتظر من الله تعالى الفرج.
نسأل الله تعالى أن ييسر لكم كل عسير، وأن يوسع أرزاقكم ويعفكم بالحلال عن الحرام.