السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر القائمين على هذا الموقع الرائع جزيل الشكر.
قبل فترة، أرسلت إليكم سؤالا حول أن زوجي قد هجرني منذ خمس سنوات، والآن -الحمد لله- سافر زوجي إلى المملكة العربية السعودية للعمل مع إخوته، وتواصل مع إخوتي، وأعادني إلى عصمته، وبدأ بإرسال المصروف لي ولابنتي.
الحمد لله بدأ يتحسن في تعامله معي، لكنني أرغب في الذهاب للعيش معه، مع العلم أنه لا يريد ذلك، هو يخطط للعودة إلى الوطن والبقاء معنا لعدة شهور، ثم يأخذني إلى قريته عند والدته وأخواته، وهن سبب هجره لي سابقا، ثم يعود إلى الغربة.
لذلك: بدأت أدعو الله ليلا ونهارا، وأكثر من الذكر، أن يسخر لزوجي عملا في مدينة أخرى مثل مكة أو المدينة، أو حتى في دولة أخرى، وأن يتكفل بي وبابنتي؛ لنعيش معه بعيدا عن أهله وأخواته.
أنا فقط أريد أن أعيش في طمأنينة مع زوجي وابنتي، وسؤالي: هل هذا الدعاء يعد من دعاء قطيعة الرحم؟ مع العلم أنهم أهله، ولن أمنعه من زيارتهم أو السفر إليهم أو حتى التواصل معهم، لكنني فقط لا أرغب في التواصل معهم أو زيارتهم؛ لأنهم السبب في هجر زوجي لي ولابنتي.
ولكم جزيل الشكر والتقدير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم سما .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونحمد الله -تبارك وتعالى- الذي رد زوجك إلى الصواب، فعاد الاهتمام بك وبابنتكم، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يجمعكم في الخير وعلى الخير.
لا مانع من الدعاء المذكور، تسألين الله من فضله، وللزوجة حق على أهله لا بد أن يؤديه، وعليه حق على زوجته وابنته لا بد أيضا أن يقوم به، هذا من المعاني المهمة؛ لأن الشريعة التي تأمر بالإحسان إلى أهله هي الشريعة التي تحذره من ظلم زوجته أو التقصير في حق ابنته أو أبنائه.
لذلك: كوني عونا له على الخيرات، فإذا كان الزوج قد عاد إلى الصواب وعاد إليك، وبدأ يصرف على البيت، وبدأ يقوم بمسؤولياته، فأرجو ألا تظهري إلا الخير، ولا تذكري أهله إلا بالخير، واجتهدي في طي الصفحات القديمة، واعلمي أن المكر لا يحيق إلا بأهله، كوني دائما حريصة على أداء ما عليك، وعلى إبراز الجوانب المشرقة.
ومهما كان في أهل الزوج من سوء، فلا تظهري له هذا السوء، ولا تبادري بالعناد، فإن بادروا بالشر فالأمر سيعود إليهم، والعاقبة للصابرين وللمتقين، والقرآن دعا إلى أن يدفع الإنسان بالتي هي أحسن، ويعامل الناس بالحسنى، فكيف إذا كان هؤلاء الناس هم أهل الزوج وأخت الزوج؟
نحن لا ننكر أنه قد يأتي منهم الشر، وقد يكون في بعضهم غيرة، لكن من أجل عين تكرم ألف عين كما يقال، في سبيل المحافظة على زوجك قد تحتاجين إلى أن تتسلحي بشيء من الصبر، واجتهدي في أن تكوني مع زوجك، حتى لو عاد وأخذك إلى أهله، فأرجو أن تغيري طريقتك ونظرتك للحياة، وللتعامل مع الناس، واعلمي أن القليل من الصبر يربح به الإنسان، والقليل من الصبر تكون العاقبة لأهله، والإنسان في هذه الدنيا لا يعدم من يؤذيه، ولكن بشرى للصابرين؛ ومهر الجنة غال.
ومن المهم أن تتفادي كل ما يسبب الاحتكاك، وكل ما يعيد عقارب الساعة إلى الوراء، فأنت الآن عرفت أهله وعرفوك، وعرف قيمتك وأرجعك وقام بما عليه، وكل هذا دليل على أنه عرف قيمتك وعرف الواجبات التي عليه، فكوني عونا له على الطاعة، وكوني عونا له على التعامل الحسن مع أهله، ولا تذكريهم إلا بالخير، حتى لو ذكروك بغير ذلك فالله -تبارك وتعالى- يدافع عنك، ويدافع عن كل مظلوم، وخير للإنسان أن يكون في هذه الدنيا مظلوما لا ظالما.
نسأل الله أن يرده إلى الخير والصواب، ولا مانع من الدعاء بأن ينال عملا في مكة أو المدينة ويأخذك معه، وأيضا يقوم على أهله، وأسعدنا أنك لا تمانعين في أن يكون وفيا لأهله؛ لأن هذا هو المطلب الشرعي، ومثل هذا الدعاء لا يكون فيه -إن شاء الله- قطيعة للرحم، فأنت لم تسألي الله أن يقطع أهله، وإنما سألت الله أن ينجيك من المكائد والمصائب التي كنت تقعين فيها بسببهم.
نسأل الله أن يردنا جميعا إلى الحق والخير والصواب.