السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود استشارتكم، قبل أسبوعين كنت في الليل بالسيارة والمطر ينهمر بشدة، ومع صوت الرعد والبرق، انتابني خوف شديد، وقلبي أخذ يخفق بسرعة، وكنت أقول: "سأموت الآن بحادث،" و-الحمد لله- وصلنا بالسلامة.
بعد يومين كانت الساعة السابعة صباحا، كنت على وشك النوم، فجأة وقع زلزال في المكان، فخفت في تلك اللحظة وحسبت أني سأموت أيضا، وأنا لست مستعدة للقاء الله، وما زلت أخطئ.
ثم في الليل ماذا فعلت؟ لم أتمكن من النوم، فجأة في التاسعة صباحا بدأ قلبي يخفق بسرعة، فقمت مذعورة وشعرت بدوار خفيف، وأصبحت قدماي باردتين، وكنت أحسب أني سأموت لا محالة.
فذهبت إلى أمي وأخبرتها، فتحدثت إلي قليلا، فشعرت براحة يسيرة، ونمت، واستيقظت مرتاحة، ثم عادت الحالة، فأصبحت لا أقدر على الأكل، وأجد صعوبة في شرب الماء لابتلاع الطعام، قست ضغطي بجهاز الضغط، فكان قلبي مرتفعا قليلا، مرة 100 ومرة 80، والضغط منخفض.
وبحثت عن الأعراض، فظهرت لي أن هذه هي الأعراض التي تسبق الموت، فأصبحت أنتظر موتي، وحتى عندما أصلي، أشعر بملك الموت ورائي، مرة من الخوف قطعتها، ومرة أكملتها بسرعة، وأصبحت لست مرتاحة في غرفتي، وأتخيل أنه واقف في الزاوية، وسيأتي منها ليقبض روحي.
ولما أحاول النوم، أشعر بشيء ساخن يتجمع في قلبي، يستمر في التجمع فأتعرق، ثم ينفجر، وتنتشر برودة في جسمي، وأشعر بشعور غريب في المعدة، ليس شعورا بالألم، لكن كأنها فارغة.
بعد يومين توقفت هذه الأعراض، وعادت إلي شهيتي، لكن لا تزال الأفكار وخفقان قلبي السريع أحيانا، لا أتمكن من النوم حتى الصباح، حتى تبدأ الحركة في البيت، ولاحظت أن حساسيتي للأصوات قد زادت قليلا، وأصبحت أخاف.
فماذا أفعل؟ أخرج لأجلس مع عائلتي، أو أجلس وحدي أفكر في الموت، والشعور بعائلتي ولحظة الموت، ولما أكون في القبر.
لست قادرة على تحديد ما إذا كانت هذه أعراض موت حقيقية أو وسواس موت؛ لأن عندي إحساسا دائما أصدقه، لانه أحيانا يصدق؛ لذلك جاءني إحساس الموت هذا، وأخافني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
ما حدث لك هو ما نسميه بـ (نوبة هرع، أو فزع، أو هلع)، وهي حقيقة مسببة في حالتك، حيث إنه يعرف تماما أن أصوات الرعد والبرق والأمطار الشديدة والزلازل -وكل هذه الظواهر- قد تسبب لكثير من الناس مخاوف وعدم شعور بالطمأنينة، وهذه المخاوف قد تتحول إلى ما نسميه بـ (نوبة الفزع، أو الهلع)، وهؤلاء الأشخاص في الغالب لديهم شيء من الميل لنوبات الخوف الوسواسية.
الحالة -إن شاء الله- بسيطة جدا، وأنت الآن -بحمد الله- تحسين أنك أفضل، وهذا شيء طيب، والذي حدث لك -أيتها الفاضلة الكريمة- كما ذكرت لك هو (نوبة فزع)، وهي بالفعل مزعجة، لكنها ليست خطيرة أبدا.
الشعور بدنو الأجل وأن الموت قادم؛ هذا شعور عادي جدا مع هذه الحالة، ومعظم الذين يصابون بنوبات الفزع يأتيهم هذا الشعور، وطبعا هذا مزعج، لكن في الحقيقة الأمر يجب أن نرجعه إلى أصله، وهو أن الأعمار بيد الله، وأنا أؤكد لك أن هناك دراسات أشارت إلى أن الذين تأتيهم نوبات الفزع قد يكونون أطول عمرا من غيرهم، فأرجو أن تطمئني.
أما بالنسبة للعلاج السلوكي، فأرجو ألا تتجنبيه، بل تلجئي إلى ما نسميه بالتعريض أو بالتعرض لمصدر خوفك.
أريدك أن تشاهدي مقاطع (فيديوهات) للمطر وللبرق وللزلازل، وتقرئي حول هذه الظواهر وكيفية تكونها؛ هذا يعتبر نوعا من التعريض والتعرض، وهذا يجعلك أكثر مواءمة وتكيفا مع مصدر خوفك، فأرجو أن تقومي بهذه التمارين البسيطة؛ لأن التجنب يعزز الإحساس بالخوف من المصدر ذاته، ولأن في التجنب تقوية للخوف بدلا من التغلب عليه.
وأيضا هناك تمارين نسميها تمارين الاسترخاء، وأهمها تمارين التنفس المتدرجة، أريدك أيضا أن تطبقيها، ويمكنك الرجوع إلى استشارة رقم: (2136015) في موقعنا، وتطبيق ما ورد فيها، كما أنه توجد على اليوتيوب فيديوهات ممتازة جدا توضح كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء، خاصة تمارين التنفس المتدرج. بصفة عامة أريدك أيضا بالآتي:
• أن تشغلي نفسك بما هو مفيد.
• وأن تحسني إدارة وقتك.
• وأن تجتهدي في دراستك.
• وأن تتجنبي النوم النهاري بصفة مستمرة وبصورة قاطعة.
• وأن ثبتي وقت النوم الليلي.
• وأن تحرصي على أذكار النوم، وأذكار الصباح والمساء.
هذا كله -إن شاء الله- يأتيك بخير كثير جدا.
أيضا أريدك أن تكوني فعالة وإيجابية داخل الأسرة، وقطعا بر الوالدين يجب أن يكون على رأس الأشياء التي تهتمين بها وتقومين بها، وعلى رأس أولوياتك كذلك: الصلاة على وقتها، والأذكار، والورد القرآني اليومي؛ هذه الأمور لا بد أن تكون جزءا أساسيا من حياتك.
بقي أن أقول لك: حتى أطمئن تماما على حالتك، أريدك أن تتناولي دواء معروفا، دواء سليما وفعالا جدا، بجرعة صغيرة ولمدة قصيرة، هذا الدواء -إن شاء الله- سوف يقطع هذه الظاهرة تماما، الدواء يعرف باسم (إسيتالوبرام - Escitalopram) هذا هو اسمه العلمي، وله عدة أسماء تجارية منها: الـ (سيبرالكس - Cipralex) .
تحصلي على العبوة التي تحتوي على تركيز (10 ملغ)، وابدئي في تناوله بجرعة 5 ملغ (نصف حبة من تركيز 10 ملغ) يوميا لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها حبة كاملة (10 ملغ) يوميا لمدة شهرين، ثم خفضي الجرعة إلى (5 ملغ) يوميا لمدة عشرة أيام، ثم (5 ملغ) يوما بعد يوم لمدة عشرة أيام أخرى، ثم توقفي عن تناول الدواء.
هذا الدواء بسيط جدا، وهذه جرعة صغيرة، وهو سليم، غير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، ويعرف أنه يعالج وبفعالية كبيرة نوبات الفزع والهلع والخوف والوساوس.
إذا كان خفقان القلب لا يزال موجودا ومزعجا لك، فهنالك دواء آخر يسمى تجاريا (إندرال - Inderal)، واسمه العلمي (بروبرانولول - Propranolol)، يمكنك تناوله بجرعة (10 ملغ) صباحا لمدة أسبوع أو أسبوعين، ثم تتوقفي عن تناوله.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وشكرا لك على تواصلك مع إسلام ويب.