السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
منذ ثمانية أسابيع أنجبت طفلة، وبعدها تعرضت لحالة تسمم حمل بعد الولادة، دخلت إلى العناية المركزة لمدة أربعة أيام، وتعافيت بعدها -ولله الحمد-، بعد يومين من مغادرة العناية المركزة، فجأة أصبت بضبابية في الرؤية، زرت أطباء كثيرين للعين وللدماغ، أجريت فحوصات مختلفة وأشعات للشبكية ولقاع العين، وكانت كلها سليمة، وكذلك أجريت رنينا مغناطيسيا للدماغ، وكان سليما، ومن هنا بدأت الأعراض تزداد.
أصبحت أعاني من الدوخة وعدم التوازن، وتنميل، وضغط في جوانب الرأس ومؤخرته ووسطه، خصوصا عند الانحناء، وعدم القدرة على تحمل الأصوات.
الوسواس يقتلني، لا أعرف ماذا أفعل! أشك في وجود ورم في الدماغ، وأشك في نتائج الرنين المغناطيسي، وزرت طبيبة نفسية لأن الكل يقول إنها حالة نفسية، وأنا لست مقتنعة؛ لأن الأعراض تزداد سوءا. حياتي تدمرت، لا أعرف ماذا أفعل!
للإضافة فقط: الرنين المغناطيسي كان سليما، ولكنه أظهر وجود آفات صغيرة مزيلة للميالنين غير محددة في الجزء القذالي الأيسر للدماغ، هل يمكن أن تسبب هذه الآفات هذه الأعراض؟ وهل يمكن للحالة النفسية أن تسبب هذه الأعراض الجسدية؟
جزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب، ونبارك لك الطفلة: بارك الله لكما فيها، ورزقتما برها، وبلغت أشدها، وشكرتما الواهب سبحانه وتعالى، وجعلها قرة عين لك ولزوجك، والحمد لله الذي شفاك وعافاك.
أنا أطمئنك تماما أن هذه الأعراض الجسدية -أو الأعراض البدنية- منشأها ليس عضويا، هي في الغالب نوع من الأعراض النفسوجسدية.
هذه الحالة نشأت لأن التجربة التي مررت بها ليست تجربة سهلة: دخول العناية المركزة، وتسمم الحمل، هذا قطعا من الناحية العضوية، ومن ناحية التبعات النفسية، يؤثر على الإنسان، والحمد لله أن أمورك طيبة جدا.
أنا لا أقول لك: أنت متوهمة، ولكن هذا نوع من التجسيد النفسي لعرض عضوي حدث، وكثيرا ما يبدأ الإنسان ويدخل في نوع من الاجترارات والوسوسة، ويكون غير مطمئن، وتحدث هنالك من التأويلات السلبية المستحوذة ما يجعل الإنسان يظن أن الذي به لا بد أن يكون مرضا رئيسيا أو أساسيا...وهكذا.
الحمد لله، الرنين المغناطيسي سليم، وأنا لا أعتقد أن لديك علة عضوية أبدا، حتى موضوع الـ (ميلانين - Melanin) من وجهة نظري: هذا مجرد اكتشاف عن طريق الصدفة، ليس له أهمية إكلينيكية.
فأرجو أن تطمئني، ويمكنك مثلا أن تكرري هذه الفحوصات أو تقابلي الطبيب بعد ثلاثة أشهر، وفي الوقت الحاضر لا بد طبعا أن تتناولي أحد الأدوية المضادة للقلق والوسوسة، وأفضل عقار هو (السيرترالين - Sertraline)، والذي يسمى تجاريا باسم (زولفت - Zoloft) أو (لوسترال - Lustral) ربما تجدينه في بلادكم بمسمى تجاري آخر.
أرجو أن تتواصلي مع طبيبتك -الطبيبة النفسية-، وأنا متأكد أنها سوف تصف لك هذا الدواء الفعال جدا لعلاج مثل هذه الحالات، وإذا لم تتحسني بعد عشرة أيام من بداية الدواء، يمكن أن يدعم بدواء آخر اسمه العلمي (سولبرايد - Sulpiride)، هذا هو اسمه العلمي، ويسمى تجاريا (دوجماتيل - Dogmatil)، وهذا تحتاجين لتناوله لمدة شهر واحد.
أما السيرترالين فيجب أن تتناوليه لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، ويجب أن تصلي إلى الجرعة الوسطية، وهي (100 ملغ)، السبب في هذا أنك الآن في فترة النفاس، وهي فترة هشاشة نفسية بصفة عامة، قد يتكاثر فيها القلق والتوتر، خاصة القلق التوقعي والمخاوف والوساوس، ولا نريدك أبدا أن تكوني عرضة لذلك.
أرجو أن تعيشي الحياة بقوة وبأمل ورجاء وتفاؤل، وافرحي بطفلتك، وأرجو أن تديري وقتك بصورة ممتازة، وممارسة رياضة المشي ستكون مفيدة جدا بالنسبة لك.
أحسني إدارة وقتك، وتجنبي الفراغ، واحرصي على ورد من القرآن يوميا، والأذكار، والصلاة على وقتها، وكل هذا يعتبر دعائم رئيسية لكل مسلم، خاصة في مثل هذه الأوضاع.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.