السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كنت في علاقة محرمة -مجرد كلام- مع فتاة، وكان أهلها وأهلي على علم بذلك، كانت مثالية في كل شيء تقريبا، لكن بحكم واقعي وكلما اقتربت أكثر من الله، كنت أشعر بحرمة هذه العلاقة والذنب الذي نرتكبه.
كما أن المستقبل أمامي، وحياتي لم تتضح ملامحها بعد، لذلك صارحتها برغبتي في قطع العلاقة، أو الاكتفاء بالكلام في أضيق الحدود بحكم الزمالة -لأنها زميلتي في الكلية-، وألا نتحدث إلا في الحالات النادرة المتعلقة بالدراسة، وكنا ندعو الله أن نكون من نصيب بعضنا،وأوضحت لها ثلاثة أسباب لقراري:
السبب الأول: حرمة هذه العلاقة.
السبب الثاني: عدم ضمان مستقبلي وخوفي على مستقبلها.
السبب الثالث: أنني ما زلت في طور بناء نفسي، وعلى الرغم من دراستي في كلية الهندسة، فإن ملامح مستقبلي لم تتضح بعد.
كنت بالنسبة لها كل شيء حرفيا، وكانت دائما تثق بي في كل ما أقوله، وفي كثير من الأمور، وبما أني لم أسئ إليها يوما، فقد زاد ذلك من تعلقها بي، وعندما أخبرتها بقراري حزنت كثيرا، ولا أستطيع وصف إحساسها ولا كلامها الذي دل على شدة حزنها.
لا أستطيع التقدم لخطبتها ماديا بأي شكل، خصوصا مع عدم امتلاكي المال، أو مستقبل مضمون حتى الآن، فهل أنا على خطأ، أم أن قطعي العلاقة معها كان صوابا؟ وهل ما فعلته صحيح أم خطأ؟ وإن كان خطأ فما الصواب إذن؟
شكرا لحضراتكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك بالموقع، كما نشكر لك أيضا حرصك على الخير لنفسك ولهذه الفتاة، وعدم استغلالك لمشاعرها وعاطفتها وتعليقها بك، مع أنك لن تستطيع الزواج بها، فهذا كله يدل على خصال الوفاء والطيب فيك، ونسأل الله تعالى أن يكافئك بهذا الإحسان إحسانا.
ولا شك -أيها الحبيب- أنك قد وفقت توفيقا عظيما حين اتخذت قرار قطع التكلم مع هذه الفتاة، في غير حالات الحاجة، كحاجات تخص دراستكم في الكلية أو نحو ذلك، فهذا القرار قرار صائب، ونافع أيضا، نافع لك ونافع لها، وفيه التزام أيضا بالتوجيه الشرعي.
فإن القرآن الكريم أرشد المرأة في خطابه الموجه لأمهات المؤمنين (زوجات الرسول ﷺ) وهن خير النساء وأطهرهن، وجههن بقوله سبحانه وتعالى: ﴿فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض﴾، فالكلام الذي قد يكون فيه نوع من اللين، أو الحديث عن الحب والتعلق والغرام، أو نحو ذلك من الكلام، لا شك أنه باب شر، وإن سلم الإنسان من شره اليوم، فإنه لا يضمن أن يقع في شراك الشيطان غدا، ولهذا حذر الله تعالى من هذا الباب.
فينبغي أن يكون الكلام مع هذه الفتاة عندما تدعو الحاجة إلى الكلام معها، وفق الضوابط الشرعية الأخرى، وهذا لا يعني قطع الأمل مطلقا بأن تتزوجها، فيمكن أن يبقى التواصل بينكما عن طريق الأهل من الأسرتين -النساء، كأمك وأخواتك ونحو ذلك- وفي الوقت نفسه ينبغي أن تعود نفسك -وتعودها أيضا- على احتمال عدم تقدير الله تعالى للزواج بينكما، فهذا قد يكون هو المقدر عند الله تعالى في الغيب، فأنت لا تعرف ذلك، والنفس إذا يئست من الشيء سهل عليها نسيانه.
ونسيان هذه الفتاة في هذه المرحلة -أو محاولة التغلب على الميل إليها والتعلق بها- هو الخير بالنسبة لك، لا شك في ذلك ولا ريب، لتتفرغ لدراستك، وأداء الأعمال المطلوبة منك، ولكون الغيب المستقبلي لا يعلمه إلا الله، فلا تدري هل قدر الله تعالى الزواج بها، أم ستوجد حوائل تمنع من ذلك، فخير لك أن تحارب هذا التعلق من أوله، فإن العشق والحب إذا تمكن من القلب، عسر على الإنسان بعد ذلك مداواته.
فالخير لك ولها -بلا شك- في أن تقطعا هذا النوع من التعلق الآن، ونصيحتك كانت جميلة، وهي التوجه إلى الله تعالى بالدعاء، وسؤاله -سبحانه وتعالى- أن يقدر الخير لكما، وأن ييسر زواجكما إذا علم الخير في ذلك.
فالخلاصة -أيها الحبيب- أننا معك في اتخاذ هذا القرار، وهو قطع الكلام معها بالطريقة التي كنتما عليها من قبل، والاقتصار على الكلام الذي تدعو إليه الحاجة، وتقليل رغبة النفس وتعلقها بهذه الفتاة بخصوصها، فربما يقدر الله تعالى الزواج بها وربما لا يقدره، فاستمر على ما أنت عليه، وهي وإن حزنت لهذا الكلام في أول الأمر، ولكنها ستتعود عليه في المستقبل وتألفه، ويقل حزنها، وربما خفف عنها هذا أحزانا كثيرة متوقعة، فيما لو استمر الحال بينكما على ما كان عليه من قبل.
نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.