بلغت الثلاثين ولم يتقدم لي أحد! كيف أقنع نفسي بالرضا؟

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أقترب من الثلاثين من عمري، ولم أحظ بإعجاب أحد؛ فلم يتقدم لي أحد، وعلى الرغم من أن ذلك الموضوع لا يشغلني، لكن كثرة الكلام ممن هم حولي أرهقني كثيرا؛ فأنا أشعر بالشفقة من ناحية البعض، والذل من ناحية البعض الآخر.

لقد أرهقت نفسيا، بالرغم من أنني أعمل في عمل مرموق، وأكمل الدراسات العليا -والحمد لله-، ولكن نظرة الناس لي تشعرني بالنقص والضيق، وعدم تقدم أو إعجاب أحد بي، جعلني أفقد الثقة في نفسي أيضا، أتمنى أن يرزقني الله زوجا كما أريد.

أقرأ دائما سورة البقرة، ويس، وأصلي فروضي -ولله الحمد-، وأكثر من الحوقلة والتسبيح، ودعاء النبي موسى: "رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير"، فهل من أدعية أخرى علي أن أقولها؟ وهل هذا يعد عقابا من الله لي؟

أرجو الرد في أسرع وقت إن أمكن، وجزانا الله وإياكم كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mai حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يبلغك ما تأملينه من الخير.

ونحب أن نطمئنك أولا -ابنتنا العزيزة- إلى أن ما يجري عليك من قدر الله تعالى إنما يجري بمقتضى رحمة الله تعالى، وحكمته، ولطفه؛ فكل ما يأتيك أو تفقدينه إنما يحدث بتدبير الله تعالى وتقديره، والله تعالى أرحم بك من نفسك، وهو مع هذه الرحمة الواسعة أعلم بمصالحك.

وإذا تفكرت في هذه المعاني جيدا زال عنك كثير من الهم، وكم من شيء يتأخر على الإنسان، ولكن يدخره الله تعالى له، ليفاجئه به بشكل أحسن، وعلى هيئة أجمل، فكوني واثقة من حسن تدبير الله، ومن لطفه تعالى في تقديره لك.

أنت مطالبة بأن تأخذي بأسباب الخيرات التي تتمنينها، والأرزاق التي تريدين الوصول إليها، ثم بعد أخذك بالأسباب المشروعة الجائزة، فوضي الأمور إلى الله تعالى، وكوني على ثقة من أن اختياره لك خير من اختيارك لنفسك، قال الله تعالى: ﴿وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون﴾ [البقرة:216]، وقال سبحانه: ﴿ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم﴾ [الحديد:22]

فكل شيء قد كتبه الله قبل أن نخرج إلى هذه الدنيا، قال النبي الكريم ﷺ: (إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة)، وقال ﷺ: (جف القلم بما أنت لاق) يعني قد كتب كل شيء، فلا تذهب نفسك حسرات، ولا تثقلي على نفسك بالهم، واعلمي أن كل ما كتب لك سيأتيك، وأن ما قدر الله تعالى عليك فقده، فإن فقده هو الخير.

أول ما تطالبين به -أيتها الكريمة- وينبغي أن تجتهدي فيه، أن تحسني علاقتك بالله تعالى، والحد الأدنى منها: أن تحافظي على الفرائض التي أمرك الله تعالى بفعلها، وتجتنبي المحرمات التي نهاك الله تعالى عنها، ثم بعد ذلك ينبغي أن تستكثري من نوافل الأعمال، سواء كانت بدنية مثل الصلاة، أو مالية مثل الصدقات إذا قدرت على ذلك، أو باللسان، مثل: التسبيح والتهليل، أو بالقلب: كالتأمل والتفكر في مخلوقات الله، وغير ذلك من أنواع العبادات، فإن الاستكثار من هذه العبادات طريق موصل -بإذن الله تعالى- إلى أنواع السعادات، فلذة الأرواح وأنسها بمناجاة الله تعالى، والاشتغال بعبادته لذة فوق كل لذة، وربما فتح الله تعالى لك هذا الباب، ووجدت فيه من الأنس والراحة والاطمئنان ما لا يجده غيرك من المتزوجات، واللاتي تملأ بيوتهن الذرية، فسعادة النفس وسعادة القلب تأتي من الداخل.

فصلي قلبك بالله تعالى، وعمريه بأنواع الطاعات، وداومي على ما أنت عليه من الخير من كثرة الذكر، وقراءة القرآن، والحوقلة، والتسبيح، والدعاء؛ فهذه كلها عبادات جليلة، فاستمري على ما أنت عليه، وعلقي آمالك بالله، وادعي الله تعالى وأنت موقنة بالجواب، وأن الله تعالى يقدر على أن يعطيك، ولكنه قد يؤخر لمصلحة.

لا تظني أبدا أن وصولك إلى زواج سعيد بعيد على الله تعالى، فهذا أمر سهل يسير على الله، فأكثري من دعاء الله تعالى بيقين، وخذي بالأسباب الأخرى مثل: التعرف على النساء الصالحات الطيبات، فهن خير من يعينك للوصول إلى زوج صالح.

لا تلتفتي إلى ردود أفعال الآخرين، أو مواقفهم، وكوني على ثقة من أن كل واحد من الناس يعاني من نقص في حياته، وإنما تختلف الصور فقط، وكل واحد يعاني من نقص وألم؛ فهذه الدنيا جبلت على هذا الكدر، ولا يمكن أن تصفو لأحد، ربما يخفى عليك فقط ما يعانيه الآخرون، فلا تظني أبدا أن الجميع يعيش سعادة كاملة.

اسألي الله تعالى من فضله، وكوني على ثقة من أنه -سبحانه وتعالى- لن يخيب ظنونك، ولا يذهب بك الشيطان بعيدا، فتظنين أن ما أخره الله تعالى عنك من الثواب عقوبة لك، ولكن التوبة مطلوبة، فجددي حالك دائما مع الله.

نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان.

مواد ذات صلة

الاستشارات