السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عمري 18 سنة، وأنا طالب في السنة الجامعية الأولى، وعدني والدي بأنني إذا حققت إنجازا كبيرا هذا العام، وأصبحت من المتفوقين بين زملائي، فسيكافئني بشراء هاتف حديث.
مع بداية هذه المرحلة الدراسية الجديدة، عانيت من وساوس شديدة صاحبها قلق واضطراب نفسي، فبدأت بتناول دواء "زولفت" بجرعة نصف حبة (حوالي 25 ملغ)، ثم وصلت إلى جرعة حبة كاملة (50 ملغ)، ومع الاستمرار في العلاج، لاحظت تحسنا كبيرا في حالتي النفسية؛ إذ أصبحت أذاكر بتركيز، وأحفظ وأراجع وأستوعب دروسي جيدا، وشعرت أنني أقترب من هدفي الدراسي.
لكن هذا التحسن صاحبه شعور شديد بالفرح والبهجة، وفي تلك اللحظات بدأت أشعر بوجع قوي في القلب، وخفقان، وعدم انتظام في النبض، وكان هذا الأمر مقلقا جدا بالنسبة لي، ولهذا السبب قررت التوقف عن الدواء، بعدما أصبحت قادرا على المذاكرة بصورة أفضل.
بعد ذلك، اعتمدت على العلاج النفسي فقط، وكان قائما على تجاهل تلك الأفكار الوسواسية التي أعاني منها، وبالفعل، خفت الأعراض بعض الشيء، وتمكنت من الاستمرار في دراستي، غير أن وجع القلب عاد لي من جديد في لحظات الفرح والسعادة، التي أشعر فيها بالقدرة على المذاكرة والدراسة، تماما كما حدث أثناء فترة تناولي للدواء.
مشكلتي الأساسية أن ألم القلب، والخفقان، وعدم انتظام النبض، يظهر دائما في لحظات الفرح الشديد، وتحسن حالتي الدراسية، في حين أن مثل هذه المواقف يعيشها الناس عادة بصورة طبيعية، دون أن يصاحبها أي ألم.
أرجو من حضرتكم التوضيح: ما السبب وراء هذا العرض؟ وهل هو مرتبط بالدواء، أم بالحالة النفسية، أم أن هناك سببا عضويا يستدعي إجراء فحوصات خاصة بالقلب؟
وجزاكم الله خيرا، وبارك الله فيكم، ونفع بكم جميعا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -أخي الفاضل- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك أولا تواصلك معنا بهذا السؤال.
ثانيا: نثمن وعيك وفهمك لطبيعة المشكلات النفسية، وبأنك ذهبت للعلاج للعيادة النفسية، وأخذت العلاج (زولفت -Zoloft – سيرترالين)، وزدت الجرعة من 25 إلى 50 حتى حصلت على تحسن جيد، ثم بعد ذلك -ولعدة أسباب- أوقفت الدواء واعتمدت على جلسات العلاج النفسي، وهذا إن دل هذا على شيء، فإنما يدل على وعيك وإدراكك لكيفية التعامل مع التحديات والصعوبات النفسية، وهذا أمر جيد.
ثم شرحت -أخي الفاضل- أنه عندما تكون في تحسن واضح وتشعر معه بالغبطة والسرور، قد يزداد هذا الشعور، حتى تشعر بتسرع ضربات القلب، خفقان القلب وألم في الصدر.
لا أعتقد -أخي الفاضل- وأنت في هذه المرحلة العمرية من الشباب (الثامنة عشرة)، أنك تعاني من مرض بدني، وإنما هناك سببان:
السبب الأول: أحيانا مضادات الاكتئاب والوسواس (مثل الزولفت) قد تدفع الشعور إلى حالة من الهوس -التي هي معاكسه للاكتئاب- بزيادة الفرح والغبطة، والذي قد يترافق مع ألم في الصدر أو خفقان القلب، هذا الاحتمال أو السبب الأول.
السبب الثاني: طبيعتك حساسة، فعندما تكون في راحة نفسية وتشعر بالبهجة والسرور، فإن شعورك هذا يكون مبالغا فيه، فإذا كان هذا هو الأمر الثاني؛ فغالبا ستعتاد على هذه الحالة من أن تشعر بالسرور من دون الألم النفسي.
ولكن أخيرا، إذا انشغل بالك وذهب إلى إمكانية أن يكون هناك شيء بدني تعاني منه، فلا مانع من أن تذهب إلى طبيب الأسرة (الطبيب العام) ليقوم بإجراء بعض الفحوصات، وليطمئنك بأن أمورك طيبة بإذن الله.
وأخيرا: لا بأس أن تعود إلى الزولفت، ولكن بجرعة خفيفة بسيطة 25 ملغ، فهي أولا تعينك على الاستمرار من التخلص من الأفكار الوسواسية، وبنفس الوقت تعينك على أن يكون شعورك بالراحة معتدلا متوازنا.
أدعو الله تعالى لك بتمام الصحة والعافية.