أصابتني حالة هستيرية بعد وفاة أحد المشاهير، فما علاجها؟

0 7

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا آسف على أي إطالة، ولكنني والله تعبت!

أود أن أبدأ بجذر الموضوع: منذ أن كنت صغيرا، فعندما كان يروى لي عن أمور مخيفة -مثل أن طفلا مات وهو يستحم-؛ أصبحت وأنا صغير لا أشرب من الماء أثناء الاستحمام كما كنت أفعل، أو مثلا: سمعت أن أحدا مات بسبب الحر؛ فكنت أخشى الحر جدا؛ كي لا يصيبني ما أصابه، وقد أصابتني نوبة هلع بسبب ذلك وأنا صغير!

باختصار: أنا أعاني من المخاوف عندما أسمع شيئا.

مرت الأيام بشكل طبيعي، وعشت حياتي كالمعتاد، والحمد لله أنا أصلي، وكنت أحب المسجد جدا جدا، خاصة في السنة الثانية من المرحلة الثانوية، وفي أيام صلاة التراويح؛ كان ذلك عشقا، وكنت أشعر بالفخر عندما أخرج منه، وكنت أحب صلاة الفجر جدا أيضا، إلى أن وصلت إلى المرحلة الثانوية العامة، فكان ضغط المذاكرة يلهيني عن أي تفكير.

في مرة وأنا في حصة من حصص الرياضة، شعرت برغبة مفاجئة في التقيؤ، وكأنني دائخ وأنا جالس وسأسقط، حتى هدأت نفسي ببعض الكلمات، وأكملت اليوم، ولم أركز في هذا الإحساس مرة أخرى بسبب ضغط الدراسة، وفي صلاة التراويح في رمضان الماضي، لم أكن سعيدا بها كما كنت سعيدا بالتي قبلها، لكنني قلت في نفسي ربما بسبب التفكير في الدراسة.

إلى أن جاءت فترة المراجعات، كنت قبل أن أذهب لمحاضرة الفيزياء قد صليت الفجر في المسجد، فأصابتني نوبة هلع شديدة جدا، حتى إنني كدت أن أخرج من الصلاة؛ لم أكن قادرا، ولكن -الحمد لله- أكملت، وبعد ذلك بفترات قليلة صليت الفجر ثانية في المسجد، وأصابني الشعور ذاته، حتى قلت: "لا، الأمر صعب، لن أفعلها مرة أخرى، وعلى كل حال: أنا أصلي في المنزل".

مرت الأيام بسلام دون مشاكل، إلى أن جاء وقت امتحان الكيمياء، وأنا في الامتحان ذاته أصابتني دوخة، واضطررت إلى النزول إلى دورة المياه لأستعيد وعيي، وفي هذا الامتحان عموما لم أوفق فيه، وعندما عدت وأنا غضبان فوجئت بوفاة لاعب كرة قدم مشهور جدا.

شخصيا، لم يؤثر في الأمر كثيرا، لكن الفكرة خوفتني جدا، ومع خوف الامتحانات في ذلك اليوم، حدث لي اختلاط رهيب في المشاعر؛ مما سبب لي ضيقا في التنفس وهبوطا في ضغط الدم، لكني -الحمد لله- عدت.

حتى لا أطيل أكثر، بعد النتيجة مباشرة، أصابتني حالة هستيرية شديدة جدا، كان أصعب يوم في حياتي، وحالة مخيفة جدا؛ لدرجة أنني أيقظت أمي من نومها، وبعد الكشف تبين أن لدي جرثومة معدة، وأكملت كورس علاجها وشفيت، ولكن ما زالت أحاسيس الخوف والقلق تلازمني، ولم أعد أعرف كيف يمكنني أن أرتاح!

ما هو الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء.

أيها الفاضل الكريم: حالتك -إن شاء الله- بسيطة جدا، بدأت ونشأت عندك باكتساب أنواع من المخاوف منذ الطفولة، والخوف في مرحلة الطفولة هو أمر عادي جدا، نعرف أن كثيرا من الأطفال قد يخافون من الظلام، أو من الرعد، أو من الحيوانات، وكل هذا أمر طبيعي جدا ومسلك عادي، ويعتمد أيضا على بيئة الإنسان التي نشأ فيها.

هذا الخوف تلقائيا يختفي عند معظم الناس، لكن بعضهم يظل معه وبصور مختلفة.

الآن أنت الذي لديك هي حالة قلقية مع مخاوف وسواسية بسيطة، وكذلك أتت نوبة الهرع -كما تفضلت- هذه ليست حالة مرضية -أيها الفاضل الكريم- هذه مجرد ظاهرة نفسية، وأنا أريدك أن تستفيد من هذا القلق، ومن هذا الخوف، ومن هذه الوسوسة، تستفيد منها بأن تحولها إلى طاقات إيجابية.

فمثلا: القلق هو الذي يدفعنا نحو الإنتاجية والجدية والبحث عن النجاح، والخوف: يساعدنا في أن نكون حذرين في بعض المواقف، والوسوسة: تجعلنا أكثر انضباطا في حياتنا، فهذه طاقات يمكن للإنسان أن يحولها إلى طاقات إيجابية.

وأريدك أن تتجاهل تماما الجانب السلبي في هذا الموضوع، وإن شاء الله تعالى مع العمر ومع الأيام سوف تختفي هذه الظاهرة تماما، فقط عليك بالاستفادة من وقتك، لا تترك للفراغ الزمني أو الذهني مجالا ليجعلك تتوتر وتقلق وتخاف وتوسوس.

استغل وقتك بصورة صحيحة، وأفضل طريقة لاستغلال الوقت بصورة طيبة وإدارته بصورة ممتازة هو: أن تتجنب السهر، النوم الليلي المبكر يؤدي إلى ترميم كامل في الخلايا الدماغية والجسدية، خاصة بالنسبة للشباب من أمثالك.

والأمر الثاني هو: أن تمارس الرياضة، أي نوع من الرياضة (رياضة السباحة، كرة القدم، الجري، كرة السلة، الكرة الطائرة)، أي نوع من الرياضة متاح لك، هذا سوف يساعدك على أن توجه طاقاتك توجيها صحيحا.

ومن المهم جدا أن يكون لديك أهداف، نعم، ضع لنفسك أهدافا، ومن أهم الأهداف طبعا هو: أن تكون شابا تقيا، بارا بوالديك، وهذا معروف، طرقه معروفة ووسائله معروفة، وعليك أن تكون من الناجحين والمتفوقين في دراستك.

إذا ضع أهدافا، وضع الآليات التي توصلك إلى أهدافك، وبهذه الكيفية سوف تصرف انتباهك تماما عن المخاوف والتوترات.

وهناك أيضا تمارين نسميها (تمارين الاسترخاء)، ربما تكون قد سمعت بها، هذه التمارين تمارين مفيدة جدا، منها: تمارين التنفس المتدرجة، وتمارين شد العضلات وقبضها، وتمارين التأمل والتدبر، هذه -يا أخي- مفيدة جدا، وتوجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية ممارستها، فأرجو أن تستفيد من أحد هذه البرامج.

بقي أن أقول لك إنه لا مانع أن تتناول دواء بسيطا جدا مضادا للقلق والخوف والوساوس، الدواء يسمى (فافرين -Faverin)، هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي (فلوفوكسامين -Fluvoxamine)، يناسب عمرك جدا، وهو سليم، وغير إدماني، ولا يسبب التعود، وأنت تحتاج له بجرعة صغيرة.

تبدأ بـ (50 ملغ) ليلا لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها (100 ملغ) ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم (50 ملغ) ليلا لمدة أسبوعين، ثم (50 ملغ) يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك كثيرا على ثقتك في استشارات إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات