السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متزوجة منذ 15 سنة، وقد رأيت من زوجي ألوانا من أساليب النذالة وسوء الخلق، فهو يسب الله تعالى والدين، ومقصر جدا في الإنفاق على أولادي، وكان لا يعمل، وكان أبي وإخوتي هم من يتكفلون بنفقة أولادي.
لدي أربعة أطفال، أكبرهم عمره 14 سنة، وأصغرهم سبع سنوات؛ ولأنني رأيت منه هذا الاستهتار بالدين والتقصير في النفقة، توقفت عن الإنجاب بأمر الله تعالى، مع أخذي بالأسباب.
هو رجل لا يكاد يتكلم إلا ويسيء الأدب مع الله عز وجل، ولا يحترمني لا أمام أهله ولا أمام أولادي، وإذا قلت له: لا تسب الله ولا الدين، يسخر مني ويقول: "ليس لك شأن، أنا حر"، وإذا دعوته إلى الصلاة، قال: "ليس لك شأن، ولن أصلي عنادا لك".
وهو يفتعل المشاكل من أتفه الأمور، ويبدأ بالسب والاستهزاء، ويقول ما لا يليق بالله تعالى، سبحان الله وتعالى عما يقول علوا كبيرا.
يتعامل مع أبنائه بتجبر، ولا يراعي مشاعرهم، ويتعمد إهانتهم أمام أهله وأصدقائه.
أعيش (والله) في ضيق لا يعلمه إلا الله، حتى إنني أدعو عليه بالموت في كل سجدة، وأنتظر أن يأتيني خبر وفاته، لما أرى منه هذا الفجور وهذا الظلم، وأصبح يفضحنا أمام الجيران حين يسب الله تعالى، ويسب الدين بصوت مرتفع يسمعه الجميع، وأمه للأسف تعينه على المنكر!
فكرت في الطلاق، ولكن أخشى على أمي، فهي مريضة بالسرطان، وأخاف أن يشتد عليها المرض إن سمعت بالأمر، وأبي يقول لي: "اصبري واحتسبي الأجر، واصبري من أجل أولادك، فالطلاق له مشكلات كثيرة، وأنا رجل كبير لا أستطيع الوقوف معك في المحاكم".
هو وأهله عائلة ظالمة متسلطة، أخاف أن يتسببوا في أذى لإخوتي إن طلبت الطلاق، ولهذا أفضل البقاء في البيت على ألا أتعرض أنا أو أولادي للأذى.
وأخشى أيضا أن يحرمني من أولادي، فهم متعلقون بي جدا، ويقولون لي دائما: "نحن ليس لنا أحد غيرك، لا تتركينا"، وفي إحدى المرات تركتهم، وعندما عدت وجدت أوزانهم قد نقصت، وكانوا خائفين.
أنا دائما أدعو الله أن يريحني منه بالموت، فقد دمرني نفسيا، ولم أر منه خيرا في ديني ولا في دنياي، لا نرى منه إلا السب والشتم.
كل ما يهمه أن يملك المال ليشتري الدخان، ويقضي سهراته مع أصدقائه، وإذا لم يجد الدخان، يجبر أولادي على الخروج والبحث له عن دخان بين الرجال في الحي!
لا أستطيع أن أدعو له بالهداية وأقول: "الله يهديه"؛ لأنه دمر نفسيتي ونفسيات أولادي، حتى إنهم يقولون لي: "نحن لا نحبه، هذا ليس أبا، هذا عدو، من يفعل هذا بنا هو عدونا".
والله أنا أنتظر على أحر من الجمر أن يقال لنا: "لقد مات، والآن يمكنكم أن ترتاحوا، فقد ذهب إلى غير رجعة".
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك.
ما تعانين منه هو ابتلاء عظيم، نسأل الله أن يثبتك، ويجبر كسرك، ويهدي زوجك، أو يعوضك خيرا، لكن الواجب الآن هو التصرف بحكمة واتزان، يحفظ دينك وأهلك وأولادك، دون تسرع ولا تهور.
أولا: تهدئة النفس والنظر بعين العقل:
- من الطبيعي أن يمتلئ قلبك غيظا من الأذى وسوء المعاملة، لكن القرارات في أوقات الغضب كثيرا ما تكون ندامة، خاصة والوضع عندك -كما ذكرت-، سواء من وضع والدتك (شفاها الله) أو غيرها؛ ولهذا عليك أن تتريثي وتضبطي مشاعرك حتى لا تزداد الأمور سوءا.
- لا تواجهي زوجك بالصراخ أو التحدي، بل بالهدوء والسكوت عند الغضب؛ لأن الجدال مع شخص سريع السباب قد يثير الفتنة ولا يجلب إصلاحا.
ثانيا: الأخطاء التي يجب تجنبها:
1. لا تجعلي أولادك طرفا في المشكلة، ولا تتحدثي أمامهم بسوء عن أبيهم؛ حتى لا يزداد حقدهم وتضطرب نفوسهم.
2. لا تتمني له الموت، ولا تدعي عليه، بل الجئي إلى الدعاء له بالهداية، أو بالدفع عنكم بالتي هي أحسن؛ فالله أقدر على أن يكفيك شره.
3. لا تتخذي قرار الطلاق وحدك، ولا تستشيري من لا يعرف طباعه ودينه، فربما وجد من يؤثر عليه بالنصح.
ثالثا: الاستعانة بأهل الخير:
من الحكمة أن تطلبي مساعدة من تثقين بدينه وحكمته من أهلك، أو من العلماء الذين يعرفون زوجك؛ فقد يكون في حديثهم معه خير كثير، فهم أقرب إلى فهم طبيعته، ويمكن أن يؤثروا فيه بالرفق والموعظة، وابدئي بالاستشارة الهادئة، لا بالشكوى الغاضبة، واشرحي حالك لأبيك أو لأحد إخوتك الموثوقين؛ ليبحثوا عن أحد العلماء أو أهل الصلاح الذين يعرفونه ويستطيعون نصحه برفق؛ فإن قبل النصح وتغير فذلك خير لكم جميعا.
رابعا: إن تعذر الإصلاح ولم ينفع النصح ولا الصلح؛ فعندئذ استشيري أهلك في الخطوة التالية، فهم أدرى بالوضع الاجتماعي والعائلي، وأعلم بمصلحتك ومصلحة أولادك. لا تتخذي قرار الانفصال أو البقاء وحدك، بل اجعلي أهلك شركاء في التفكير والمشاورة.
خامسا: التوجه إلى الله:
- اجعلي ليلك موضع مناجاة، وقولي: "اللهم أصلح زوجي إن كان في صلاحه لنا خير، واصرف عنا أذاه، واجعل لنا من أمرنا رشدا، وارزقني الصبر والحكمة فيما تحب وترضى"؛ فإن الدعاء الصادق في جوف الليل يغير من القلوب ما لا تغيره المواجهات.
باختصار:
اثبتي على دينك، وكوني حكيمة، وابتعدي عن الغضب والدعاء بالسوء، واستعيني بأهلك وأهل العلم الذين يعرفون زوجك، فإن أصلح الله حاله فذاك خير، وإن تعذر، فلتكوني على بينة من أمر أهلك واستشارتهم في كل خطوة.
ذلك هو الطريق الأقرب إلى الصواب، والأنسب لحالك وظروفك، ونسأل الله أن يخفف عنك، وأن يرزقك الصواب في الأمر، والله الموفق.