أخي الأكبر متسلط وعصبي ولا يقدر تعبي ودراستي!

0 0

السؤال

السلام عليكم

أخي أكبر مني بخمس سنوات، معروف في البيت بعصبيته وحبه للسيطرة والصراخ، وأمي من طريقتها في التربية أدرك أنها تحب أولادها، لكنها لا تسمح لهم بالمساعدة في البيت ولو قليلا، يعني لو لم نكن موجودين أنا وأمي وأختي، لا يطبخون ولا يلمسون أدنى شيء.

بعد زواج أختي، وبحكم أن لدي ثلاثة إخوة كبار وأب -حفظهم الله-، أصبح شغل البيت شاقا علي، وأنا أدرس في الجامعة، وأعود إلى المنزل متعبة جدا، كما حدث البارحة تماما؛ حيث إن أمي غابت لظرف ما عن المنزل، فلم نطبخ، وقررنا طلب الطعام من المطعم، وهو أمر نادر الحدوث، لكن أخي بدأ يوبخني، وقال لي: "لماذا أنت موجودة في هذه الحياة إذا لم تطبخي؟" والله يشهد أنني كنت مشغولة بدراسة شديدة؛ ولأني أعلم أن أبي وأمي لن يأكلا في البيت، لم أتعب نفسي.

قال كلاما جارحا، مع العلم أنني مخطوبة، وقال: "لو نوقف الخطوبة أحسن"، وقال لأمي: "ابنتك، أعيدي تربيتها، ترد الكلام علي"، وبصراحة، عندما بدأ بالصراخ، رددت عليه وقلت: "لست الوحيد الذي يتعب، وأنت تعمل في متجر فقط، تنتظر الزبائن، يمكنك أن تطبخ بسهولة، وأنا لا أريد الطبخ، أنا تعبانة فقط".

لكنه استمر في صراخه، فانسحبت من النقاش، وهذه ليست أول مرة، حتى إنه في إحدى المرات كاد أن يضربني بسبب أمر تافه، وهو التنظيف، لم أتكلم معه لأيام، ثم تداركت الوضع وعدت للكلام معه، لكن في البيت يلومونني أنا، وليس هو، فما رأيكم؟ وكيف أتصرف؟ وهل الطبخ والتنظيف واجب علي كل الوجوب؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فرح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أختي الكريمة: أسأل الله أن يفرج همك، وييسر أمرك، وأن يرزقك الحكمة والصبر في التعامل مع هذه المواقف الصعبة، ما تمرين به ليس بالأمر الهين، وأقدر مشاعرك وتعبك الجسدي والنفسي، سأحاول أن أقدم لك نصيحة شاملة تجمع بين تعاليم ديننا، ومبادئ التوازن النفسي والاجتماعي.

أولا: الواجبات المنزلية لا ينبغي أن ينظر إليها من زاوية قانونية (يجب أو لا يجب)، بل ينظر إليها من باب التعاون والإحسان، قال النبي ﷺ: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" [رواه الترمذي]، وهذا يدل على أن العلاقة الأسرية تقوم على المودة والتعاون، وليس على الإلزام أو السيطرة، كما أن من واجب الوالدين أن يعدلوا بين أبنائهم في التعامل، وألا يحملوا أحدا فوق طاقته، قال الله تعالى: "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" (البقرة: 286)، إذا كنت تشعرين بأنك تتحملين عبئا زائدا، فمن حقك أن تعبري عن ذلك بلطف ووضوح.

وعلينا ان نتذكر بأن الإسلام يحثنا على الصبر في مواجهة الأذى، خاصة من الأقارب، قال الله تعالى: "وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله"، (الشورى: 40)، ومع ذلك، فإن الصبر لا يعني السكوت عن الظلم، أو القبول بالإهانة، بل يعني التعامل بحكمة وهدوء.

ثانيا: إليك بعض الخطوات العملية للتعامل مع الوضع:
• اجلسي مع والدتك في وقت هادئ، وعبري لها عن مشاعرك بلطف واحترام، قولي لها إنك تحبين مساعدتها، ولكنك تشعرين بالإرهاق بسبب الدراسة والمسؤوليات، اطلبي منها أن تساعدك في توزيع المهام بين أفراد الأسرة.

• عندما يغضب أخوك، حاولي أن تبتعدي عن الجدال المباشر، قال النبي ﷺ: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" [رواه البخاري]، إذا بدأ بالصراخ، انسحبي بهدوء وعودي للنقاش عندما يهدأ.

• بعد أن يهدأ، حاولي التحدث معه بلطف، قولي له: "أخي، أنا أقدر تعبك، ولكنني أيضا أحتاج إلى دعمك وتفهمك، نحن أسرة واحدة، ويجب أن نتعاون".

• إذا استمر الوضع على ما هو عليه، يمكنك طلب تدخل والدك، أو أحد أفراد الأسرة الكبار الذين يحظون باحترام الجميع؛ الهدف هو إيجاد حل عادل يخفف العبء عنك.

• حاولي تنظيم وقتك بحيث تخصصين وقتا محددا للمساعدة في المنزل، دون أن يؤثر ذلك على دراستك، أو صحتك، يمكنك إعداد جدول بسيط يوضح المهام التي يمكنك القيام بها.

• أكثري من الدعاء بأن يصلح الله حال أسرتك، ويهدي أخاك، قال الله تعالى: "ادعوني أستجب لكم" (غافر:60)، ومن الأدعية الجميلة: "اللهم ألف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا واهدنا سبل السلام".

• يبدو أن أخاك يعاني من ضغوط نفسية، أو شعور بالمسؤولية الزائدة، مما يجعله يلجأ إلى الغضب كوسيلة للتعبير، حاولي أن تنظري إلى غضبه كإشارة إلى مشكلته، وليس كإهانة شخصية لك.

• خصصي وقتا لنفسك للاسترخاء والتفكر، يمكنك ممارسة تمارين التنفس، أو قراءة القرآن لتهدئة نفسك.

ختاما: تذكري أن الحياة الأسرية مليئة بالتحديات، ولكن بالصبر والحكمة يمكن تجاوزها.

أسأل الله أن يرزقك القوة والحكمة، وأن يصلح حال أسرتك، ويجعل بيتكم مليئا بالمودة والرحمة.

وفقكم الله.

مواد ذات صلة

الاستشارات