السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عمري 28 سنة، منذ فترة تعرضت لموقف أحزنني بشدة، وشعرت بعدها بقبضة في صدري وضيق شديد، ثم بدأت أتحسن تدريجيا، لكن عاد التعب من جديد، وأصبحت أشعر بضيق في التنفس، وكأنني لا أستطيع أخذ نفسي، مع كثرة التثاؤب بشكل ملحوظ.
رأسي لا يتوقف عن التفكير في أي شيء، وكل شيء، حتى أصبحت أشعر أنني أفكر بلا هدف، بدأت أخاف من الخروج إلى الشارع، خشية أن يصيبني هذا الضيق في الخارج، ولا أعرف كيف أتصرف، كلما فكرت في أمر معين، أشعر فورا بتأثيره على صدري، ويستمر هذا الشعور طوال اليوم.
لا أعاني من أي أمراض في الصدر أو القلب، لكن لدي نشاط في الغدة الدرقية.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ياسمين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب.
مثل هذه الأعراض التي انتابتك هي دليل على ما يسمى بعدم القدرة على التكيف، وهي أعراض قلقية توترية، ويعرف أن النفس الإنسانية حين تنقبض؛ تتحول هذه الأعراض من أعراض نفسية إلى أعراض جسدية، وأكثر أعضاء الجسد تأثرا هو القفص الصدري.
فأنت حين تعرضت لذاك الموقف الذي كان فيه نوع من الضيق، تحول هذا الضيق إلى توتر نفسي، والتوتر النفسي تحول إلى توتر عضلي، وكانت عضلات القفص الصدري هي المتأثرة أكثر من بقية الجسد، ولذا شعرت بهذه الضيقة في صدرك، وهذا مثال واضح جدا على ما نسميه الأعراض النفسوجسدية.
كثرة التثاؤب وعدم الشعور بالحيوية هما أيضا من الأعراض التي تصاحب حالات عدم الارتياح النفسي، أو الضيق كما تفضلت ووصفت.
وطبعا أن تكون المخاوف وليدة القلق، فالقلق لا يظل على حال واحد، بل قد يتحول إلى وسوسة، وقد يتحول إلى اكتئاب، وقد يتحول إلى مخاوف، وها أنت قد ظهر لديك هذا الخوف من أنك لا تكونين مطمئنة عند الخروج إلى الشارع.
الحالة – إن شاء الله – بسيطة جدا، وهي لا تدل على مرض نفسي حقيقي، لكنها ظاهرة مهمة جدا، وأنصحك بأن تتناسي موضوع الضيق هذا، وأن تعبري عن ذاتك، ولا تكتمي مشاعرك؛ لأن النفس لها محابس، والضيق والغضب يؤديان إلى نوع من الكتمان الشديد، خاصة إذا لم تفتح منافذ ومحابس النفس من خلال التعبير عن الذات.
فأرجو أن تعبري عن ذاتك، وتتحدثي حول الموضوع الذي لم تشعري حياله بالارتياح، عبري عن وجدانك، عبري عن كيانك في حدود ما هو معقول ومقبول للآخرين.
وأريدك أيضا أن تمارسي تمارين الاسترخاء، تمارين التنفس المتدرجة مهمة جدا ومفيدة جدا لهذه الحالات، ومن ذلك أن تأخذي شهيقا عميقا جدا عن طريق الأنف، وأنت في وضع استرخاء على السرير مثلا، وتغمضي عينيك قليلا، وتضعي يديك على صدرك دون قبض شديد، وتأخذي الشهيق كما ذكرت لك عن طريق الأنف بقوة وببطء، ويا حبذا لو استغرق هذا الشهيق 8 ثوان، وبعد ذلك احبسي الهواء في صدرك لمدة 4 ثوان، ثم بعد ذلك يأتي الزفير – وهو إخراج الهواء – ويكون بقوة وببطء وعن طريق الفم، ويستحسن أن يستغرق أيضا حوالي 7 إلى 8 ثوان.
يكرر هذا التمرين 5 مرات متتالية، ويمكن أن تعقبيه بعد ذلك أيضا بتمارين قبض العضلات وشدها ثم إطلاقها واسترخائها، ولتطبيق هذه التمارين على أصولها وبصورة ممتازة ومهنية، يمكنك الرجوع إلى أحد البرامج الموجودة على اليوتيوب، وأعتقد أن هذا كل ما تحتاجين إليه.
وبالنسبة لنشاط الغدة الدرقية: لا بد أن يعالج طبعا؛ لأن الإنسان حين تكون غدته الدرقية نشطة، ويكون هناك زيادة في إفرازها؛ فهذا يؤدي إلى سرعة الانفعال والتوتر، وربما تسارع ضربات القلب، فأرجو أن تتناولي العلاج الذي سيقرره لك طبيب الغدة الدرقية بعد إجراء الفحوصات.
لا أعتقد أنك في حاجة إلى دواء نفسي في هذه المرحلة، ووزعي وقتك بصورة جيدة، وكوني إنسانة فعالة مفيدة لنفسك، وكوني دائما إيجابية، وتجنبي السهر، واحرصي دائما على النوم الليلي المبكر، وقومي بواجباتك الدينية، خاصة الصلاة على وقتها، وكوني بارة بوالديك، وتجنبي الفراغ؛ هذه كلها علاجات مهمة جدا لمثل حالتك هذه.
نعم، لا أعتقد أنك في حاجة لعلاج دوائي، لكن إذا تكاثرت عليك هذه الأعراض ولم تتحسني، فلا بأس أن نصف لك بعد ذلك أحد الأدوية البسيطة التي تساعد على الخروج من هذه الحالة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.