زوجي طيب وحنون لكنه عند الغضب ينقلب شخصاً آخر!

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا في حيرة من أمري، وأثق برأيكم جدا.

أنا متزوجة منذ ثماني سنوات، ولدينا طفل وحامل بالطفل الثاني، شكواي هي من زوجي، هو إنسان طيب ومحترم، ويصلي، ويصوم، وحنون، ومتعاون جدا في الحياة اليومية، وبيننا تفاهم ومحبة كبيرة، ولكنه عند لحظات الغضب ينقلب إلى شخص آخر شديد العصبية والانفعال، يضرب ابنه ضربا مبرحا قد يؤذيه، ويرمي ويكسر الأشياء التي أمامه، ويؤذيني كثيرا بالسب والشتم، حتى أنه أصبح يشتمني ويشتم أهلي، ويبالغ دائما في الشتائم والقذف واللعن والسب، وحتى أنه قد يتلفظ بألفاظ تخرجه من الدين، كأن يقول: "أنا عدو ربك ورب أهلك"، وألفاظ كهذه -أعتذر عن اللفظ-، ودائما أخبره بأن هذا لا يجوز ويعد من الكفر، ولكنه في لحظات الغضب يكرر نفس الأخطاء، هل ما يفعله يعتبر كفرا؟ وهل أنا آثمة لبقائي مع هذا الزوج؟ وإلى متى علي الصبر على هذا الأذى؟

والسؤال الآخر: كان لدينا مشوار إلى سوق بعيد قليلا، فقال لي زوجي: "فلنصل صلاة الظهر ونقدم معها العصر من باب الاحتياط كي لا تفوتنا الصلاة" مع العلم أن المكان يوجد به حمامات ومصلى، ولكن من باب الاحتياط كما قرأنا في فتوى أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- جمع بين الصلاتين من دون حاجة، ولكن بشرط ألا يتخذها عادة، فقدمت صلاة العصر بنية أن لا تفوتني الصلاة، ولكن وفقنا الله بالوقت وعدنا إلى المنزل قبل المغرب، فتوضأت وصليت العصر حاضرة. أنا قلت في نفسي بما أنه لم تفتني الصلاة فلأصليها حاضرة، ولكن زوجي طلب مني إحضار الطعام قبل أن أصلي، فاستأذنته أن أصلي قبل أذان المغرب وأحضر الطعام بعدها؛ لأنني إذا أحضرت الطعام فستفوتني الصلاة ويدخل وقت المغرب، فقلت: "الصلاة أولا"، ولكنه غضب غضبا شديدا، وهجرني لأيام، وأصبح ينام في غرفة منفصلة، وهذا ليس من عادته؛ وهذا جعلني أشعر بالقهر الشديد، فأنا لم أفهم تماما سبب غضبه، وهو يرفض الكلام والنقاش معي نهائيا، فهل أنا مخطئة بإعادة الصلاة وقد صليتها جمع تقديم؟ وهل يحق له الغضب والهجران لهذا السبب؟ ماذا أفعل في هذه الحالة؟ وكيف أتعامل مع زوجي؟ فأنا أخاف أن يكبر أطفالي وهم يشاهدون هذه العصبية ويتطبعون بها، وكذلك أخاف أن يتعلموا هذه الألفاظ السيئة ويعتادونها، وكذلك أخاف أن أكون آثمة بأي من التصرفات التي ذكرتها سابقا.

أرجو المساعدة، فأنا أحب زوجي كثيرا، وأحب الحياة معه، ولكن عصبيته أصبحت متعبة جدا، وأنا في حملي وألمي لم أعد أطيق هذا الوضع، فقد صبرت عليه سنين ولم يتغير.

بماذا تنصحونني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ راجية الدعاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، وشكرا لك على الثناء على هذا الزوج بصلاحه وصلاته وطاعته لله -تبارك وتعالى-، ونسأل الله أن يهديه لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.

أما الجانب الثاني، وهو جانب الغضب والعصبية؛ فالغضب من الشيطان، ووصية النبي -صلى الله عليه وسلم- للرجل كانت: لا تغضب؛ لأن الغضب ركن من أركان الشر، فرددها مرارا، ويقول: أوصني، والنبي -صلى الله عليه وسلم-: لا تغضب؛ لأن هذا هو رأس الشر.

وإذا ابتليت المرأة بزوج غضوب؛ فإن عليها أولا أن تتفادى أسباب غضبه، وتعرف الأمور التي تزعجه، وتتجنب كل ما يعكر صفوه؛ لتكون عونا له على شيطان الغضب.

الأمر الثاني: إذا غضب ينبغي ألا تراجعه أو تجادله أو تكلمه؛ حتى لا يتوسع في الغضب، وإذا غضب الزوج فعلى الزوجة أن تهدأ وتصمت، وتخرج من المكان، وتحاول أن تأتي له بما يحب، ولا تحاوره في تلك اللحظات، وهذا من الأمور المهمة.

وعلى الغضبان أيضا أن يذكر الرحمن، ويتعوذ بالله من الشيطان، وأن يهجر المكان، وأن يمسك اللسان، وأن يهدئ الأركان، وإذا كان واقفا فليجلس، وإذا كان الغضب شديدا عليه أن يتوضأ؛ لأن الغضب من الشيطان، والشيطان من النار، والنار تطفأ بالماء، وإذا كان الغضب شديدا فعليه أن يسجد لله القائل: {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون} ما هو العلاج يا رب؟ قال: {فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}.

ما يحصل من الزوج لا يمكن أن يقبل من الناحية الشرعية، خاصة الألفاظ التي يخرجها، فإذا كان هذا بسبب الجدال معه؛ فأرجو أن تتجنبي صعود الغضب معه، وعليه بعد ذلك أن يحدث توبة من الألفاظ هذه ومن السب، فإن سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر.

أما ما ذكرت من الحكم الفقهي، فقد تحتاجين فيه إلى مراجعة الفقهاء، ويمكنك مراسلة مركز الفتوى في موقعنا.

وعلى كل حال، فإن طاعة الزوج من الأمور المهمة والأساسية، فتجنبي كل ما يثير غضب الزوج، وكل ما يجعله يخرج عن طوره فيعتاد هذه الألفاظ.

وأيضا مما نوصيك به: تجنبي الشجار معه، أو تفادي مثل هذه المواقف في حضور الأبناء؛ لأن الأبناء إذا شاهدوا هذا الغضب والتوتر والسب؛ فإن ذلك يترك آثارا خطيرة نفسية عليهم، وقد يتقمصون شخصية الوالد، فهو قدوة لهم، فيعتادون هذا السب، وهذا يضر الطرفين، فإن قيمة الوالد تنزل، وقيمة الأم تنزل، عندما يشاهدون هذا الشجار، وأنتم في مقام القدوة، وهبوط القدوة له أثر سلبي وخطير وكبير على هؤلاء الأبناء.

هذا أيضا مما ينبغي أن تتحاوروا فيه في لحظات الهدوء، حتى يتجنب مثل هذه الآثار السالبة، وإذا كان الزوج قد ذكرته بتلك الصفات الجميلة، فأرجو أن تتخذيها مدخلا إلى نفسه، وتقولي: "أنت مصلي، وأنت طيب، وأنت إنسان كريم، وأنت كذا، نتمنى أن تجتهد في تفادي الغضب، وتعوذ بالله من الشيطان، وإذا شعرت أنك متضايق من شيء فنبهنا حتى نعالج الأمر بهدوء".

ومرة أخرى: نؤكد أن دورك كبير جدا وعظيم في علاج هذه الحالة، إذا قال الرجل لزوجته: "أنا سيئ الخلق"، قالت له العاقلة: "أسوأ منك من يلجئك إلى سوء الخلق"، ومعنى هذا: أن نتفادى ما يزعج هذا الزوج ويجعله يغضب ويخرج عن طوره، وإذا تفادينا ما يغضبه وتفادينا ما يزعجه نكن وصلنا إلى 80% من حل الإشكال، وبعد ذلك إذا غضب: نهجر المكان ونهدأ، ولا نجادله في لحظات غضبه، ونلبي له الطلبات التي يريدها، ونسأل الله أن يعينك على الصبر، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأنت مأجورة على صبرك، وإذا لم تصبر المرأة على زوجها، فعلى من يكون الصبر؟!

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات