تعسرت أموري وخسرت أسرتي وابتعد عندي أصدقائي!!

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كلما أسعى في مصدر رزق ينتهي بـ "السلب"، وكأني لم أبدأه، رغم حجم المجهود المبذول؛ وهذا ما أدى إلى حالة الطلاق، رغم الإشادة بعلمي وخبرتي وأخلاقي، ولا أزكي نفسي، لكن المعتاد كلما أسعى في رزق يسير الأمر طبيعيا جدا، لكن النهاية واحدة: يختفي من كنت أتعامل معهم وكأني لم أرهم أو أكلمهم أو أجلس معهم، لا يستجيبون لاتصالاتي ولا لمراسلاتي، وكأنهم لم يعرفوني، وهذا كله في المرحلة الأخيرة من إتمام أي صفقة أو معاملة، وهذا الأمر لم يكن لمرة أو اثنتين، بل لمدة سنوات كثيرة؛ مما أدى إلى خراب البيت والطلاق وما يترتب عليه.

وهذا الأمر قائم حتى الآن، لدرجة أنني أصبحت لا أملك قوت يومي، ونظرة من حولي لي مليئة بالاستغراب على ما أنا فيه، وهم يعلمون كم أملك من القدرات والخبرات مما أنعم الله علي به، متسائلين وناصحين لي بالذهاب لأي أحد للعلاج، على حد قولهم: "إني معمول لي عمل أو ما شابه"، ما كنت آخذ كلامهم يوما على محمل الجد، حتى وصلت إلى ما أنا عليه الآن، اتهمت بالفشل، اتهمت بالعلاقات النسائية، كل من اتهمني لا يصدق ما أمر به، إنما اعتبروها أكاذيب أداري بها ما أمر به، ومنهم من كان شامتا!

ببساطة أنا في حالة وقف حال بائن ليس لي فقط، بل لكل من يعرفني، وهذا ما أعانيه -اللهم لا اعتراض- لكن فعلا أنا في معاناة شديدة جدا، وحقيقة فأنا لا أملك قوت يومي، وسني كبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

حلمت عندما كنت صغيرا أن الأرض تنشق وأنا أهوي حتى أصل إلى أرض ثانية، وبمجرد وصولي إليها تنشق فأقع وأهوي بداخلها حتى أصل إلى أرض ثالثة، وتنشق أيضا... وهكذا إلى ست أو سبع أراض، حتى قمت مفزوعا من النوم، هل هذا له علاقة بما أمر به في حياتي التي تقريبا على وشك الانتهاء دون أن أعيشها بالصورة المفترض أن أعيشها؟

وطبعا في ظل وقف الحال، لم أكمل عملي المعتاد كمهندس، وعملت كسائق أحيانا، وعامل أحيانا، وأعمال أخرى لكي أوفر لقمة العيش.

لقد خسرت بيتي، وأسرتي، وأولادي، وأقاربي، وأصدقائي، وكل من كان له علاقة بي ابتعد عني؛ لأني أصبحت حملا، وهذا حال الناس، فطالما كنت واقفا على رجلك وهما يحملانك فالأمور على ما يرام، ولكن عندما تسقط تصبح بلا قيمة.

أرجوكم أفيدوني، يمكن تكون رسالتي متأخرة، أتمنى أن أشعر بوجودي وسط أولادي قبل أن أموت، الله المستعان.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ جمال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولا: سعي الإنسان من أجل لقمة العيش والاستغناء عن الناس أمر مطلوب، حث عليه الشرع الحكيم، لكن قد يبتلى الإنسان فيسعى لكن لا يجد مطلوبه، فعليه بالصبر على هذا الابتلاء، وقد أحسنت -أخي الفاضل- في قولك: "اللهم لا اعتراض"، فما أجملها من كلمة تنبع من قلبك المؤمن! وهذا حال الإنسان بين نعمة يشكر الله عليها وبين ابتلاء يصبر عليه، كما ورد في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" رواه مسلم، والمؤمن إذا رضي بقضاء الله وقدره، فلا يحتاج الأمر إلى ما عبرت عنه في قولك: (وقف حال) أن يؤدي ذلك إلى الطلاق وخراب البيوت؛ فإن من أعظم ما يفرح الشيطان الطلاق بين الزوجين.

ثانيا: ذكرت بأنك متميز ومشهود لك بالإشادة بالعلم والخبرة والأخلاق، فلا تغفل هذه النواحي المميزة فيك، وإن ابتليت بصعوبة الحصول على الوظيفة أو صعوبة الحال في العمل؛ فإن الله تعالى يعطي ويأخذ ولا معقب لحكمه، وأنت عليك ببذل الأسباب والتوكل على الله، والحياة مليئة بهذه الأنماط، فالكثير لا يزال يبحث عن العمل أو الوظيفة، فلست وحدك في الميدان، لكن عليك بالتحلي بالصبر تنل الخير -إن شاء الله تعالى-.

ثالثا: إن كنت تشكو في مسألة العين حيث إن الذين يتعاملون معك لا يتعاملون مرة أخرى أو لا يستجيبون لاتصال منك، فلا بأس أن ترقي نفسك أو تطلب ممن يرقيك، واقرأ على نفسك الفاتحة سبع مرات، وتفقد أيضا كيفية معاملتك لعملائك، فالكلمة الطيبة صدقة كما قال رسولنا الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم-، ولا بأس بأخذ النصيحة من محبيك بطلبك العلاج أو الرقية الشرعية من شخص ثقة يتعامل بالكتاب والسنة، فلعلك -إن شاء الله- تنتفع بها.

رابعا: الشيء الذي قيل عنك فأنت أعلم بنفسك، فإن كان اتهاما وزورا وبطلانا فارم به عرض الحائط، وثق بنفسك ولا تجعل هذه الأقاويل تشعرك بالحزن والأسى، فاصبر وفوض أمرك إلى الله تعالى، واستعذ بالله من شماتة الأعداء.

خامسا: لا تفكر في هذا الحلم القديم، فما ذكرته لا يعدو أن يكون حلما من الشيطان، فاستعذ بالله من شره ولن يضرك -إن شاء الله-، ولا تفسره بما يوافق حالك، فالأمل في الله كبير، وقد ذكرت كلمة عظيمة وهي أن تقول "لا حول ولا قوة إلا بالله"، فإنها كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- كنز من كنوز الجنة.

سادسا: لا تيأس من رحمة الله، ولا تكرر هذا الكلام: "أنك خسرت بيتك وأسرتك وأولادك وأقاربك"، فما من مشكلة إلا ولها حل، فحاول أن تجلس مع نفسك وتفكر كيف تصلح هذه الخسائر التي ذكرتها، وسيعينك الله تعالى، فأحسن ظنك بالله، واقترب من أولادك؛ فإنك كما قلت بأنك تشعر بوجودك وسط أولادك، ومهما كانت الظروف يظل لك وزنك المثالي في أسرتك وأولادك، وأصلح ما بينك وبين الله يصلح الله ما بينك وبين الخلق.

وفي الأخير: أسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير والرزق، وأن يسعدك في الدنيا والآخرة، اللهم آمين.

مواد ذات صلة

الاستشارات