كلما هممت بالصلاة أتاني ما يشغلني أو ينسيني إياها.. أرجو نصيحتكم.

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أقوم بالوضوء للصلاة، لكن لا أستطيع أن أصلي مرة واحدة بسبب الانشغال، أو قدوم أحد، أو الرد على الهاتف، أو قيام أولادي بشيء يشغلني عن الصلاة.

أحيانا -وبدون سبب- أنسى الصلاة حتى وأنا متوضئة، وكثيرا ما تتكرر معي هذه الحالة، وأظل أفكر في رغبتي بالصلاة، وأشعر بشيء يعيقني عنها.

أرجو مساعدتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نهيل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولا، أحسنت في شعورك بحاجتك إلى حل مشكلة الانشغال عن الصلاة، وسؤالك يدل على الخير فيك، ولذلك أقول:

هذا الأمر الذي تعانين منه من كونك منشغلة عن الصلاة، سواء بالتلهي أو زيارة أحد أو بانشغال الأولاد، فالحل هو تعظيم قدر الصلاة، وقد ألف علماء الإسلام كتابا بهذا العنوان: (تعظيم قدر الصلاة) للإمام نصر المروزي -رحمه الله-.

فالصلاة لها منزلة عظيمة في الإسلام، لا تعدلها منزلة أي عبادة أخرى، فهي صلة بين العبد وربه، والصلاة عماد الدين الذي لا يقوم الدين إلا به، كما قال رسول الله ﷺ: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله (رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وحسنه الألباني).

والصلاة هي أول ما أوجبه الله تعالى من العبادات، وقد فرضها الله تعالى في ليلة الإسراء والمعراج خمسين صلاة في اليوم والليلة، ثم خففها عن هذه الأمة حتى صارت خمس صلوات في اليوم والليلة، فهي تؤدى خمس صلوات، لكنها في ميزان حسنات المسلم خمسين صلاة، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، كما جاء في حديث عبد الله بن قرط رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله (رواه الطبراني، وقال الألباني: لا بأس بإسناده).

والصلاة هي آخر وصية أوصى بها رسول الله ﷺ في لحظاته الأخيرة من هذه الدنيا، فقال: الصلاة، ‌الصلاة ‌وما ‌ملكت ‌أيمانكم (رواه أحمد وابن ماجه وأبو داود).

وقد حذرنا القرآن الكريم من الانشغال عن الصلاة وتأخيرها، فقال تعالى: {فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون} [سورة الماعون:4-5]، أي يؤخرونها عن أوقاتها؛ لأن الصلاة لها وقت محدد، الويل: واد ‌في ‌جهنم، والله تعالى يقول: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} [سورة النساء: 103] يعني: وقته عليهم، وفريضة معلومة.

وحذرنا القرآن الكريم أيضا من إضاعة الصلاة فقال تعالى: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا} [سورة مريم: 59]، والغي: واد أو نهر ‌في ‌جهنم.

فاحذري الانشغال عن الصلاة بما ذكرته، فلن يغنوا عنك شيئا من الله، وقد جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي ﷺ أنه ذكر الصلاة يوما فقال: من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورا ولا برهانا ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف (رواه أحمد بإسناد جيد، والطبراني في الكبير والأوسط، وابن حبان في صحيحه).

وعلق الإمام ابن القيم -رحمه الله- على هذا الحديث فقال: إن تارك المحافظة على الصلاة -يعني ليس تاركها كليا، وإنما يترك المحافظة عليها- قد يشغله ماله، أو ملكه، أو رئاسته، أو تجارته، فمن شغله عنها ماله فهو مع قارون، ومن شغله ملكه فهو مع فرعون، ومن شغله رئاسته ووزارته فهو مع هامان، ومن شغله تجارته فهو مع أبي بن خلف.

وإذا جاءك الشيطان بعد الوضوء ليشغلك عن الصلاة، فاستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وعلى المسلم أن يعظم قدر الصلاة، وعليه أن يرتب نفسه في أداء الحقوق والواجبات، فحق الله تعالى مقدم على حق المخلوقين.

والصلاة لا تأخذ منا وقتا طويلا، ولكن الشيطان يحرص على إشغال ابن آدم عنها، فقد ثبت في الحديث أن النبي ﷺ قال: إذا قرأ ابن آدم السجدة، فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويله -وفي رواية: يا ويلي- أمر ابن آدم بالسجود، فسجد فله الجنة، ‌وأمرت ‌بالسجود فأبيت فلي النار (رواه مسلم).

فلابد أن نجعل في قلوبنا هذه المعاني من تعظيم قدر الصلاة، ونسأل الله تعالى أن يحبب إلى قلوبنا الصلاة، وأن يبعد عنا شواغل الحياة، آمين.

مواد ذات صلة

الاستشارات