السؤال
السلام عليكم.
أنا رجل أعزب، عمري ٣٤ سنة خطبت مرتين، وكنت مرتاحا فيهما للمخطوبة شكلا، وقبولا، وروحا، ولكن عندما نصل إلى الاتفاقات أو فيما بعد فإن الموضوع لا يكتمل! فقلت لعله خير، ولعل القادم أفضل.
بعدها دخلت عدة بيوت، ولكني عند الرؤية الشرعية للفتاة لا أجد قبولا للشكل ولا الروح، فأرفض، وكم جلست مع أصدقاء لي، أو في الشارع، وأجد فتيات يعجبنني، ولكني أعلم أن الزواج ليس قائما على الشكل فقط، خصوصا وأني لم أطلب الفتاة ذات الشعر الأصفر، أو العيون الملونة، ولكني أطلب الجمال الرباني الذي يرضي الرجل.
منذ ٣ أيام بالضبط وجدت فتاة، وذهبت لكي أنظر إليها، فوجدت أنها خريجة الأزهر، وكل عائلتها -أبوها وأمها والعائلة كلها- أزهرية، وأصغر مني ب 8 سنوات، وكانت هي وأهلها كلهم فرحين بي، ولكني لم أكن سعيدا نهائيا، ولم أجد فيها قبولا لا للشكل ولا الروح، ولكن والدتي قالت لي: بأن أكمل الموضوع، وأن أخبرهم بموافقتي، وأن نحدد الموعد، وكان المفروض بعد 3 أيام، ولكني خلال تلك الفترة لم أكن أستطيع النوم، والتفكير يكاد أن يقتلني حرفيا، وضربات قلبي سريعة، مع سرحان، وعدم اشتهاء للطعام، وكل شيء بداخلي يرفض إكمال الموضوع، وأنني أريد من أرتضيها شكلا وروحا؛ لأنني لا أريد أن أظلمها معي.
فاتصلت بأبيها، واعتذرت له بأدب، ودعوت لابنته بالتوفيق، والرجل تقبل ذلك.
يا شيخ أنا فعلا حزين على نفسي؛ فأنا أتقدم في العمر، وقد كانت هذه الفتاة فرصة بالنسبة لي؛ فهي أصغر مني ب8 سنوات، ومن أهل الدين، وقد رضيت بي، ولكن ماذا أفعل في موضوع تقبل الشكل والروح في الطرف الآخر؟
الأمر الآخر: أن عمري الآن 34 سنة، وقد لا يقدر الله لي فرصة كهذه مرة أخرى، وأخشى أن يعاقبني الله على تنقلي بين البيوت ورؤية بناتهم، ويشهد الله أني لا أفعل ذلك إلا لأني أبحث عمن أجد قبولا لها عندي في روحها وشكلها، وأكون سعيدا معها، وأسأل الله أن يعوضني خيرا.
فهل أكون بذلك قد وقعت في عقاب الله، وأن باب زواجي قد قفل، ولن أجد من أرتاح لها، وسأظل أعزب طول عمري؟ وإلا متى سيكتب لي الزواج؟ فليس من الطبيعي أن لا أجد فتاة أجد فيها الرضا من بين كل تلك الفتيات؟
شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك -ابننا الكريم- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.
ونحب أن نبين لك أولا أن هذا الكون ملك لله، وأنه لا يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، وأن الحياة الزوجية تبنى على الرضا والقبول، والانشراح والارتياح؛ وهذه قاعدة أساسية، وأنه لا حرج على الإنسان بعد أن يخطب فتاة أن يتنازل أو تتنازل هي، أو يقرر أحد الطرفين إيقاف هذه العلاقة؛ فإن الخطبة ما شرعت إلا من أجل أن يتعرف الناس على بعضهم، وأن يؤسسوا حياتهم على تقوى الله ورضوان، وعلى أرضية ثابتة من قواعد الشرع.
وأسعدنا أنك عندما ترفض الحالة أنك تحسن الاعتذار، وهذا هو المطلوب؛ فليس هناك ما يجبر طرفا على القبول بالآخر، ولكن لا عذر لنا إن لم نحسن الاعتذار في حال الانسحاب، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينك على الخير.
ونحب أن ننبه إلى بعض القواعد المهمة التي لا بد أن تراعيها عند الاختيار:
• القاعدة الأولى: الكمال محال، والنقص يطارد الجميع.
فالكمال محال، والكمال لله وحده -سبحانه وتعالى-، وأن النقص يطاردنا رجالا ونساء، وبالتالي لن يجد الشاب فتاة بلا نقائص، ولن تجد الفتاة شابا بلا عيوب؛ فكلنا بشر، والنقص يطاردنا، فمن الذي ما ساء قط، ومن الذي له الحسنى فقط؟! والنبي ﷺ أيضا يعطي معيارا: إن كره منها خلقا رضي منها آخر.
• القاعدة الثانية: تقديم الدين على كل اعتبار آخر.
لا بد من تقديم الدين، وأنت –ولله الحمد– حريص على تقديم الدين، وإذا وجد الدين؛ فإن الدين يصلح ويغطي على كل النقائص، وكل كسر فإن الدين يجبره، وما لقناة الدين جبران.
• القاعدة الثالثة: الواقعية في الطلب والاختيار:
لا بد من الواقعية في طلب الزوجة أو الزوج عند الاختيار، وليس معنى هذا أن الإنسان لا ينتبه للجمال والجوانب الأخرى، ولكن كل ذلك لا وزن له إذا كان بعيدا عن الدين.
• القاعدة الرابعة: الدخول إلى البيوت من أبوابها، والاستخارة والاستشارة قبل القرار:
أولا: احرص على أن تدخل البيوت بعد التعرف على الفتاة، والجهة، والبيت بطريقة كاملة.
ثانيا: لابد أيضا أن تستخير وتستشير، فـ "ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار".
ثالثا: لابد أيضا أن تدرك أن الإنسان لن يجد كل ما يريده، ولكن لا بد من الواقعية في الطلبات كما قلنا.
أيضا من الأمور المهمة التي ننبه إليها: مسألة الرقية الشرعية، وقراءة الرقية الشرعية؛ لأنه في مثل هذه الأحوال قد يحتاج فيها الإنسان إلى مقابلة راق شرعي يقيم الرقية الشرعية على قواعدها وضوابطها الشرعية.
نسأل الله أن يعينك على الخير، وسيأتي اليوم الذي يوفقك الله ويضع في طريقك الفتاة التي قدر الله أن تكون زوجة لك، ونسأل الله أن يجعلنا ممن إذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا أذنبوا استغفروا.
لا حرج عليك في هذا الذي يحدث، ولكن ينبغي أن تحسب الخطوات بحسابات صحيحة ودقيقة، ونتمنى -كما قلنا- أن تنتبه لهذه المسألة، وتختار هذه المرة على قواعد ثابتة، وتحاول أن تشاور العقلاء من أهلك وإخوانك، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينك على الخير.
أرجو ألا تحزن لما حدث، وكل ما يحدث في هذا الكون مقدر من الله تبارك وتعالى؛ فالإنسان عليه أن يتخذ الأسباب والخطوات الصحيحة، ثم يتوكل على الكريم الوهاب، ويرضى بما قدره الله -تبارك وتعالى-.
نسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يجمع بينك وبين فتاة صالحة تعينك وتعينها على الطاعة، وتكمل معها مشوار الحياة، وأن يجمع بينكما في الخير وعلى الخير.