تعبت من الشعور بأن جسمي غير موجود، فماذا أفعل؟

0 2

السؤال

السلام عليكم.

لقد مررت بفترة من القلق والتوتر بعد مرض ابني، ثم ابنتي، ثم وفاة خالي، وبقيت أسبوعا كاملا أعيش في خوف، وبعدها أتاني شعور بأني انفصلت عن جسدي، وخرجت منه، كان شعورا قويا، بعدها هدأت، ولكن لم أعد أشعر بجسدي كالسابق؛ فأنا أشعر أن جسمي خفيف كالهواء، وشفاف، وأمشي بدون وعي، كأنني لست أنا من يمشي، وكأن هناك من يحرك جسدي، وأنا على هذا الحال منذ شهر ونصف.

ذهبت إلى طبيب نفسي، كتب لي سبرالكس، أخذته ليومين، وزادت الأعراض، فتركته، وكنت أقوم بتمارين التنفس ولكن دون فائدة.

قبل قليل صحوت من النوم، وكنت أمشي، وأشعر أن جسمي يتحرك وأنا لست في داخله، واستمررت بالمشي، وزاد الشعور؛ بحيث نظرت للسماء، وشعرت بأنني في السماء، وجسدي في الأرض، وهنا جلست على الأرض، وقلبي يخفق بشدة، ولم أعد أشعر بجسمي كالسابق، ماذا أفعل؟

أشعر أن جسمي غير موجود، لقد تعبت من هذا الشعور؛ فهو شعور مخيف ومرعب، أحس بأنني بدون وجه، وبدون جسد، يا لطيف الطف بي بلطفك الخفي.

ماذا أفعل؟ وهل هناك علاج لا يسبب لي القلق أو الشعور بالانفصال؟ وهل أستطيع أن آخذ (اولانزابين) أو أي دواء يريحني بشكل مباشر؟ فقد أصبحت أتمنى الموت حتى لا أشعر بذلك العذاب طول اليوم!

أشعر بأني شبح يمشي، تعبت جدا، عندي عائلة، وقد أهملت نفسي وأهملتهم.

رضي الله عنكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.

قرأت سؤالك -أختنا الفاضلة- أكثر من مرة، وحقيقة ما ورد فيه من أعراض وصفتها بشكل جيد، كأن تشعري بأن هناك من يحرك جسمك، أو أنك خارج هذا الجسم، أو أنك في السماء وجسدك في الأرض، نعم كل هذه الأعراض وغيرها التي وردت في سؤالك قد تدل على أحد ثلاثة احتمالات:

الاحتمال الأول: أن ما تمرين به أعراض ناتجة عن القلق والتوتر، وخاصة بعد مرض ولديك، ووفاة خالك –رحمه الله–، كنت أتمنى لو ذكرت لنا: منذ متى تمت الوفاة؟ ومنذ متى مرض ولدك وابنتك؟ لأن عامل الزمن مهم جدا في مثل هذه القضايا.

وهذا الاحتمال الأول: فإذا كان ما حدث من عهد قريب، فيفيد هنا أن تعطي نفسك بعض الوقت لتخف هذه الأعراض المتعلقة بالتوتر والقلق، وعادة نرى هذه الأعراض فيما يسمى بـ "اضطراب الإحساس بالواقع" (Derealization)، وهو أن يشعر الإنسان بأن البيئة من حوله متغيرة، و"اضطراب الإحساس بالذات (Depersonalization)، أي أن يشعر الشخص بأنه منفصل عن نفسه أو عن بدنه.

فإذا الخلل إما في شعوره بالبيئة، أو في شعوره بذاته، وهذا نجده أحيانا في حالات القلق والتوتر الشديدين، أو التعب الجسدي والنفسي المفرط، ولكن في مثل هذه الحالات تكون الأعراض قصيرة المدى عادة.

الاحتمال الثاني: أن يكون ما تعانين منه اكتئابا شديدا؛ ولذلك وصف لك الطبيب النفسي دواء الـ (سيبرالكس - Cipralex)، وهو مضاد للاكتئاب، ولكن يبدو من سؤالك أنك لم تستجيبي عليه، وإن تناوله لمدة يومين لا يفيد كثيرا؛ فـ "السيبراليكس" –كغيره من مضادات الاكتئاب–، يجب أن يستمر المصاب بتناوله أسابيع وأشهر؛ كي يشعر بالتحسن، وإن كان التحسن يبدأ بعد أسبوعين أو ثلاثة، أما يومان فمدة قصيرة لا تكفي للحكم على فعاليته.

الاحتمال الثالث: وهو الذي شغل بالي نوعا ما، أن تكون هذه بداية أعراض ذهانية؛ بحيث أن الإنسان يختل عنده تعامله مع الواقع، وإدراكه لذاته، وكأنه ليس مسيطرا على جسده أو بدنه.

أنا استغربت أنك ذكرت دواء الـ (أولانزابين - Olanzapine)، هل أن الطبيب النفسي الذي وصف لك "السيبرالكس" هو نفسه من ذكر لك دواء "الأولانزابين"؟ لأن هذا الدواء يستخدم للحالات الذهانية؛ فإذا كان الطبيب النفسي هو الذي أوصى بـ(السيبرالكس) قد ذكر لك (الأولانزابين) فهذا يطمئنني بأننا نفكر في الاتجاه ذاته، وربما قال لك: إن لم تستجيبي (للسيبرالكس)، فنحاول أن تجربي (الأولانزابين)، وأنا أرى أن هذا توجه صحيح؛ لأن الأعراض التي ذكرتها، والتي -كما تقولين- أتعبتك جدا؛ يجب أن تتابع بشكل دقيق، ويشرف الطبيب النفسي على علاجها، ليقيم مدى سرعة التحسن.

لذلك أنصحك بأن تعودي إلى الطبيب الأول الذي عاينك، أو قام بفحص حالتك النفسية؛ لتطلعينه على أن (السيبراليكس) لم يفدك، بل زاد من هذه الأعراض، ولعله يفكر جديا في بوصف دواء "الأولانزابين".

الأمر الأخير: أختي الفاضلة، في مثل هذه الحالات أرتاح لو أجرينا بعض الفحوصات التصويرية والتحليلية، وخاصة تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي (MRI)؛ للاطمئنان على سلامة الدماغ، فالـ (MRI) للرأس يكون جيدا، وأحيانا نجري أيضا فحوصات عامة مثل: فحص وظائف الغدة الدرقية، والشوارد من مستوى الصوديوم والبوتاسيوم، ووظائف الكبد، وغيرها.

المهم –أختنا الفاضلة– أن تأخذي هذه الأعراض على محمل الجد، وأن تتابعي مع الطبيب المختص، ليقرر ما يلزم من العلاج والفحوصات.

كما أود أن أذكرك بالرضا بقضاء الله، والتسليم له؛ فإن ذلك يلقي في القلب السكينة والهدوء؛ لأن أمر الله كله خير، وأوصيك بالصلاة على وقتها، والإكثار من ذكر الله، والصلاة على رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وقراءة الأذكار، وقد علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن لكل ذكر مدة معلومة للحفظ؛ فأذكار الصباح تحفظ المرء من الصباح حتى المساء، وأذكار المساء تحفظ المرء من المساء حتى الصباح، وبعض الأذكار تحفظ المنزل الذي ينزله الإنسان، وهناك أذكار تقال عند النوم؛ لذلك ينبغي الحفاظ على الأذكار الحافظة؛ لدفع الشر وحفظ النفس، ولا بأس من أن تقرئي على نفسك الرقية الشرعية؛ ففيها بركة وأجر وعافية.

أسأل الله تعالى لك تمام الصحة والعافية، وأن يحفظكم، وأرجو أن تطمئنينا لاحقا عن تحسن حالتك.

مواد ذات صلة

الاستشارات