خطبني ليتلاعب بمشاعري ثم تركني، فهل سيعاقبه الله؟

0 2

السؤال

السلام عليكم.

أنا مطلقة، وقد تقدم رجل لخطبتي، وخلال فترة الخطبة شعرت بكلامه أثناء المزاح بأنه لا ينوي الزواج، وأنه تقدم للخطبة فقط ليتحدث معي، وكان طوال الوقت يطلب أن أفتح له فيديو كول؛ لأنه في بلد آخر، وأن من حقه أن يراني كل فترة، وكنت أعترض، ويقول: أنا دكتور في العلوم الإسلامية، وأعلم منك، وأنت آثمة لمنعك لي، فكنت أوافق، وأكلمه من غير النقاب، ولكن بكامل حجابي، لدقيقة فقط، أو أقل، وكان يغضب لأني لا أطيل في ذلك الأمر.

لقد طالت مدة الخطبة، ولم يكن يتحدث في أمر الزواج، وكلما تحدثت عن ذلك تهرب مني، وكان يتحجج، ويغير الموضوع، إلى أن قلت له: من فضلك لا تغير الموضوع، أنا أريد أن نعقد قراننا، ولا يجوز كلامنا بهذا الشكل، فقال لي: أنا غير قادر ماديا على الزواج؛ فمرتبي ٣٠٠٠ ريال، وهو مدير إقليمي في بلد خليجي، ويقبض ما لا يقل عن ٤٠ ألف ريال.

حياتي كانت مستقرة؛ فأنا أعمل، وأربي ابني، ولا أفكر في الزواج، وقد تقدم مرتين، وكنت أرفضه، وعندما تقدم أخبرته بأني لم أعد أحتمل الخذلان مرة أخرى، واستباح بيتنا، ونفسي، وقلبي، وبعد ذلك تركني، وقال لي: أنا لا أريد الزواج، وغير قادر على الزواج، وهو مليونير!

أنا حاليا مقهورة، وأدعو عليه، وأسأل نفسي: أنا كنت مستقرة، لماذا يفسد علي استقراري وحياتي؟ هل لأني ملتزمة ولا أكلم الرجال؟ والله لم أكن أرجو من الدنيا إلا السند والأنس.

لقد أخبرته بأني لن أسامحه، وأننا سنتقابل على قنطرة المظالم، فهل لي حق عنده آخذه يوم القيامة؟ وهل ما فعله بي حرام وسيحاسب عليه؟

أنا أدعو عليه أن يذوق مثل ما فعله بي؛ فلديه 5 بنات، ولم يتق الله، فما حكم الشرع فيما فعله؟ وحسبنا الله ونعم الوكيل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نهى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يصلح الأحوال.

نبشرك بأن العدل الكريم الرحيم ينتقم من كل ظالم، {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}، وسيجني كل من يخدع الناس ثمار عمله القبيح، {ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله}، وإذا ثبت فعلا أن هذا الرجل كان يريد مجرد العبث، ومجرد قضاء الوقت، فويل له، ثم ويل له.

ونتمنى أن تعودي إلى حياتك الطبيعية، واعلمي أن هذه الدنيا لا تخلو من الكدر، فقد:
جبلت على كدر وأنت تريدها صفوا من الأقذاء والأكدار
ومكلف الأيام فوق طباعها متطلب في الماء جذوة نار

وسيبقى في الناس أشرار وأخيار، والإنسان يبتلى بمثل هذه المواقف، ونسأل الله أن يجعلنا وإياك ممن إذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا أذنبوا استغفروا. أرجو طي هذه الصفحات، ولا تفكري في أمثال هؤلاء، واحمدي الله -تبارك وتعالى- الذي وضح لك حقيقته منذ وقت مبكر، وما حصل من تجاوزات منه سيحاسب عليها، ويسأل أمام الله تبارك وتعالى.

والذي نريده هو: ألا تعترضي على قدر الله -تبارك وتعالى-، وأظهري الرضا لهذا الذي حدث؛ فكل ما يقدره الله فيه خير، والإنسان إذا تذكر الثواب الذي ينتظره على صبره؛ فإنه سينسى ما يجد من آلام.
نحن نقدر مقدار الأذى الذي يمكن أن يدخل على أي امرأة في مثل هذه المواقف، ولكن إذا تذكرنا الثواب والأجر عند الله -تبارك وتعالى-، فإن ذلك يهون علينا مصائب الدنيا.

ونحن نشكر لك هذا الحرص على عدم التجاوز في المكالمات معه رغم إصراره، وما حصل بعد ذلك من استجابة له؛ نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يغفر لك، وأن يتجاوز عنك، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يرده للحق والصواب معك أو مع غيرك.

ولكن هذا الذي حدث منه سيحاسب عليه، ويسأل أمام الله -تبارك وتعالى-، ومن حق كل مظلوم أن يدعو على ظالمه، وأن يتكلم عنه؛ {لا يحب الله الـجهر بالسوء من القول إلا من ظلم}.

لكن صدقيني -يا ابنتي- إن أعلى من هذا أن يمارس الإنسان العفو، وأن ينسى هذه الصفحات المظلمة، وأن يكل الأمر إلى الله -تبارك وتعالى-؛ فإن الله ينتقم من الظالم؛ لأنه -تبارك وتعالى- لا تخفى عليه خافية، وقد قال في الحديث القدسي: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين، هذا هتاف ينبغي أن ينتبه له كل مظلوم، واحمدي الله أنك مظلومة ولست ظالمة.

ما حصل منه هو شر كثير، وسيحاسب عليه، ويسأل عليه أمام الله -تبارك وتعالى-، لكن الذي نريده ألا تقفي أمام هذه المحطة؛ وأن تتجاوزيها، وكلما ذكرك الشيطان بما حصل فتعوذي بالله -تبارك وتعالى- من الشيطان؛ فإن هم الشيطان أن يحزن أهل الإيمان، {ليحزن الذين آمنوا}، ويريد أن يدخل عليك الأحزان، ويجعل هذا الألم مستمرا، حتى يوصلك إلى الاعتراض على أقدار الله، أو عدم الرضا عن الله، أو يشغلك عن ذكر الله وطاعته.

فإذا ذكرك الشيطان بهذا الذي حدث، فتوجهي إلى الله -تبارك وتعالى-، واعلمي أن هذا العدو يحزن إذا ذكرنا ربنا، ويبكي إذا سجدنا لربنا، فعاملي عدونا الشيطان بنقيض قصده، ونسأل الله أن يعينك على الخير.

عودي إلى التزامك، واستمري على ما أنت عليه من الخير؛ فإن الذي حدث تحت دائرة المغفرة، فتوبي إلى الله، واستغفري الله تبارك وتعالى، واشكري الله بأن الشر انكشف في البدايات، وكان يمكن أن تتورطي، وبعد ذلك تكتشفين أنه رجل عابث، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن ينتقم من كل من يؤذي المسلمين في أعراضهم، وفي بناتهم، وحقيقة مثل هؤلاء سينالون العقوبة في الدنيا مع ما ينتظرهم في الآخرة.

أشغلي نفسك بالطاعات، وتوجهي إلى رب الأرض والسماوات، واستأنفي حياتك بأمل جديد، وبثقة في ربنا المجيد سبحانه وتعالى.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والاستقرار والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات