السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كنت أرغب في سؤالكم عن أمر يشغلني كثيرا، وأشعر بتردد كبير، ولا أعرف كيف أتصرف.
أنا أعرف سيدة مطلقة، تصغرني بسنة، وأحبها كثيرا، وأرغب في الزواج منها، هناك تفاهم وتبادل في المشاعر بيننا، ولكن المشكلة تكمن في رفض أهلي لهذا الزواج؛ لأنها مطلقة.
أنا في حيرة من أمري، بين رغبتي في الزواج منها وإرضاء نفسي، وبين حرصي على رضا أهلي وعدم مخالفتهم، فما الذي يمكنني فعله لتحقيق التوازن بين الأمرين؟ وهل من سبيل لإقناع أهلي بهذا الزواج؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طارق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابني الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يصلح الأحوال.
أرجو أن تعلم أن المعيار الأساسي لاختيار الزوجة هو دينها؛ قال عليه الصلاة والسلام: فاظفر بذات الدين بعد أن أشار بأن المرأة تنكح لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها ثم قال: فاظفر بذات الدين تربت يداك. فإذا توفر الدين فكل شيء بعد ذلك أمره سهل، والدين يصلح أي خلل عند الإنسان، ولكن غياب الدين هو المشكلة التي لا حل لها.
فكل كسر فإن الدين يجبره *** وما لكسر قناة الدين جبران.
فإذا كانت الفتاة المذكورة صاحبة دين، وتبين لك أنها في طلاقها كانت مظلومة، وأن العدوان كان من الطرف الآخر، ولم يكن الإشكال فيها، ووجدت في نفسك الميل إليها والرغبة في القرب منها، فعند ذلك نتمنى أن يكون من العقلاء والفضلاء ممن حولك من يستطيع أن يقنع الأسرة ويتفاهم معهم.
ونحن نقدر أن بعض الأهالي والناس من عاداتهم أنهم ينفرون من الزواج بالمطلقة، لكن المطلقة أصغر منك سنا، بقي أن نعرف أسباب الطلاق الذي حدث، وحتى لو عرفت الأسباب، فإن الإنسان أيضا قد ينجح فيما فشل فيه الآخر، ولكن المهم أن تبنى المسألة على دراسة شاملة، وليس على مجرد ارتباط عاطفي.
والذي ننصح به أن تتوقف المشاعر العاطفية، وتتوقف أي علاقة بينك وبينها حتى تتهيأ للزواج، وحتى تأتي إلى دارها من الباب وتقابل أهلها؛ لأننا نريد أن نقول: الزواج له طرق شرعية لا بد أن يصل الإنسان عن طريقها، وإشراك الأهل ينبغي أن يكون من البداية، نحن لا نريد للمشاعر أن تتعمق وتتعمق ثم بعد ذلك تصدم برفض الأهل.
لذلك ننصح بالتوقف المؤقت، ثم الاجتهاد في إقناع الأهل، ودراسة الموضوع دراسة شاملة، وإذا كانت الفتاة صالحة، فأنت صاحب القرار، والإنسان مع ذلك لا يستغني عن خبرات من هم أكبر منه سنا.
ونحب أن نؤكد أن الزواج أيضا ليس ارتباطا بين شاب وفتاة فقط، لكنه بين أسرتين، بل بين قبيلتين أحيانا، ولذلك من المهم جدا التفاهم مع أفراد الأسرة، ليس لأنهم أصحاب القرار وحدهم، ولكن لأن لهم تأثيرا كبيرا على سعادتك وحياتك المستقبلية.
نسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يبارك لك في قراراتك، وأبرك الزيجات ما نال فيه الإنسان رضا والديه، وقبل ذلك رضا الله -تبارك وتعالى- ووجد من الزوجة أيضا ما يعينه على أداء الواجبات؛ فللوالدين واجبات علينا أن نؤديها، وللزوجة كذلك حقوق وواجبات لا بد أن نؤديها.
نسأل الله أن يؤلف القلوب، وأن يغفر الذنوب والزلات، وأن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، وننصحك بأن تسلك سبيل الحكمة، ومحاولة إدخال الوسطاء من أصحاب الوجهات وأصحاب الدين؛ حتى يؤثروا على أفراد الأسرة، هذا إذا تأكد لك أن الفتاة صاحبة دين، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.