رجفة فجائية تبعها خوف وقلق ووساوس..ما تشخيص حالتي؟

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إلى من يعنيه أمري من شيوخنا الأعزاء أو من الأطباء -حفظهم الله-.

في رمضان قبل سنتين، كنت أسهر الليل في قراءة القرآن الكريم، وعندما تأتي الصلاة أصلي ثم أنام، واستمر هذا الحال لمدة 15 يوما، وفي منتصف رمضان وأنا ساجد شعرت بشعور غريب، وكأنني فقدت الذاكرة، وصاحبني شعور برجفة خفيفة ودقات قلب، حتى زادت الأعراض، وذهبت لقراءة القرآن حتى أخفف عني الشعور، لكن كان يزيدني خوفا وقلقا، وأنا في نفسي لست خائفا، لكن لا أعلم ما هو ذلك الشعور، حتى زاد الألم والرجفة!

نحن عائلتان لا نملك المال للذهاب إلى الطبيب، فكنت مجبورا أن أتمالك نفسي، حتى أتت أمي وأمسكت بجسمي، وأنا أرتجف كثيرا، وقلبي ينبض بسرعة لا توصف! حتى هدأت الأعراض الساعة السابعة صباحا، لكن ما حدث وراءها كان شعورا لا يوصف؛ فلم أستطع النوم لمدة خمسة أيام، أخاف من الجدار، وأخاف من الذبابة التي تمر من جانبي، ليس أنا من أخاف، لكنه شيء في داخلي يخاف، لكني أنا أفهم الموقف، حتى ساءت حالتي، وعلي أن أذهب إلى العمل، وأنا في العمل أجعل رأسي في الأرض لا أستطيع رفعه من شدة التفكير والقلق والوسواس، وكانت الساعات تمر وأنا قلق وخائف، وأخاف حتى أن أنظر إلى السماء.

توجهت إلى الله وقرأت سورة البقرة كاملة، وفي نهاية التلاوة انفجرت عيناي شررا، خرج منها شرر ملون يتطاير، وشعور خوف لا أعرف كيف أوصفه كتابة، أتعبني كثيرا التعبير عنه.

أعاني من وساوس عنيفة، وعندما أذهب للتسوق أشعر وكأنني أريد التحدث بكلام زائد، أو أريد الصياح، أو أريد أن أضرب أحدا، لكني لا أريد ذلك، وأفهم أن هذه مجرد أفكار قهرية وأفكار سوداوية، حتى من أتكلم معهم من أهلي -أو أي أحد- لا أنتبه لكلامه، وأقوم بتخيلات فقط، ويشرد تفكيري.

القلق أتعبني كثيرا، حتى مزاجي تغير، وكأنني أتمنى الموت، وإلى أن أصل إلى مرحلة الجنون. تعبت كثيرا من القلق، وأعلم أن ما أمر به ليس جيدا، لكني أحتاج إلى المساعدة، فقد تعبت جدا.

وشكرا جزيلا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ريكام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء، ونسأل الله تعالى أن يتقبل منك صلاتك وقيامك لليل، وتلاوة القرآن في رمضان، وفي غير رمضان.

التجربة التي حدثت لك وأنت ساجد هي نوبة قلقية تسمى بنوبة الهرع أو الفزع أو الهلع، وهي بالفعل تحتوي على نوبة خوف شديدة، وشعور بالرجفة، وربما تسارع في ضربات القلب، والإنسان يحس أنه سيفقد السيطرة على الموقف تماما، أو أن المنية قد دنت.

بعد ذلك –أي بعد أن تنتهي هذه النوبات- يظل الإنسان يوسوس حولها، فتتحول الحالة من نوبات فزع وهلع إلى نوبة وساوس ومخاوف قلقية.

هذا هو الذي عليه حالتك -أيها الفاضل الكريم- وهي إن شاء الله حالة بسيطة تعالج من خلال تناول أحد الأدوية المفيدة جدا، والذي أنصحك بتناوله، ويا حبذا لو ذهبت إلى طبيب نفسي، لكن إن لم تستطع يمكنك أن تحاول أن تتحصل على الدواء من الصيدلية.

الدواء اسمه (فلوفوكسامين - Fluvoxamine) دواء ممتاز جدا، هذا هو اسمه العلمي، ويسمى تجاريا (فافرين -Faverin)، يمكنك أن تبدأ بتناوله بجرعة (50 ملغ) ليلا لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها (100 ملغ) ليلا لمدة أسبوعين، ثم (200 ملغ) ليلا لمدة شهرين، ثم (100 ملغ) ليلا لمدة شهرين آخرين، ثم (50 ملغ) يوميا ليلا لمدة أسبوعين، ثم (50 ملغ) يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناوله.

ويدعم بدواء آخر اسمه (سولبيريد - Sulpiride) هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري (دوجماتيل - Dogmatil)، وهذا تتناوله بجرعة (50 ملغ) في الصباح لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله.

كلا الدواءين من الأدوية السليمة والفاعلة، والتي تعالج مثل حالتك هذه.

وحتى تساعد نفسك وتخرج من هذه الحالة عليك أيضا أن تشغل نفسك بما هو مفيد:
- أن تتجنب السهر.
- أن تمارس الرياضة.
- أن تمارس الاسترخاء.
- أن تكون على صلة مع أفراد أسرتك، وكذلك أصدقائك.
- أن تحرص على حسن إدارة الوقت، هذا مهم جدا.
- أن تحافظ على العبادات، خاصة الصلاة على وقتها.
- أن تمارس تمارين الاسترخاء، هذه التمارين يستطيع الإنسان أن يمارسها بنفسه، وذلك بعد الحصول على أحد البرامج الموجودة على اليوتيوب.

هذه هي المؤشرات العلاجية الضرورية، وبصفة عامة: لا تعش تحت القلق التوقعي، بمعنى: لا تتخوف أن هذه النوبات سوف تعود مرة أخرى، (وعش حياتك بقوة، واعمل لدنياك ‌كأنك ‌تعيش ‌أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا، ‌وخذ ‌من ‌صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك).

ولا تتمن الموت، المسلم لا يتمنى الموت؛ للنهي عن ذلك، فقد قال ﷺ: لا ‌يتمنين ‌أحدكم الموت لضر نزل به؛ فإن كان لا بد متمنيا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي (رواه مسلم)، والأمر أبسط من أن يصل إلى مرحلة الجنون أو خلافه.

أرجو أن تتبع ما ذكرته لك من إرشاد، وتتناول ما وضحته لك من دواء، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات