السؤال
السلام عليكم.
أنا أقيم مع زوجي عند أمي بسبب الظروف، وتشاجرت مع زوجي، واستفز كل منا الآخر، وارتفع صوته، فسمعته أمي، وحلف علي أمامها أنني لن أنزل إلى العمل، فقلت له: سأنزل حتى لو كان يقابل ذلك طلاقي؛ فأنا لا أحب أن يعاملني أحد هكذا، مع أنه رجل جيد، ومحترم، ولكني لست ضمن اهتماماته، مع أني صرحت له كثيرا بما أحب.
هو عقلاني جدا، وأنا عاطفية جدا، وعندما يكون هناك تحد أكون عنيدة، وخصوصا أن هذه أول مرة تظهر مشاكلنا أمام أحد، وفي اليوم الثاني نزلت إلى العمل، فقال لي: أنا حالف، فلم أرد عليه، ومشيت.
لا أريد أن أغضب الله، ولكنه لا يعرف كيف يتعامل معي، ويحرجني أمام أمي، فما هي كفارة فعلي، لأني لا أريد أن يغضب الله علي؟ كما أنني لا أستطيع مصالحته؛ فهو يحب أن يذهب للنادي، ويلعب كرة القدم، ويعيش حياته، ولكن أين أنا في المقابل؟ حياتنا كلها نكد، وبناتنا تعبن من كثرة خلافاتنا، نحن مختلفان جدا عن بعضنا، لدرجة أننا في وقت الود نقول: بأننا لا نتفق إلا في الدين!
أنا لست مرتاحة، وأكاد أكون أنا السيئة؛ فأنا عكسه تماما، وهو الهادئ جدا، والبارد في الطباع، وأنا لا أستطيع التعايش معه، وقد طلبت الطلاق منه، ولكنه يتجاهلني، ويرى بأني بلهاء.
أطلب منه أن يهتم بالمناسبات التي بيننا، ولكن لا جدوى؛ فهو لا يهتم، وليس بيننا حوارات، ولا نعرف كيف نتكلم مع بعضنا ونحن متصالحان، وعندما نتخاصم يتكلم قليلا، وأنا لا أريد ذلك؛ فحالي كمن تستجدي الاهتمام.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يصلح الأحوال.
لا شك أن كثرة الخصام بين الزوجين مؤشر سلبي، وفيها دليل على أن كل طرف لم يفهم احتياجات الطرف الآخر، والحياة الزوجية تمر بمراحل: تبدأ بالتعارف، ثم بالتنازل، ثم بالتأقلم والتكيف، ثم بفهم النفسيات، ثم بعد ذلك: التعاون فيما اتفق عليه، ثم يأتي بعد ذلك التوافق، وصولا إلى الوفاق التام، وهذا يحتاج إلى بعض الوقت.
من المهم جدا أن تشجعي زوجك على التواصل مع موقعكما، وحبذا لو كتبتما استشارة مشتركة، ومن حقكما أن تطلبا أن تكون محجوبة، حتى يذكر كل طرف ما عنده.
ونحن لا نؤيد انشغال الزوج عن أهله وبيته مهما كانت المشاغل؛ فالنبي ﷺ صاحب المهام الكبرى لم تشغله عن أن يعطي زوجاته حقهن، فكان يطوف على زوجاته عصرا، ويطوف عليهن في المساء، ثم يجمعهن عند صاحبة النوبة -عليه الصلاة والسلام-، ثم ينصرفن بعد ذلك إلى بيوتهن، فالإنسان ما تزوج إلا ليكون مع أهله، ومن الناحية الأخرى: على الزوجة أن تجعل بيتها جاذبا، وثغرها باسما، وتهيئ لزوجها فرص القرب والجلوس معها.
ولذلك أنتما بحاجة إلى هذه الأمور الأساسية، وحبذا لو تواصل معنا؛ حتى نسمع وجهة نظره، وأنت الآن ذكرت لنا السلبيات، وكنا بحاجة إلى أن ننظر أيضا إلى الإيجابيات التي عنده؛ حتى نستطيع أن نوازن، فلن تجد فتاة شابا بلا عيوب، ولن يجد الشاب امرأة بلا نقائص.
وننصح بعدم الخصام أمام الأبناء، وعدم الخصام أمام الوالدة، وعدم التصعيد في الخصام؛ لأن الشيطان يحضر، والمرأة العاقلة -مثلك- إذا لاحظت أن زوجها غضب، تترك المكان، وتمسك اللسان، ريثما يعود لزوجها هدوؤه.
والنبي ﷺ علم الغضبان أن يتعوذ بالله من الشيطان، وأن يذكر الرحمن، وأن يهدئ الأركان، وأن يمسك اللسان، وأن يتوضأ، وإذا كان الغضب شديدا يصلي، {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون * فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} وأنت كذلك لا بد أن تنتبهي لذلك، فلا تعطي للشيطان فرصة، وتجنبي العناد؛ فإنه من أكبر العوامل التي تؤثر على استقرار البيوت وسعادتها.
ولست أدري ما هو رأي الوالدة؛ لأن رأي الوالدة أيضا مهم، ونعتقد أن كثيرا من الأمهات حريصات على أن تكون بناتهن سعيدات، فأظهري لها ما عندكما من الخير، وجنبوها المشاكل الحاصلة بينكما، وحاولا التفاهم بمنتهى الهدوء، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية.
وأرجو أن تركزا على القواسم المشتركة، ولا تقولا عبارة: "نحن لا نتفق في شيء واحد" يجب أن تزيدا القواسم المشتركة بينكما، وعندها -بإذن الله تعالى تبارك وتعالى- بالتعاون على البر والتقوى، ومراعاة الله تعالى في حقوق الشريك، ستتبدل الأحوال، وستتحسن الأمور بينكم.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، وننتظر مزيدا من التفاصيل منك ومنه حتى نضع النقاط على الحروف، وشكرا لكم.