رفض أهلي الفتاة بعد أن اتفقتُ مع أهلها على كل شيء!!

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هناك فتاة أحببتها، وكانت نيتي منذ البداية الحلال وهو الزواج، فتقدمت إلى أهلها وطلبت يدها، فرحبوا بي وأحبوني، كما أحببتهم بدوري، وهم أهل دين وخلق، أما أهلي فهم في بلد آخر، فأبلغتهم برغبتي في الزواج، وقلت لهم بأني اتفقت مع أهل الفتاة على جميع التفاصيل المتعلقة بالمهر والمؤخر، وبقينا في انتظار قدومكم لإتمام الأمر.

سمح لي أهل الفتاة بالتعرف إليها، وتعلق كل منا بالآخر، وازداد حبنا يوما بعد يوم، على أساس أننا سنتزوج فور حضور أهلي، وتبادلنا الوعود ألا نفترق أبدا.

وبعد أن جاء أهلي، أخبرتهم بأنني قد خطبت الفتاة واتفقت مع أهلها على المهر والمؤخر، غير أنهم لم يرضوا عن تصرفي، إذ استاؤوا من كوني تقدمت دون استشارتهم، ورأوا أن تحديد المهر من شأنهم هم، لا شأني، كما اعترضوا بشدة على مقدار المؤخر الذي بلغ (60 ألف دولار)، وعدوه مبلغا كبيرا جدا.

غضبوا علي، وقالوا إنهم سيتولون التفاوض مع أهل الفتاة، ثم زارتهم والدتي، وغيرت الاتفاق كله، ووضعت شروطا جديدة على أهل الفتاة، قائلة لهم: "أنتم تشترون شيئا ونحن نشتري شيئا، والمؤخر كثير فيلغى، وكذلك المهر يلغى، وعليكم القبول بما نقرره، ولديكم يومان للرد".

تأثر أهل الفتاة كثيرا من هذا الموقف، وحزنت أنا كذلك، إذ شعرت أن أهلي يرفضون تدخلي في أي قرار، ويريدون التحكم الكامل في حياتي.

وبعد نقاش طويل، اتفقنا على تقليل المؤخر إلى (20 ألف دولار) كما أرادوا، لكن بعد ساعة واحدة عادوا ورفضوا المبلغ الجديد أيضا، وقالوا: "هذا كثير، وأنت لا يحق لك أن تتحدث، نحن نقرر عنك، وإذا ذهبنا للتفاوض فعليك أن تصمت تماما وتنزل رأسك".

كنت خائفا أن يسيء أهل الفتاة الظن من تصرفات أهلي، خاصة أن الخلافات أصبحت تتكرر، فكلما توصلنا إلى حل عادوا وغيروا الاتفاق من جديد، بل بدأوا يتحججون بأسباب مختلفة، كأنهم لا يريدون هذا الزواج أصلا، حتى إنهم قالوا إن شكل الفتاة لا يعجبهم، مع أنهم لم يروها قط، ولا يعرفون أهلها معرفة حقيقية.

وفي النهاية لم يتم الزواج، وتعرضت أنا والفتاة لألم نفسي شديد، ومرضت من الحزن، إذ انهار كل شيء بسبب رفض أهلي.

عاد أهلي إلى بلدهم، وبقيت أنا متمسكا برغبتي في الزواج منها، وأخبرت أهلها أنني أريد فقط إصلاح الأمور مع والدي ثم أعود لخطبتها رسميا من جديد.

حاولت مرارا إقناع والدي، لكنهما ما زالا رافضين، وقالا لي صراحة: "مستحيل أن نعود إلى ذلك البيت، وهذه الفتاة محرمة عليك، وإن تزوجتها فلن تعرفنا بعد اليوم، وسنغضب عليك".

فهل يجوز هذا الغضب من والدي؟
وهل يجوز لي أن أتزوجها دون رضاهما؟
وما الذي يقوله القرآن والسنة في مثل هذا الحال؟
أهل الفتاة لا يستطيعون الانتظار طويلا، فماذا أفعل؟ وما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أشرف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك ابننا الفاضل في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يصلح الأحوال.

لا شك أن الذي حصل من الأهل مرفوض من الناحية الشرعية، وأيضا سيترك آثارا كبيرة بكل أسف، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينهم على تفهم هذا الوضع، بل نتمنى أن تجد من أهلك من العقلاء والدعاة من يستطيع أن يقنعهم بأن تدخلهم بالطريقة المذكورة لا يمكن أن يقبل، وسيترك آثارا كبيرة ونفسية عليك وعلى هذه الفتاة التي عشت معها هذه الفترة بكل أسف، وتوسعتما في العلاقة، رغم أن الأمور كانت في بداياتها.

فلذلك أتمنى أن تتسلح بالصبر، وتجد من الوجهاء والعقلاء من يستطيع أن يغير وجهة نظرهم، وعلى كل حال؛ فأنت صاحب القرار، ولكن نحن لا ننصح بالاستعجال في هذه المسألة قبل أن تحاول إقناعهم، وتوضيح الصورة بالنسبة لهم، وعليهم أن يدركوا أن دور الأهل هو دور توجيهي إرشادي، ليس لهم أن يرفضوا أو يقبلوا إلا لاعتبارات شرعية؛ فإذا كانت الفتاة وأهلها من أهل الدين والخير والصلاح، فليس لهم أن يمنعوا إتمام مراسيم هذا الزواج.

كما ذكرنا وكما وافق أهلها أيضا، وطلبت منهم أنك تريد أن تراجع أهلك، وبعد ذلك تتقدم لخطبتها مرة أخرى وتكمل معهم المشوار، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينك على تغيير وجهة نظرهم.

والتصرفات التي حصلت منهم بلا شك لا يمكن أن تقبل من الناحية الشرعية ولها آثار خطيرة، ولكن أيضا نحن معشر الشباب ينبغي أن نراعي الأعراف الموجودة، وطبائع الأهل، ومثل هذه الأمور، فما حصل من تقدم في العلاقة قبل رؤية أهل الفتاة، وقبل الوصول إلى معرفة بالأسرتين خطأ؛ لأن العلاقة الزوجية ليست بين شاب وفتاة فقط، ولكنها بين أسرتين، وسيكون هاهنا أعمام وعمات، وفي الطرف الثاني أخوال وخالات.

لذلك نتمنى أن تجتهد في إقناعهم، نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينك على ذلك، وإذا كانت الفتاة صاحبة دين وصاحبة خلق؛ فمن حقك أن تتزوج، خاصة بعد هذا الانتظار، وبعد هذه الفترة.

وبالنسبة لأهلك عليك أن تجتهد في إرضائهم، وتقول لهم: أهل البنت لا يريدون أن يتأخروا كثيرا، وهذا حق من حقوقهم، ولهم أيضا رأيهم؛ لأنهم أيضا يخافون على ابنتهم ومستقبلها، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينهم على تفهم هذا الأمر، وإعطائك فرصة، وأن يجعل أهلك أيضا يقتنعون بما هو معقول ومقبول، خاصة بعد أن قدم أهل الفتاة كثيرا من التنازلات عن الاتفاق الأول الذي اتفقتم عليه في غياب أهلك، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يجمع بينكم في الخير وعلى الخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات