السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا موجوعة لأن زوجي عقد على فتاة أخرى، وينوي الزواج بها، لقد دعوت الله -عز وجل- كثيرا أن لا يجعل له حظا ولا نصيبا في النساء غيري، ولكن حدث عكس ما تمنيت، أعلم أن الله لم يظلمني، حاشاه سبحانه وتعالى، وما يكون لي أن أقول ذلك، لقد دعوت الله سنوات طويلة، ودعت لي والدتي -رحمها الله- في كل مواطن الاستجابة: في رمضان، ويوم عرفة، وقيام الليل، والعمرة؛ لأن قرار زوجي كان يؤرقني كثيرا وأثر على نفسيتي، والله، لم أقصر معه في شيء.
هو الآن مسافر، وسوف يأخذ زوجته الجديدة معه، بينما أنا لا أستطيع السفر، بسبب أبنائي الصغار الذين ما زالوا في المدارس، أريد أن أعرف العدل بين الزوجات في هذه الحالة، فقد قال إن سبب زواجه الثاني، رغبته في إنجاب الذكور، وأنا لدي ثلاث بنات، وسؤالي أيضا: هل الله غاضب علي؛ لأنه لم يستجب دعائي؟ أنا أعلم أن الله لا يأتي إلا بالخير، ولكن قلبي حزين، وأحتاج إلى كلمات تواسيني وتخفف عني.
كما أريد أن أعرف: كيف أتعامل مع زوجي ومع أهله، خاصة أنهم وقفوا بجانبه، ولم يواسوني حتى بكلمة واحدة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ همة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا وابنتنا- الفاضلة في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يصلح الأحوال.
وحقيقة نحن ندعوك إلى أن تحرصي على الإقبال على الله -تبارك وتعالى- والاشتغال بطاعته، واعلمي أن الذي يقدره الله -تبارك وتعالى- هو الخير، ولا شك أن الخير للمرأة والرجل، فيما كتبه الله لهم من إنجاب الذكور أو الإناث، وفي البنات بركات وخيرات، وهن المؤنسات الغاليات، وكان الإمام أحمد –رحمه الله– إذا ولد لأحد أنثى، يهنئه ويقول: "أبشر، فإن الأنبياء آباء بنات" فلا تحزني من أجل ذلك، بل كوني راضية بهبة الله -تبارك وتعالى- القائل سبحانه: ﴿يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور﴾ [الشورى: 49] واحرصي على أن تقومي بما عليك من حقوق، وطالبي زوجك بالعدل، فإن هذا هو شرع الله -تبارك وتعالى- ويجب عليه أن يعدل في كل الأحوال، ويقدر هذا الظرف الذي أنت فيه.
ونحب أن نذكر بأن الحياة الزوجية عبادة لرب البرية، وأن المحسن من الزوجين يجازيه الله، وأن المقصر يحاسبه الله -تبارك وتعالى- فلا تقابلي تقصير الزوج بتقصير مثله، ولكن قومي بما عليك كاملا، واسألي الله -تبارك وتعالى- الذي لك، كما في وصية النبي ﷺ للأنصار: تؤدون الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم.
فاستمري على تميزك، وانتبهي في رعاية البنيات، وطالبي زوجك بالعدل الذي أمر الله تعالى به، وإذا كان الأمر كما أشرت، فلا بد أن يعود بين الفينة والأخرى من أجل أن يكون معكم أو تكونوا معه، وهذه أمور أرجو أن تناقش انطلاقا من قواعد الشرع، الذي يأمر بالعدل، ويأمر بالقيام بكافة الحقوق لزوجته الأولى أو لزوجته الثانية، بل هذا هو شرط القبول بالتعدد، قال تعالى: ﴿فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة﴾ [النساء: 3] فعليه أن يتحمل مسؤوليته، وعليه أن يراجع أهل العلم، حتى يعرف ما الذي يجب عليه أن يقوم به.
أما بالنسبة لأهل زوجك وتقصيرهم في جانبك، فأرجو ألا تقفي طويلا أمام هذا الأمر، واجعلي همك أن تكوني مع الله، واشتغلي بطاعة الله -تبارك وتعالى- ثم برعاية البنيات، وكل من حولك من الناس سيعطيهم الله على حسب نياتهم ومواقفهم، فالذي يريد الخير سيجد الخير، والذي يريد المكر والسوء فإن {ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله} [فاطر: 43] فقومي بما عليك، ولا تشتغلي بمواقف الآخرين، واعلمي أن الحياة مدرسة، والإنسان يتعلم فيها الكثير، وإذا كنت مقبلة على الله ومع الله، فلن يضرك وقوف الدنيا في الجانب الآخر، فاحرصي على أن تكوني مع الله، وأكثري من الدعاء للوالدة ولأموات المسلمين.
نسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يبصر زوجك بقيمتك، وأن يعينه على الوفاء والقيام بالعدل الذي أمر الله -تبارك وتعالى- به، وأن يصلح لنا ولكم الأحوال، هو ولي ذلك والقادر عليه.