السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة أتعامل مع رجل في النقل، أرى منه تصرفات تدل على الاهتمام، لكنه لم يتقدم رسميا، ولا يعترف، وقد استخرت الله عدة مرات، وطلبت إن كان خيرا أن ييسره، وإن كان شرا أن يصرفه عني، لكن لا يزال الوضع كما هو، فهل يعد ذلك صرفا من الله أم اختبارا؟ وهل علي أن أقطع التفكير به تماما؟ وهل تردد شخص عن الاعتراف دليل على تصريف من الله سبحانه وتعالى؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Ikram حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الكريمة- في إسلام ويب، وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله تعالى:
اعلمي أن الزواج قسمة ونصيب، وهو أمر مقدر، كتبه الله تعالى قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال تعالى: (إنا كل شيء خلقناه بقدر)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء) رواه مسلم، ولما خلق الله القلم قال له اكتب، قال وما أكتب؟ قال: (اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس)، والكيس الفطنة.
كوني مطمئنة؛ فمن كان من رزقك فسوف يأتيك في الوقت الذي قدره الله تعالى، وما عليك إلا الدعاء، وأن تسألي الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح، الذي يسعدك في هذه الحياة، واحذري أن تلمحي لهذا الشخص بهذا الأمر؛ فالمؤمنة يجب أن تكون عزيزة مطلوبة، لا ذليلة طالبة.
نوصيك بالاستقامة على أمر الله، وأن تؤدي الصلوات الخمس في أوقاتها، وأكثري من نوافل الصلاة، والصوم، وتلاوة القرآن، واستماعه، وكل عمل يقوي علاقتك بربك، ويقوي إيمانك، استعيني على قضاء حوائجك بالله تعالى، وأكثري من التضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى، وخاصة أثناء السجود، وسلي ربك من خيري الدنيا والآخرة، وحافظي على أذكار اليوم والليلة بانتظام، ويمكنك الاستفادة من كتاب حصن المسلم للقحطاني، أو تطبيق أذكار المسلم.
يجب أن يتوفر من الصفات في من يتقدم لك أن يكون صاحب دين وخلق، وهذه أهم الصفات، ثم يأتي بعد ذلك الصفات الثانوية، يقول عليه الصلاة والسلام: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، فالدين والخلق صفتان متلازمتان، لا تنفكان أبدا، وهما صمام أمان للحياة الزوجية السعيدة، وصاحب الدين والخلق إن أحب زوجته أكرمها، وإن كرهها سرحها بإحسان.
صلاة الاستخارة لا تكون إلا حين يتقدم لك الشخص، وبعد السؤال عنه، ومعرفة صفاته، يقول -عليه الصلاة والسلام-: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: "اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري وعاجله وآجله، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري وعاجله وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم ارضني به
بعد التأكد من توفر الصفات في الشخص، وبعد صلاة الاستخارة؛ لا بأس أن تبدي موافقتك على الزواج، ثم انتظري، فإن سارت الأمور بيسر وسهولة، وتفاهم بين الشخص وبين وليك؛ فهذا دليل على اختيار الله لك، أن يكون هذا الرجل زوجا لك، وإن تعسرت؛ فهذا دليل على أن الله صرفه عنك، وصرفك عنه، فاحمدي الله تعالى، واعلمي أن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه.
احذري من بناء أي علاقة مع أي شخص خارج إطار الزوجية، فعواقب ذلك وخيمة، من تعلق القلب، والوقوع فيما يسخط الله من تبادل الكلمات الغزلية، وغير ذلك، ولعل ذلك الشخص ينصرف عنك دون أي أسباب أو مقدمات، أو لا يحصل أي اتفاق بينه وبين وليك، فمن يرغب بالزواج بك؛ فليأت البيوت من أبوابها، ولا تعلقي نفسك بشخص معين، بل من تقدم، وتوفرت فيه الصفات، فوافقي عليه بعد الاستشارة والاستخارة.
الاستمرار في التفكير بهذا الشخص وهو لا يبدي أي مشاعر تجاهك، ولا يبين رغبته في الزواج بك؛ يستهلك طاقتك النفسية، ويضعك في دائرة التعلق، وهي مؤلمة؛ لأنها تبقيك بين الرجاء والخوف، فاقطعي التفكير بهذا الرجل تدريجيا، ليس كرها له، ولكن حفظا لقلبك وكرامتك، ولا تتركي الباب مفتوحا للأوهام؛ فالعلاقة غير الواضحة تضعفك داخليا، وليس كل ما يحبه الإنسان يكون خيرا له، بل قد يكون العكس، والأمر كما قال ربنا سبحانه: (وعسىٰ أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ۖ وعسىٰ أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ۗ والله يعلم وأنتم لا تعلمون).
نسأل الله تعالى أن يختار لك ما فيه الخير، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في هذه الحياة.