السؤال
السلام عليكم.
تقدمت لخطبة فتاة، وتم العقد -ولله الحمد-، وقبل العقد حصلت معها نوبة صرع واحدة، وكانت المرة الأولى، حيث كانت مرتبطة بتعب وسهر شديدين، بحسب كلام أهلها، وتوكلت على الله كونها كانت المرة الأولى، وتم العقد، وبعد الخطبة عانت من نوبات صرع بمعدل نوبة شهريا، وساءت حالتها بسبب بعض الأدوية، وأدخلت إلى العناية المشددة، وتم تغيير الدواء إلى الديباكين، مع هذا الدواء تمت السيطرة على النوبات، واستقر وضعها الصحي، ولكن مع أي نسيان للدواء تعود إليها النوبة.
النوبات عبارة عن: اختلاج كامل الجسم، مع فقدان للوعي، عرفت لاحقا أنها تعرضت لنوبة صرع واحدة عند الطفولة، وأخوها كان يعاني من نوبات صرع عند الطفولة، فهل يجوز فسخ الخطبة لهذا السبب؟ أنا في حيرة من أمري، أخشى أن أظلمها، أو لا أستطيع أن أصبر إن تم الزواج، وأهلها يخبروني بكل تطور جديد بوضعها الصحي حاليا.
وجزاك الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الإنسان في حال الخطبة بين إقدام على الارتباط بمن أراد الزواج بها، وبين إلغاء الخطبة، وهذا يكون من كلا الطرفين؛ لأن الخطبة إنما هي وعد بالزواج، وفترة اختبار لكل واحد منهما -الخاطب والمخطوبة-.
أما وقد تم العقد، فقد تم الزواج، ولذلك في رسالتك قلت: هل يجوز فسخ الخطبة؟ وقبلها قلت: إنه تم العقد، ولذلك نبهت على أنه قد تم العقد، وصارت هذه الفتاة زوجة لك بمجرد العقد، ودائما هجوم الأمراض بعد الزواج وارد في حياة الناس، والإنسان ضعيف، وعرضة لهذه الأمراض والأسقام، ولو أن كل زوج طلق امرأة بسبب المرض لفسدت أخلاق الناس، وحياتهم الاجتماعية، وبالتالي فالذي أنصحك به هو الصبر على علاج الزوجة، وهذا المرض ليس مرضا ميؤوسا منه، بل له علاج سواء بالرقية الشرعية وغيرها من الأدوية، فقد جاء الأعراب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: يا رسول الله، أنتداوى؟ قال: نعم تداووا يا عباد الله، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء) رواه أحمد، فعليك باستعمال الرقية الشرعية لزوجتك، ولعل الله تعالى أن يعافيها.
وبالنسبة للعيوب التي بها: فإنه يحق فسخ النكاح، أو إيقاع الطلاق في العيوب التي تمنع الاستمتاع، وتسبب النفور، لاسيما إذا أخفت المرأة هذه العيوب.
وأما بالنسبة لموضوع صرع الزوجة: فهو يحدث مرة واحدة في الشهر، فاصبر على علاج الزوجة، فهو أفضل، وفيه إحسان إليها، والله تعالى يقول: (وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) [سورة البقرة]، لا سيما أنك قد اطلعت على مسألة الصرع الذي أتاها أثناء الخطبة، ولم يكن هناك تدليس، أو إخفاء، فاطلب لها من يرقيها، والشفاء بيد الله تعالى، وكم سمعنا من زوجات أصبن بالصرع، وصبر أزواجهن على العلاج، حتى تم الشفاء، وذهبت هذه المكدرات، وانقشعت الغمة، وجاءت النعمة، مع الإشارة إلى أنه ليس ظلما طلاقها، لكن الأفضل الصبر على علاجها.
ولا مانع -أخي الكريم- من عرض حالتها على طبيب متخصص، حتى تقف على حقيقة الأمر؛ فإن كان مرضها مزمنا، وليس له علاج، ويخشى من انتقاله إلى أبنائها في المستقبل، فأنت صاحب القرار، والأمر إليك، وإن كان فيه علاج، ورأيت الصبر عليها حتى تشفى، فهذا نوع من الإحسان، ولاسيما وأنها قد صارت زوجتك، وكلا الأمرين الفسخ أو المضي في الحياة الزوجية كلاهما جائز شرعا، (ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها)، وعليك بالاستخارة؛ بأن تصلي لله تعالى ركعتين، وتستخير الله، ولا بأس أيضا أن تستشير؛ فما خاب من استخار، ولا ندم من استشار.
أسأل الله تعالى أن يختار لك ما فيه خير لك في الدنيا والآخرة، اللهم آمين.