السؤال
السلام عليكم.
الحالة التي أعاني منها هي شعور بشد في الرأس، يصاحبه أفكار اقتحامية لا تأتيني إلا بعد النوم الطويل، وعندما تراودني هذه الفكرة، أشعر بخوف شديد من أن أقدم على تنفيذها، وهي حالة مزعجة جدا، ومثال على الأفكار الاقتحامية التي تأتيني، ذات مرة كان والدي يقود السيارة أمامي، وفجأة راودتني فكرة أن أصدمه، وشعرت بخوف شديد من هذه الفكرة.
تم تشخيصي سابقا باضطراب ثنائي القطب، وفي مرة أخرى تم تشخيصي بالفصام العاطفي، والأدوية التي أستخدمها حاليا هي: إبرة إنفيجا 100، سيولان 800، ديباكين 2000، وأولانزابين 10، أحيانا يصاحب هذه الحالة ألم أو وخز في اليدين، أو القدمين، أو الأصابع.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
جزاك الله خيرا، وشفاك الله وعافاك أخي الكريم.
الأفكار الاقتحامية التي تأتيك هي وسواسية المحتوى، ولا شك في ذلك، وأنا أبشرك أن هذه الوساوس العنفية -أي العنيفة كما نسميها- لا يقوم بها الإنسان أبدا؛ والحمد لله على ذلك، وأنا أريدك أن تتعامل معها من خلال التحقير، فاستجلب هذه الأفكار وأنت جالس في مكان هادئ داخل الغرفة، وحقرها، تبدأ في تحقيرها، خاطب الفكرة مباشرة قائلا: "أنت فكرة وسواسية حقيرة، أنا لن أقوم بمثل هذا الفعل الشنيع"، وهكذا، وتكرر ذلك عدة مرات.
وهنالك تمرين آخر نسميه (صرف الانتباه)، أريدك أن تأتي بالفكرة الاقتحامية هذه، وفجأة تتحول إلى فكرة أخرى؛ فتصور شيئا جميلا في حياتك، شيئا طيبا في حياتك، شيئا تتمناه، هذا نسميه بـ (صرف الانتباه)، وذلك من خلال فكرة أخرى مخالفة.
والتمرين الثالث نسميه (التنفير): أريدك -وأنت جالس داخل الغرفة- أن تجلس أمام الطاولة مثلا، وتضرب بيدك على سطح الطاولة بقوة وشدة، حتى تحس بالألم، ومع وقوع الألم أريدك أن تستجلب هذه الفكرة الوسواسية، أن تربط بين إيقاع الألم والفكرة، وتكرر هذا التمرين 20 مرة متتالية، هذا نسميه (التنفير)؛ لأن علماء السلوك وجدوا أن الأشياء المتضادة أو الأشياء غير المتوائمة -أو غير المنسجمة- لا تلتقي في حيز فكري وجداني عاطفي واحد، تمرين رائع.
إذا هذه ثلاثة تمارين أريدك أن تطبقتها لكي تواجه بها هذه الأفكار.
أيها الفاضل الكريم: أنت تتناول أدوية ممتازة، وأدوية قوية، موضوع الـ (أولانزابين - Olanzapine) بالرغم من أنه دواء جيد، لكن في بعض الحالات ربما يكون هو السبب في الوساوس، فأرجو أن تراجع هذا الوضع مع طبيبك، بالرغم من أنه دواء متميز في علاج الاضطرابات ثنائية القطب وغيرها، لكن في بعض الأحيان قد يجلب شيئا من الوساوس، وربما يكون الـ (سوليان - Solian) بجرعة (800 ملغ) تكفي تماما، مع إبرة الـ (إنفيجا - Invega)، أو يمكن أن ترفع إبرة الإنفيجا إلى (150 ملغ) شهريا مثلا لفترة ثلاثة إلى أربعة أشهر، ثم بعد ذلك تعود إلى جرعة الـ (100 ملغ) هذا ما أنصحك به.
والأمر الآخر: أريدك أن تمارس حياتك بصورة طبيعية، أن تكون نشطا، أن تمارس الرياضة، أن تتواصل اجتماعيا، أن تروح عن نفسك بما هو طيب وجميل ومباح، فاحرص على عباداتك، خاصة الصلاة في وقتها، وما شاء الله تبارك الله أنت مؤذن؛ هذا مكان ومقام عظيم، أسأل الله أن يتقبل منك.
فيجب أن تصرف انتباهك عن الأعراض، والرياضة مهمة جدا: رياضة المشي، رياضة الجري؛ لأن الرياضة تؤدي إلى إفراز المواد الكيميائية الإيجابية في داخل الدماغ، وهذا يساعدك كثيرا في الاسترخاء، وتخفيف حالة الشد التي تعاني منها، و-إن شاء الله- حتى هذه الأفكار الاقتحامية هذه سوف تزول مع التعديل البسيط في الدواء، وتطبيق الآليات السلوكية التي ذكرتها لك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا على ثقتك في استشارات إسلام ويب.