السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة في الصف الثاني من المرحلة الثانوية، كان لدي ذكاء شديد، وقوة ملاحظة، وأحفظ صور الكتاب وزخرفته في ذهني بسرعة شديدة، ولكن في هذه الفترة أحس بعدم التركيز، وأن فهمي بسيط، وليس كما كنت في السابق؛ فلم أعد أتذكر شكل الكتاب، وأنسى أشياء كثيرة، ولكني ما زلت أتمكن من الحفظ.
للعلم: منذ أن كنت في الصف الثالث الإعدادي كنت أنوي دخول مدرسة المتفوقين، ولكن حدثت ظروف، ولم أستطع، وفي الصف الأول الثانوي كنت لا أذاكر، وبالرغم من ذلك كنت أحرز أعلى مجموع في الفصل، وكنت أرفض مبدأ الغش، لكني لم أكن أصلي في مرحلة الثالث الإعدادي، ولا أقرأ القرآن، ولكن في الصف الأول الثانوي كنت أقرأ القرآن، وأحفظه بشكل سريع، والآن لا أستطيع حفظه بنفس الطريقة، وأنام كثيرا.
للعلم: كنت أفعل الرذائل حتى في الصف الثالث الإعدادي، أو الأول الثانوي، فهل هذا عقاب من الله؟ أم سحر؟ لأني عندما سألت أحدهم رد علي بأنه قد يكون سحرا -كما حدث معه-.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حبيبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يشرح صدرك، ويهدي قلبك، ويمنحك صفاء الذهن، وطمأنينة النفس.
أولا: وبداية، نؤكد على أن ما تشعرين به من ضعف تركيز، أو نسيان ليس بالضرورة عقابا، ولا سحرا، بل هو أمر شائع بين طلاب المرحلة الثانوية، وخاصة في فترات القلق الدراسي، وكثرة السهر، أو استخدام الهاتف المفرط، أو الاضطراب في النوم والغذاء؛ فالعقل البشري له طاقة محدودة، وحين يجهد، أو يهمل في الراحة والنظام، تقل قدرته مؤقتا على التركيز والتذكر.
ثانيا: من الطبيعي أن يختلف الأداء الذهني من مرحلة إلى أخرى؛ فمرحلة المراهقة تتسم بتقلب الهرمونات والمشاعر، وتزداد فيها الضغوط النفسية؛ مما ينعكس أحيانا على الذاكرة والانتباه، وهذا لا يعني أن قدراتك قد تراجعت، بل إن ذهنك يحتاج إلى بعض التنظيم والهدوء؛ ليستعيد صفاءه كما كان.
ثالثا: ذكرك لما مضى من تقصير في الصلاة، أو الوقوع في بعض الذنوب يدل على ضمير حي، وقلب يقظ؛ فالله تعالى يحب التائبين، وهو سبحانه لا يعاقب عبده التائب بحرمانه من الخير، بل يفتح له أبواب النور إذا رجع إليه، قال تعالى: "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعا" [الزمر:53]، فما دمت قد ندمت، وتبت، وبدأت طريق الصلاة وقراءة القرآن، فاعلمي أن الله يحبك، وهو يهيئ لك الخير لا العقوبة.
أما فكرة أن ما يحدث لك سحر: فلا يصح أن تبني عليها يقينا دون دليل؛ فالسحر موجود، لكنه أمر نادر، ولا يحكم به إلا بعد استبعاد الأسباب النفسية والواقعية.
رابعا: اجعلي أول خطوة في العلاج هي العودة إلى الله بطمأنينة ويقين، وحافظي على الصلاة في وقتها، وتلاوة القرآن بتدبر، والدعاء الدائم بأن يرد الله إليك صفاء ذهنك، ورددي الأدعية المأثورة لتثبيت حفظك ومذاكرتك، مثل" الإكثار من قول: "اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا".
خامسا: نظمي وقتك جيدا، وابتعدي عن السهر الطويل؛ فالنوم المفرط، أو المتأخر يضعف التركيز، واحرصي على تناول الغذاء المتوازن، وخصوصا الفواكه، والمكسرات، والماء؛ فالجسد السليم يعين العقل السليم.
سادسا: إذا استمر الإحساس بالكسل الزائد، أو الخمول الشديد، رغم الراحة والنوم، فاحرصي على إجراء فحص طبي بسيط، مثل: فحص الدم، ونسبة الحديد، وفيتامين D، والغدة الدرقية؛ فبعض النقص في الفيتامينات، أو الهرمونات قد يسبب النعاس والنسيان.
سابعا: تذكري أن القرآن والذكر والصدق مع الله هي مفاتيح النور الذهني، قال تعالى: "واتقوا الله ويعلمكم الله" [البقرة:282]، أي أن التقوى تفتح أبواب الفهم والإدراك؛ فكلما اقتربت من الله، زاد صفاء قلبك وعقلك، ولا تسمحي للشيطان أن يخوفك من الماضي، أو يزرع فيك الشعور بالذنب المبالغ فيه؛ فالتوبة تجب وتمحو ما قبلها، والله لا يعذب من تاب وأناب، بل يبدل سيئاته حسنات.
أخيرا: ثقي بنفسك، وابدئي صفحة جديدة من حياتك الدراسية والروحية؛ فالله لا يرد عبده إذا رجع إليه، وما تشعرين به الآن قد يكون بابا من أبواب الإصلاح والرفعة -بإذن الله-.
هذا، وبالله التوفيق.