السؤال
السلام عليكم.
أشعر بالقلق والتوتر منذ زمن طويل، ولا يفارقني ذلك الشعور، ويكون مصحوبا ببرودة في أطرافي، وألم في بطني، وصعوبة في قضاء حاجتي، واستحالة النوم، وتوقف التفكير، مع وجود القلق أشعر بالحزن، وأشعر بعدم المعنى من كل شيء، وأنه لا قيمة لشيء، وفقدت الأمل والإحساس بكل شيء.
نومي الليلي متقطع منذ زمن طويل وليس مستقرا؛ فمنذ أكثر من أسبوع حدثت مشكلة عادية، ولكنني توترت، وقلقت بشدة، وتسارعت نبضات قلبي بشدة، مع حصول ضيق في التنفس، وأصبت بحزن شديد، وفي الليل جاءتني نوبة بكاء، وتكرر معي تسارع نبضات القلب الشديد، وضيق في التنفس عدة مرات، في عدة أيام بعدها، حتى أثناء نومي، واستيقظت فجأة على تسارع مؤلم في نبضات قلبي، وصعوبة في التنفس، فأصبح التوتر والقلق يلازماني لدقائق حتى أثناء نومي؛ حيث أفكر في كل شيء، وفجأة أستيقظ، ثم أنام ليتكرر التفكير، وهكذا.
أنا أصلي -بفضل الله-، وأقرأ القرآن، ولكني لم أعد قادرا على التركيز، وصلاتي في المسجد تجعل نبض قلبي يتسارع بشدة، ويكون من الصعب علي أن أركز في أي شيء، لم أعد قادرا على ممارسة الحياة بشكل طبيعي؛ فأنا لا أستطيع النوم، وفقدت شهيتي، ولا أقدر على المذاكرة بالرغم من أنني كنت متفوقا.
لقد أصبح الحزن ملازما لي، ونظرتي تشاؤمية لكل شيء؛ فأنا لا أقدر على إيقاف التفكير، ولا التحكم في تنفسي، وأصبح أي شيء -مهما كان صغيرا أو كبيرا- يؤرق تفكيري، أتساءل عن السبب، لماذا؟ وكيف؟
حتى كتابتي لهذا الكلام تؤلم بطني، وتوترني بشدة، ومن المستحيل أن أتكلم بكلمة عن نفسي، أو حياتي أمام أي شخص، سواء كان من أهلي، أو من غيرهم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -أخي الفاضل- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.
إن ما ورد في سؤالك يصف حالة نموذجية من الاكتئاب النفسي؛ حيث وصفت مشكلة اضطراب النوم، وفقدان الشهية للطعام، والنظرة التشاؤمية، وعدم الشعور بمعنى الحياة، ومغزى كل شيء، مع فقدان الأمل، والإحساس بفقدان التوجه في هذه الحياة، ولا شك أن هذا قد أثر عليك، وأضعف من قدرتك على التركيز، الذي وصفته أيضا في سؤالك، مما أثر أيضا على صلاتك، وعلى نظرتك لنفسك وللآخرين وللحياة.
اسمح لي أن أقول: إن ما ورد في سؤالك فيه كثير من مؤشرات حالة الاكتئاب النفسي، والذي هو مرض يصيب الإنسان، كما أنه يصاب بالأمراض الأخرى، ولكن أطمئنك أن الاكتئاب أصبح علاجه متوفرا، سواء العلاج الدوائي، أو العلاج النفسي عن طريق الجلسات العلاجية عبر الكلام.
وحتى لا تطول معاناتك بكل ما فيها من أعراض وصفتها بشكل جيد في رسالتك، مما يمكن أن يؤثر على عبادتك، وحياتك، ودراستك، أشدد عليك أن تلجأ إلى عيادة الطب النفسي؛ ليقوم الطبيب النفسي بمراجعة كل الأمور والأعراض التي تعاني منها، وسيسألك عن أمور أخرى لم ترد في سؤالك؛ ليؤكد التشخيص بأنها حالة اكتئاب نفسي، وبالتالي يضع معك الخطة العلاجية.
أيضا يمكن لحالة الاكتئاب أن تترافق بما وصفته بشكل جيد من الاستيقاظ ليلا، مع تسرع ضربات القلب، وصعوبة التنفس، هذه أيضا يمكن أن تكون بعض نوبات الهلع أو الذعر، ومن المعروف أنها ربما ترافق حالة الاكتئاب النفسي، وعلاجها يكون عن طريق علاج الاكتئاب الأساسي.
لذلك أنصحك أولا: إن وجد في الجامعة التي تدرس فيها عيادة للطلاب، فيمكنك أن تلجأ إليهم أولا؛ فمعظم الجامعات فيها خدمات الإرشاد الطلابي، وهذا هو الأيسر لك، ومن ثم يوجهونك إلى الوجهة التي تحتاجها، سواء الطبيب النفسي الموجود في الجامعة، أو الطبيب النفسي خارج الجامعة.
أدعوك -أخي الفاضل- ألا تتأخر أو تتردد في طلب التشخيص، ثم العلاج، والنبي ﷺ يعلمنا ويوجهنا بقوله: تداووا عباد الله، فإن الله لم يضع داء إلا ووضع له دواء كما أن هذا ينطبق على الأمراض البدنية، فإنه ينطبق على الأمراض النفسية، كالاكتئاب، والقلق، ونوبات الهلع.
أدعو الله تعالى لك بالتوفيق والسداد، وتمام الصحة والعافية.