السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عمري 28 سنة، منذ سنوات تقدم لخطبتي الكثير، ولكن لم أجد فيهم رجلا صالحا كما أريد، صليت كثيرا قيام الليل، ودعوت أن يرزقني ربي بزوج صالح ودعوات أخرى، تحققت كل الدعوات إلا هذه الدعوة، لا أعلم ولكن الله يعلم متى وأين، ولكن أنا أبقى في المنزل كثيرا بسبب عملي "أونلاين"، فأنا أدرس النساء والأطفال فقط، وأذهب لحفظ القرآن مرة واحدة في الأسبوع، ولا أحد يراني، وليس عندي في عائلتي شخص مناسب لي، وأنا أكبرها سنا.
السنوات تمر سريعا، أريد الزواج بشخص صالح يتقي الله في، ويحفظ القرآن، ويكون خلقه القرآن، ولكن انتابني اليأس من أن أجده، حتى صديقتي المفضلة قالت لي: "إذا لم تفعلي مثلي وتتكلمي مع شخص، فلن تتزوجي"، وهي تزوجت، وأنا رفضت ذلك، وما زلت أدعو الله.
وأيضا قابلت أمي امرأة في حديقة منذ سنتين، وقالت لها: "هناك شخص عمل لابنتك عملا (سحرا)"، ولكنني لا أصدق هذا، مع العلم أنه منذ فترة قصيرة تقدم لخطبتي رجل، فكيف هذا؟! كل الفرص التي جاءتني غير مناسبة لي، وأشعر بضيق شديد، لماذا الكثير ولا يوجد فيهم شخص مناسب لي؟ أعرف الكثير من مواقع الزواج، ولكن لا أحب هذه الأمور، فهي مضيعة للوقت، والله يغنيني من فضله.
من فضلكم، انصحوني، أنا مشتتة هذه الأيام؛ بسبب ما أراه من الفتيات من حولي، يفعلن الحرام ويتزوجن بسهولة!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غادة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.
أولا: نهنئك بما تفضل الله به عليك وأنعم به عليك من التوفيق إلى الطاعات، والإكثار من الدعوات؛ فهذا فضل عظيم، نسأل الله تعالى أن يتم عليك نعمته، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك وتسكن إليه نفسك.
ثانيا: قد أحسنت -ابنتنا الكريمة- حين أدركت فضل الله تعالى عليك بإجابة دعواتك، فينبغي أن تشكري هذا الفضل، ومن مظاهر الشكر: الثبات والاستمرار على ما أنت عليه من الخير، والمداومة على دعاء الله تعالى بصدق واضطرار، ولا ينبغي أبدا أن تتوهمي أن الله تعالى لم يستجب دعاءك بالزواج، فأنت لا تعلمين الغيب، والله تعالى قد يستجيب لك الدعاء بمظهر غير الذي تتوقعينه.
ولك أن تتصوري موقفا واحدا من مواقف أنبياء الله تعالى، وهو يعقوب -عليه السلام- والد يوسف، الذي ظل سنوات طويلة وعقودا من الزمن يبكي حتى ذهب نور بصره، ويدعو الله تعالى بأن يرد إليه ولده، والله تعالى قد قدر أن يرجع في وقت حدده الله تعالى، فرجع في الوقت الذي شاء الله تعالى أن يرجع فيه.
وهكذا ينبغي أن يكون حالك مع الله: أن تحسني الظن بالله، وأنه جل شأنه لا يعجزه شيء، فليس شيئا كبيرا أن يرزقك الزوج الذي تتمنينه، ولكن الله تعالى يختبرك، وهذا الاختبار فيه كل الخير والأجر والفلاح.
فإذا: نصيحتنا لك أن تديمي على ما أنت عليه من دعاء الله، مع إحسان الظن بالله، وأنه -سبحانه وتعالى- قدير على إجابة دعائك وإعطائك مسألتك، ولكنه يعلم مصلحتك، فيقدر لك ما فيه الخير لك، وقد قال الله في كتابه: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
ونحب هنا -أيتها الكريمة- أن نسدي إليك بعض الآراء التي ينبغي أن تعتني بها:
أول هذه الآراء: نرى أنه لا ينبغي لك أن تتشددي في صفات الشخص الذي تتمنينه زوجا، فإذا جاءك من يؤدي فرائض الله تعالى الواجبة، ويجتنب المحرمات، وهو مع ذلك حسن الخلق الذي يدعوه إلى حسن العشرة، فهذا القدر يكفي، وقد قال النبي ﷺ: إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه (رواه ابن ماجه وأبو داود والترمذي).
ثانيا: بالنسبة للتعرف على الرجال بقصد الزواج، لا شك أن هذا مزلق خطير، وقد يجرك إلى عواقب وخيمة تندمين عليها في وقت لا ينفع فيه الندم، ولا تغتري بما فعلته صديقتك أو غيرها ممن تتوهمين أنهن وصلن إلى المقصود بطريق محرمة، فهذا وهم لا يغير من قدر الله تعالى شيئا؛ فقد قال النبي ﷺ: إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته (رواه معمر بن راشد، وابن أبي شيبة والطبراني).
فإذا: سلوك الإنسان طريق المعصية ليس سببا جالبا للرزق، فالله تعالى لا ينال رزقه إلا بطاعته، ولكن استبدلي هذا بالتعرف على النساء الصالحات، وأكثري من التواصل مع الفتيات الطيبات، فهن خير من يعينك على الحصول على الزوج الصالح -إن شاء الله تعالى-.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، ويرضيك به.