السؤال
السلام عليكم
أمي متوفاة منذ خمس سنوات، قبل وفاتها كان لدي شعور قوي ومزعج أنني سأفقدها.
بدأت الصلاة وقراءة القرآن في سن صغيرة جدا بمفردي، وكنت قريبة جدا من الله وأحبه كثيرا، ودائما أفهم أنه مهما حصل فله حكمة في كل ما يحدث لي، سواء كان عسرا أو يسرا.
لكن بعد وفاة أمي بدأت أقصر في الصلاة، حتى جاء وقت قطعتها فيه تماما، وكان ذلك في المرحلة الثانوية مع بداية الامتحانات، وبعد ثاني امتحان توفيت أمي فجأة بين يدي، وقبلها بفترة قصيرة كانت تقول لي إنها ستموت، فزاد الخوف بداخلي.
بعدها ارتكبت ذنوبا كثيرة جدا من شدة الحزن، وفقدان الشغف، واللامبالاة والخوف المزمن الذي لم يكن له سبب وقتها، الشخص الذي كنت أخاف عليه قد توفي، فأصبح الخوف يأتي بنفس الطريقة لكن على نفسي.
حاولت أن أعود إلى الله، وأكفر عن ذنوبي وندمت، وأصبحت أما لطفل عمره سنتان، ومع ذلك، لدي دائما إحساس بالخوف أنني سأموت ولن أحقق معه ما أتمناه، كما حدث مع أمي، هذا الخوف يملكني، ولا أستطيع السيطرة عليه، حتى إنني من شدة التعب من هذا الإحساس أتمنى الموت لأتخلص من الخوف، خصوصا أنني لم أفقد أمي فقط، بل فقدت كل شيء جميل، وكل الناس الذين أحبهم ابتعدوا عني، حتى نفسي فقدتها، وزواجي غير موفق تماما، وابني بعد الله ليس له غيري، أعلم أن الله أحن عليه مني، لكنني أتمنى أن أعيش عمرا فوق عمري حتى يكبر وأراه رجلا مسؤولا.
وبسبب أنني كنت أدعو الله أن يطيل عمر أمي، لكنها توفيت في أقصر وقت منذ بداية دعائي، أصبحت أخاف أن أدعو بشيء أتمناه فيحدث عكسه، وكلما انفردت بنفسي يزداد التفكير والخوف من الموت بشكل مفرط!
هل هناك حل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أميمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك -أختي الكريمة- على تواصلك معنا، واسمحي لي أن أبدأ معك بالإجابة من السؤال الذي ختمت به رسالتك، وهو: هل هناك حل؟ والإجابة، نعم يوجد أكثر من حل، فقط الأمر يتطلب منك إمعان النظر في كيفية توجيه قدرتك على اختيار أحد الحلول التي تتناسب مع طبيعة مشكلتك، فمثلا عندما ذكرت أن كان لديك شعور قبل وفاة والدتك -رحمها الله- أنك سوف تفقدينها، وفي هذه الفترة ذكرت أنك كنت قريبة من الله، وملتزمة بالصلاة، وبعد وفاة والدتك أصبحت أما لطفل وانتقل هذا الإحساس إليك، وأصبحت تتمنين الموت، وفقدت كل شيء طيب، وفقدت كل الناس الذين تحبينهم، و.......، فالحل لهذه المشكلة له أكثر من بعد:
البعد الأول: هو تحريك وتفعيل الجوانب الروحانية التي أعانتك على المحافظة، والالتزام، واللجوء إلى الله، وأن تذكري نفسك دائما بأن كل ما يحدث للإنسان في حياته هو أمر مقدر، ومكتوب، وأن الأعمار بيد الله سبحانه وتعالى، وأن تقوي عندك الإيمان بالقضاء والقدر؛ لأن الإيمان بالقضاء يعزز عند الإنسان القدرة على التعامل مع المواقف والأحداث مهما كان أثرها وتأثيرها عليه، انطلاقا من قاعدة: "الإيمان ما وقر في القلب، وصدقه العمل".
البعد الثاني: هو ما يعرف بالمواجهة الصريحة، وهي فنية تستخدم في العلاج النفسي السلوكي، وتعتمد على حصر، وتحديد السمات الإيجابية في شخصيتك، والعمل على توجيهها التوجيه الصحيح بالتقبل لمواقف الحياة ومتغيراتها، والحرص على التأقلم مع هذه المتغيرات (خيرها وشرها).
البعد الثالث: إذا استمر معك هذا الإحساس والشعور( بتمني الموت، وأنك فقدت كل شيء طيب، وكل الناس الذين تحبينهم، وفقدت نفسك، وزواجك .....) لدرجة أثر هذا الإحساس على حياتك الطبيعية في المنزل، وعلى علاقاتك الاجتماعية، وعلى نومك، في هذه الحالة فالأفضل مقابلة طبيب نفسي، أو معالج نفسي ليساعدك على كيفية التعامل مع هذه الأعراض والعلامات بطريقة مهنية تساعدك على الاستقرار، والتوازن النفسي.
نسأل الله أن ينعم عليك بنعمة الصحة وكمال العافية.