لا يمكنني تنفيذ خططي لإنجاز مهامي اليومية، فأين الخلل؟

0 3

السؤال

السلام عليكم

أنا دائما أضع خططا لإنجاز مهامي اليومية، لكنني لا أتمكن من تنفيذها، أواجه صعوبة في الموازنة بين حفظ القرآن والدراسة والأنشطة المختلفة، فغالبا ما تفشل خططي، رغم أنني ملتزمة بأداء صلواتي في وقتها ولا أفوتها.

إذا ركزت على حفظ القرآن، أنشغل عن الدراسة، وإذا اهتممت بالدراسة، أقصر في حفظ القرآن، أرغب في معرفة موضع الخلل، وكيف يمكنني معالجته!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكر فيك هذه الهمة العالية، والروح الجادة في طلب الإنجاز، وحفظ كتاب الله تعالى، وهذا بحد ذاته نعمة عظيمة تفتقدها كثير من الفتيات في عمرك، وأسأل المولى تعالى أن يبلغك هذا الشرف، ويجعلك من حفظة كتابه.

ما أجمل أن تحمل فتاة في السادسة عشرة هذا الطموح النقي بين القرآن والعلم والنشاط، فاستمري بهذه الروح، ولا تسمحي لليأس أن يتسلل إليك، فأنت قادرة على الوصول وتحقيق مناك بإذن الله تعالى.

لكن دعيني أقول لك شيئا مهما: لا علاقة بين مشكلتك في الإنجاز وبين محافظتك على الصلاة، فالصلاة فرض يؤديه المؤمن في وقته تقربا لله تعالى، أما الإنجاز فهو مهارة تحتاج لتنظيم وتدرب وصبر، فاحمدي الله تعالى على ثباتك في الصلاة، واجعليها زادا يعينك على ما بعدها، لا مقياسا للنجاح في التخطيط.

إن الخلل الذي تعانين منه –كما يظهر– هو أنك تضعين خططا كبيرة دفعة واحدة، وتريدين إنجاز كل شيء في وقت قصير، فيتشتت تركيزك، وتشعرين بالفشل سريعا، فيضعف الحماس، وإليك بعض الخطوات العملية لتوازني بين حفظ القرآن والدراسة والنشاطات الأخرى:

1. ابدئي بتقليل الهدف وتجزئته: بدلا من أن تقولي “سأحفظ اليوم صفحة كاملة”، اجعلي الهدف “ربع صفحة بإتقان”، المهم الثبات لا الكثرة، ومع الأيام ستجدين نفسك تزدادين ثباتا وسرعة في تحقيق أهدافك.

2. ضعي هدفا لا يمكن التنازل عنه يوميا: مثلا: تلاوة ورد من القرآن الكريم، مراجعة درس واحد، مهمة دراسية محددة، ولو لم تتمي، عوضيها في نهاية اليوم قبل النوم، ولو بعشر دقائق.

3. اكتبي أهدافك اليومية والأسبوعية بوضوح: في دفتر صغير أو على لوحة أمام مكتبك، رتبيها بحسب الأولوية: (قرآنا – دراسة – نشاطا)، ولا تضعي أكثر من ثلاثة أهداف رئيسية في اليوم حتى لا تتشتتي.

4. استعيني بصديقة تشاركك رحلة الإنجاز: اختاري صديقة تشبهك في الهمة، وتشاركك الأهداف، اجعليها تتابعك وتتابعينها، تعاونان بعضكما بلطف، وتشجعان بعضكما على المضي في تحقيق أهدافكما المشتركة، فالعمل الجماعي يعين على الإنجاز، وهو دافع كبير للتحفيز.

5. ارصدي فرحتك بالإنجاز: علقي لوحة إنجاز، ضعي نجمة أو ملاحظة ملونة كلما أتممت مهمة، أو كافئي نفسك بأمر تحبينه (مشاهدة قصيرة، نزهة، حلوى صغيرة)، الفرح بالإنجاز يحفز للثبات والديمومة والاستمرار.

6. قومي بتقسيم وقتك بحسب أولوياتك اليومية: فصباحك للدراسة، وبعد العصر وقت خفيف للحفظ والمراجعة، ثم المساء نشاط، أو قراءة أو ترفيه نافع.

7. اجعلي يومك يبدأ بالقرآن الكريم ولو بدقائق: فبركة اليوم تستفتح بتلاوة كلام الله تعالى، ولو قرأت عشر آيات فقط، ستشعرين أن يومك أكثر بركة وهدوء.

8. ابتعدي عن المثالية الزائدة: لا تنتظري أن يكون كل يوم مثاليا، يكفي أن يمر اليوم وفيه خطوة صغيرة نحو هدفك، فالله تعالى يحب العمل القليل الدائم، كما قال ﷺ: أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل" رواه البخاري.

9. استعيني بالدعاء والنية الصالحة: اجعلي نيتك في حفظ القرآن والدراسة خالصة لله تعالى، وأنك تسعين لتكوني نافعة لدينك وأمتك، فالنية الصالحة تضاعف بركة الوقت والجهد.

أخيرا: لا تقسي على نفسك، فمرحلتك العمرية طبيعية أن تشهد تشتتا وتذبذبا في التركيز، لكن من يملك الإرادة مثلك سيصل بإذن الله تعالى، سيري بخطى صغيرة ثابتة، وسترين كيف يفتح الله تعالى لك أبواب البركة والتوفيق.

وفقك الله تعالى لأهدافك، وبلغك ما تتمنين.

مواد ذات صلة

الاستشارات