السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كنت قد ناقشت صديقا لي وهو محب لقراءة الكتب -سواء الكتب الغربية أو الكتب الإسلامية- وبدا لي أنه يميل إلى العلم الغربي ويتعلم منه ما ينفعه في دنياه، مثل كيفية معاملة الناس في مجال العلاقات، والمكاسب والاستغلال، واستمالتهم وفقا لفلسفات وعلم غربي، فقلت له: ذلك علم لا ينفع، وأرجو لك أن تتوجه إلى علم نافع داخل إطار الحكم الإسلامي.
فأرجو منكم الإجابة: هل يمكننا الجمع بين العلمين؟ وكيف نفرق بين العلم النافع والضار؟
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Hachiman حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك حرصك على القراءة والتعلم والاستزادة، وهذا من علو الهمة، ونسأل الله تعالى أن يفتح عليك أبواب العلم النافع والعمل الصالح، وأن يجعلك مفتاحا للخير.
كما نشكر لك -أيها الحبيب- حرصك على مناصحة الآخرين، وحرصك كذلك على الحفاظ على هويتك الإسلامية، وعدم الذوبان في شخصية الآخرين، وهذا من حسن توفيق الله تعالى لك.
ولا شك ولا ريب -أيها الحبيب- أن ديننا وشريعتنا تحثنا على التفوق والتميز، التفوق بالحرص على ما ينفعنا في دنيانا وآخرتنا، فقد قال الرسول الكريم ﷺ في وصية عامة جامعة: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز.
وهذا النافع قد يكون نافعا في الدين، وقد يكون نافعا في الدنيا، فكل شيء نافع للإنسان المسلم ينبغي له أن يحرص عليه وأن يسعى في تحصيله، ومنها العلوم والمعارف، فالعلوم النافعة في دين أو دنيا؛ ينبغي للإنسان المسلم أن يحرص على تحصيلها والاستكثار منها، وقد جاء في حديث ضعيف يروى عن الرسول ﷺ: الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق بها.
وهو هنا يشبه الحكمة بالشيء الضائع من الإنسان المسلم، فهي في الأصل له وهو أولى بها، فإذا وجدها فينبغي أن يستردها ويأخذها كما يسترد الإنسان الشيء الضائع منه.
وبهذا تعلم أن ديننا لا يمنعنا من الاستفادة من علوم الآخرين وتجارب الآخرين، بل يحثنا على أخذ النافع بغض النظر عن مصدره، ولكن لا بد من غربلة ما يؤخذ من غير المسلمين، وفحصه، والتأكد من سلامته وصلاحيته للإنسان المسلم، وهذا يكون بعرضه على شريعة الله تعالى، فإذا كان لا يخالف العقائد الإسلامية، ولا يخالف ما يقرره الإسلام من الأحكام الشرعية، وكان فيه منفعة؛ فهو علم نافع، ينبغي للإنسان أن يأخذه، ويحرص على اكتسابه والانتفاع به.
أما إذا خالف عقائد الإسلام أو أوقع في محرم من المحرمات، فهذه المخالفة دليل على أنه علم ضار، فإن الله تعالى لا يمنعنا من شيء إلا لما فيه من المضرة والمفسدة. وبهذا تعرف كيفية التفريق بين العلم النافع والضار، فكل علم ليس فيه ما يعارض الإسلام في عقائده وشرائعه فهو علم نافع باق على الإباحة.
وهذا يستدعي أن يكون الإنسان على بصيرة من دينه الإسلامي، وأن يكون مدركا واعيا للعقيدة الإسلامية، وعارفا بالأحكام الشرعية، فإذا كان يمتلك هذا القدر من العلم يستطيع به أن يحكم على ما يصادفه ويقابله من العلوم المستجلبة من غير المسلمين، وإذا كان لا يعرف ذلك ولا يقدر على هذا التمييز.
فالواجب الشرعي هو أن يرجع إلى أهل العلم ويسألهم عن خصوص هذه المعلومات التي يريد أن يتعلمها، وهل هي موافقة لشريعة الإسلام أم مخالفة له، وبذلك يقدم على بصيرة ويكون قد أدى واجبه الشرعي وأبرأ ذمته من المسؤولية، فقد قال الله سبحانه وتعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [النحل: 43]، والرسول الكريم ﷺ: ألا سألوا إذ لم يعلموا، إنما شفاء العي السؤال أي شفاء الجهل السؤال.
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفقك لكل خير.