أتحدث مع شاب في إطار الدراسة..فما نصيحتكم؟

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أريد أن أستشير حول التحدث مع الشاب في إطار الدراسة.

أولا: بدأت التكلم معه على أساس خدمة، فعنده طابعة وكنت أحتاج إلى طباعة أوراق، وطلبت منه طباعة أوراق لي، مع العلم أن كل هذا التواصل كان من خلال الإنترنت، لكن أثناء الحديث، كنت رسمية معه، ومع الأيام، أصبح يقصدني فيما يريد، مثلا في الدروس والتمارين وحلها، وذات مرة لم أجبه عن طلبه، فقال: "إن هذا ليس من شيم الناس الخلوقة أن أعلق الرسالة دون رد"؛ يعني لو قلت له: "لا أريد الإرسال" كان سيتفهم هذا حسب ما قال، وللأمانة، فإن طلباته للدروس لم تكن يومية، إنما نادرة في الأسبوع.

ما تعليقكم على هذا الأمر؟ وهل يترتب علي إثم في فعلي هذا؟ وما هو الحكم الشرعي الذي يجب أن ألتزمه إن ثبت هذا الإثم؟ وكيف يجب علي أن أتصرف لأصحح هذا الخطأ؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسعودة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك بالموقع ونسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يكتب لك التوفيق والنجاح، ونشكر لك حرصك على تجنب الوقوع فيما نهاك عنه الشرع الإسلامي وما حذرك منه دينك الحنيف، وهذا كله دليل على حسن إسلامك ورجاحة عقلك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدى وصلاحا، ويتولى حفظك وعونك.

وبداية نقول -ابنتنا الكريمة-: إن العلاقة التي تكون بين النساء والرجال الأجانب عنهن علاقة اعتنت بها الشريعة الإسلامية بأنواع من التوجيهات والتعليمات الربانية؛ لتسد الباب أمام أي شر يمكن أن يدخل على الرجل أو على المرأة، فالله -سبحانه وتعالى- هو خالق النفوس البشرية، وهو أعلم سبحانه بمكامن الخطر فيها.

وقد حذرنا الرسول الكريم ﷺ من فتنة الرجل بالمرأة الأجنبية، كما أشار القرآن إلى هذا أيضا في آيات كثيرة، قال رسول الله ﷺ: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء، وأخبر -صلوات الله وسلامه عليه- أن الشيطان حريص على الإغواء والتزيين واستعمال المرأة في عين الرجل للإيقاع بهما في شباكه، فقال ﷺ: إن المرأة إذا أقبلت أقبلت في صورة الشيطان، وإذا أدبرت أدبرت في صورة الشيطان، أي أن الشيطان يحسنها في مجيئها في عين الرجل، ويحسنها في انصرافها، وأخبر ﷺ: لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان.

فالشيطان حاضر في كل هذه التفاصيل، حريص كل الحرص على الفتنة وإيقاع الناس رجالا ونساء فيما حرم الله تعالى، ولهذا حذرنا الله تعالى من اتباع خطواته، وأخبرنا بأنها خطوات وليست خطوة واحدة، فقال سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر}.

إذا: هي خطوات ويصل في الأخير إلى الفحشاء؛ إذا: لا غرابة -أيتها البنت الكريمة- أن تكون الشريعة واقفة موقف الحسم لهذا الشر، وساعية لإغلاق هذا الباب من أبواب الفساد، ولهذا جاءت بهذه التوجيهات الكثيرة، فيجب على المرأة الأجنبية أن تحافظ على حجابها أمام الرجل الأجنبي، ويحرم عليها أن تختلي به، ويحرم عليها أن تتكلم معه بكلام فيه خضوع ولين، حتى حرم كثير من الفقهاء على المرأة أن تبتدئ الرجل الأجنبي بالسلام، مع أن السلام عبادة وكلماته من المعروف الذي يؤجر الإنسان عليه، ولكنه في هذا المقام أصبح محذورا، وينبغي الحذر منه؛ لأنه قد يكون مفتاحا للشر وسببا للفساد.

وبهذا تدركين أهمية سياسة هذا الموقف، وضرورة ضبطه بالضوابط الشرعية، وأنت قد وفقت -ولله الحمد- توفيقا كبيرا حين امتنعت من الاستمرار في المراسلة لهذا الشاب، وهذا ليس من سوء الخلق، بل من الأخلاق الحميدة والخصال النبيلة التي ينبغي أن تحرص المرأة على الاتصاف بها والثبات عليها، فقد قال الله تعالى لأمهات المؤمنين أزواج النبي ﷺ وهن أطهر نساء هذه الأمة، قال الله سبحانه وتعالى موجها الخطاب لهن: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}.

فإذا احتجت إلى الكلام مع هذا الشاب أو غيره ينبغي أن يكون الكلام بالضوابط الشرعية، أي بالكلام الخالي من أي أسلوب مثير للشهوات والغرائز.

وننصحك نحن أن يكون هذا التواصل مع هذا الشاب بطرق مأمونة، تأمنين بها من استدراج الشيطان لك، وذلك بأن تستعيني بالمحارم من نسائك أو بالمحارم من الرجال، كإخوانك ونحوهم، فإن لم يكن الرجال فاستعيني بأمك وحضور أخواتك ونحو ذلك.

وينبغي أن يعلم هو أيضا أنك إذا تواصلت معه فإنك تتواصلين معه في ظل هذا الجو، من إحاطة الآخرين بك؛ حتى لا يطمع في شيء مما منعه الله سبحانه وتعالى، وبهذا تأمنين على نفسك ودينك، وتسلمين الآخرين أيضا من الشر الذي قد يصل بسببك.

وبهذا كله تعلمين أنه ليس فيما فعلت أي ذنب، بل أنت فعلت الموقف الصحيح المطلوب منك شرعا، وليس في الأمر ما تلامين عليه، أو يتطلب منك الاعتذار لأحد، فاثبتي على ما أنت عليه من الابتعاد عن أسباب الفتن.

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات