السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيرا على ردكم في هذه الاستشارة 2562042، استفدت بما فيها من النصائح، وبدأت العمل بها.
لدي تساؤل سأفهم من خلاله أمورا كثيرة، أنا دائما أنصح إذا كانت هناك امرأة تجلس بجانبي في (الميكروباص)؛ فأعطيها هاتفي مفتوحا على رسالة، وأقول لها: (هل يمكنك قراءة ذلك؟ أو أريد أن أريك شيئا)، ومحتوى الرسالة مختصر عن الزي الشرعي، كدعوة عامة، أغلب النساء يقرأنها ويشكرنني.
هل طريقتي هذه ينطبق عليها الدعوة بالحكمة، أم أدعها حتى لا يسيء أحد الظن؟
هل يكفي نصح من بجانبي فقط؟ حيث إنني غالبا ما أترك نصيحة من تجلس أمامي حتى لا ألفت نظر باقي الركاب من الرجال، ولا أريدهم أن ينظروا للموقف بفضول.
أيضا: في الشارع تمر فتاة بجانبي، فأقول لها: (خلي بالك أن ربنا أمرنا بالحجاب الشرعي، ربنا يرفع قدرك به)، هل تعتبر هذه النصيحة بحكمة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك مجددا -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك دوام تواصلك بالموقع، كما نشكر لك حرصك على التفقه في دينك، والتفقه في أساليب النصح والوعظ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ وهذا من رجاحة عقلك وحسن إسلامك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدى وتوفيقا وصلاحا.
وقد أحسنت -ابنتنا الكريمة- حين عمدت إلى هذا الأسلوب الذي فيه النصح مع الإسرار بالنصيحة، وتجنب نصح الإنسان -رجلا كان أو امرأة- في حضور الآخرين؛ فإن الدعوة بانفراد من أسباب قبول النصح، فالإنسان قد يكابر وينتصر لنفسه إذا وجه إليه النصح علانية بين الناس.
فهذا الأسلوب الذي تتبعينه، من كونك تفتحين رسالة ليقرأها الشخص الذي تريدين نصحه، أو ترسلين إليه بهذه الرسالة دون أن يشعر الآخرون بما أسررت إليه، أو عما كنت تتحدثين معه، هذا لا شك أنه أسلوب حكيم، وهو جزء من الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة؛ فإن الحكمة وضع الشيء في موضعه، وقول الشيء المناسب في الوقت المناسب على الكيفية المناسبة.
وقد قال الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- في الأبيات الشهيرة التي تنسب إليه:
تعمدني بنصحك في انفرادي *** وجنبني النصيحة في الجماعه
فإن النصح بين الناس نوع *** من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي *** فلا تجزع إذا لم تعط طاعه
فيبين بهذه الأبيات -رحمه الله تعالى ورضي عنه- أن من أسباب قبول النصيحة أن يتعمد الإنسان نصح المنصوح في انفراد، بحيث لا يسيء إلى مشاعره بتوجيه التوبيخ والنصح إليه أمام الناس.
وقد كان من هدي النبي ﷺ أنه إذا أراد أن ينهى عن شيء لا يسمي الشخص الفاعل بعينه، وإنما يقول: ما بال أقوام يفعلون كذا، أو ما بال أقوام يقولون كذا، فلا يصرح باسم الشخص المقصود، وهذا من حسن سياسة النفوس البشرية، واتباع الأساليب الحسنة في إيصال الخير إليها على طريقة تقبلها به.
فتجنبك لنصح الناس أو لنصح بعض النساء أمام الآخرين -وخاصة في وسائل التواصل- أمر حسن، فافعلي ما تقدرين عليه من الخير، واتبعي أحسن الأساليب التي ترين أنها مناسبة لحفظ مشاعر الآخرين، وإقبالهم على قبول ما تنصحينهم به.
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفقك لكل خير، وأن يجعلك مفتاحا للخير مغلاقا للشر.