تواصلت معه بنية المسامحة لكنه تعدى حدوده معي، فماذا أفعل؟

0 0

السؤال

عندما كان عمري 19 سنة، راسلني شخص كنت أعرفه، وأخبرني أنه يريد الزواج بي، وبدأ يعبر لي عن حبه وإعجابه. تعاهدنا على الزواج منذ البداية، دون أن أتأكد من خلقه؛ فقط لأنه بدا جادا في الزواج؛ ولأنني كنت أريد أن أعف نفسي، بعد ذلك، بدأ يلمح لي بكلام جنسي، ولم أكن أتجاوب معه، وبدأ يظهر عليه عدم النضج والتريث.

تركته بعد أن تقدم لي شخص أكثر نضجا، وقد بكى كثيرا بعد انفصالنا.

بعد زواجي، تعرضت للكثير من الضغوطات بسبب أهله، وأصبت بالاكتئاب، وجاءني وسواس بأن كل ما أمر به هو بسبب ما اقترفته في حق ذلك الشخص. راسلته لأطلب منه أن يسامحني؛ لأني كنت أتعذب، وربما بسبب ظلمي له، لكن زاد ألمي حين أخبرني أنه تعذب من بعدي، ومع ذلك استمر في الكلام الجنسي.

تساهلت معه لأن الشيطان أوهمني أنه مسكين ويتعذب لفراقي، وأنه يجب أن أعذره، كنت أصلي وأطلب من الله أن يخفف عنه. كل هذا التهاون كان بسبب خوفي من أن أكون قد آذيته، لكن صوتا في داخلي كان يقول لي إنه إنسان غير محترم منذ البداية، وبقي على حاله.

بعد تناولي للدواء النفسي، واجهته بأنه استغل مرضي وانتهك حدود الله معي في الكلام، فقطعت صلتي به، وأخرجت صدقة بنية اليمين الذي أخلفته.

فهل ما عانيته كان فقط من تلبيس الشيطان علي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أختنا- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يعفو عنك، وأن يسامحك، وأن يطيب لك حياتك، وأن يصلح لك زوجك، وبعد.

أولا: ما كان ينبغي عليك وأنت الفتاة المتدينة أن تقعي في هذه المعصية، فقد كان في حديثك معه تساهل لا يليق بالمسلمة الصادقة مع الله، وأنت تعرفين أن حديث المرأة مع رجل أجنبي لا يجوز؛ فكيف إذا كان في سياق عاطفي، أو شبهة تعلق؟ ولا يعفيك من ذلك، أي نية كانت لك، فكل هذه من خطوات الشيطان، وقد وجد منفذا إليك من خلال شعور الذنب، فقد دفعك شيئا فشيئا إلى التساهل، ثم إلى الحديث الذي لا يرضاه الله تعالى.

وهذا يحتاج منك أن تعترفي به بينك وبين نفسك حتى يغلق هذا الباب تماما، فالكلام الذي يدور حول الإعجاب، أو التلميح، أو المحادثات ذات الطابع الحميمي منهي عنه شرعا، سواء كنت صاحبة مبادرة، أم مندفعة بسبب وسواس.

والاعتراف بأن هذا خطأ جزء من التوبة، لكن المهم: أنت أوقفت الأمر، وواجهته، وابتعدت، وهذا هو الواجب، وليس من نافلة القول أن نخبرك أن كثيرا من الشباب يعمد إلى إثارة الفتيات، واستخدام هذا الأسلوب القذر للإيقاع بهن، ثم بعد أن يحدث ما لا يخطر على البال يتركها، أو يستغلها، فاحمدي الله على المعافاة، واحمديه أن سترك، وأن هداك للابتعاد عنه، فالله قال:﴿ولا تقربوا الزنى﴾ أي: لا تقتربوا من كل ما يوصل إليه، كلمة أو علاقة أو خلوة أو حديثا، وأنت باجتنابك له ابتعدت عن الطريق قبل الانزلاق، وهذا فضل من الله عليك.

ثانيا: نؤكد لك أن التواصل معه لا يجوز شرعا مهما كانت الذريعة، وأن قطع علاقتك به واجب، مهما وسوس لك الشيطان بأنه (مسكين)، أو (يتعذب)، فهذا كله من تلبيسه فاحذري.

ثالثا: اعلمي كذلك أن البيوت كلها فيها مشاكل، وهذه ابتلاءات، فمشاكل أهل الزوج، والضغط، والألم النفسي، هذه أمور يمتحن الله بها عباده، وليست عقوبة على قصة قديمة، وليس في الشرع ما يدل على أن ما حصل لك سببه ما حدث معه، فالبحث عن (سبب خفي) للمصائب أحد أبواب الوسواس، فلا تربطي بين هذا وذاك.

رابعا: اجتهدي الآن في صلاح قلبك، وصلاح زوجك وبيتك، فأنت الآن في بيتك، ومع زوجك، وهذا هو موضع الأمان، فاجتهدي واقتربي من ربك، وتثبتي على الطاعة، وابني الثقة مع زوجك، وأصلحي ما يمكن إصلاحه في البيت، هذا هو الطريق الذي يرضاه الله لك.

نسأل الله أن يعفو عنك، وأن يبارك فيك، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات