السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد إرشادا في أمر يزداد سوءا يوما بعد يوم، وهو اتهامنا باطلا بالسحر، حيث إن أحد الأقارب ادعى هذا الأمر وراح يشيعه في كل مكان، حتى إنني اتهمت بالسحر وأنا ما زلت طفلة لا يتجاوز عمري أربعة أعوام.
لقد أصبح الأمر لا يطاق، فلم يعد أحد يتصل بنا أو يزورنا، والله وحده يعلم أننا لم نقم بسحر أحد، ولا نفكر فيه، ونعلم أنه من الكبائر، والعياذ بالله.
ماذا أفعل؟ كيف أدافع عن نفسي؟ الناس أصبحوا يتجنبوننا، ولو بادرنا نحن بالاتصال لوجدنا الصد والجفاء، ولم يتوقف الأمر عند ادعاء السحر، بل هناك أيضا ادعاءات أخرى لم نقم بها.
اليوم أصبحت من الأشخاص الذين لا يجيدون الكلام مع الناس، لأنني منذ صغري لا أحد يكلمنا، فأصبحت أبرر أفعالي للناس بطريقة مبالغ فيها، ولا أعرف السبب! ما ذنبي؟ ماذا فعلت؟ أين الحق ولماذا لم يظهر وقد مضت أعوام طويلة؟ لماذا الأمور تزداد سوءا؟ لماذا الناس يصدقون هذا الذي ادعى علينا واتهمنا بالسحر؟ هل نحن فعلا نستحق الجفاء؟
أرشدوني من فضلكم، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ... حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الفاضلة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يشرح صدرك، وأن يكفيك شر كل ذي شر، وبعد:
فما تصفينه مؤلم حقا، وهو من أنواع الظلم، فهو اتهام بلا بينة، وقطيعة بلا جريرة، وضرر يمس السمعة والروح معا، لذا دعينا نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: الظلم ثقيل، لكنه يرفع العبد عند الله، حتى إن دعوته تكون مستجابة، فقد قال النبي ﷺ لمعاذ: اتق دعوة المظلوم، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب، وهذا الحديث يكفي ليطمئن قلبك، فحقك عند الله محفوظ.
ثانيا: السحر كبيرة من الكبائر، واتهام الناس به من غير دليل بهتان عظيم، وقد قال الله تعالى: {ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا}، وقال تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا}.
ثالثا: لماذا يصدق الناس الكذب؟ ليس بسببكم، بل لأن الناس بطبيعتها تميل إلى الشائعات الغريبة، ولأن من يروج لهذا الاتهام قريب لكم، فيظن البعض صدقه، ولأن صمتكم الطويل -الذي كان في حقيقته حكمة- جعل البعض يظنه إقرارا، ومع ذلك فإن هذا كله لا يعني أنكم تستحقون الجفاء، بل يدل على أن من حولكم قد وقعوا في الظلم وسوء الظن.
رابعا: كيف تدافعين عن نفسك عمليا؟
1. إعلان الحقيقة باختصار وثبات، وذلك عبر رسالة مختصرة وواضحة: "ما يقال عنا باطل، ونحن نبرأ الى الله منه، ولا علاقة لنا بالسحر ولا بما يشاع"، بدون مبالغة أو تبرير زائد.
2. الاستعانة بمن له كلمة مسموعة، وذلك عبر شخص حكيم ومحترم بين العائلة أو من المعارف، وطلب تدخله لإيقاف تلك الفتنة وإخمادها.
3. تجنب المواجهات المباشرة، فلا تذهبي لمن نشر الاتهام ولا تهاجميه؛ لأنه قد يزيد الأمر سوءا.
4. بناء دائرة اجتماعية جديدة، وليس من الضروري إصلاح كل علاقة، فبعض الناس لا يستحقون عودة ودهم.
خامسا: مما ذكرت من ضعف في الكلام مع الناس، أو كثرة التبرير، هو نتيجة ضغط نفسي طويل، وأنت لست مخطئة، بل مجروحة، وما تحتاجينه هو:
1. التخفيف من التبرير الزائد.
2. طلب دعم نفسي مهني عند الحاجة.
3. إعادة بناء ثقتك بنفسك خطوة خطوة.
سادسا: لماذا يتأخر الحق؟
عليك أن تتيقني أن الحق لا يضيع عند الله، فقد قال سبحانه: {ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون}، وقال النبي ﷺ: إن الله ليملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته، ثم تلا: {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد}، وأمركم هذا ابتلاء، وحكمته قد تظهر فجأة بعد سنوات.
سابعا: ماذا تفعلين الآن:
1. الثقة بالله.
2. تثبيت موقفكم بهدوء.
3. الابتعاد عن المؤذين.
4. تقوية نفسك وعلاقاتك.
5. الدعاء على من ظلمك دون تعد.
وختاما: اطمئني، فربك لم يتركك، وأكثري من قول: (حسبنا الله ونعم الوكيل)، وكما ورد عن النبي ﷺ أنه إذا حزبه أمر قال: لا إله إلا الله الحليم العظيم، لا إله إلا الله رب العرش الكريم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش الكريم.
نسأل الله أن يحفظكم، وأن يرعاكم، والله الموفق.