السؤال
مشايخنا الأفاضل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عندي سؤال، لكن قبل أن أسأل أود أن أذكركم وأذكر نفسي، وأذكر المشاهدين بقول الله تعالى: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب}، وقوله تعالى: {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون}.
السؤال هو: يعلم الله أنني لا أحب أن أبوح أو أشكو ما بي لمخلوق، لأنني أعلم أنه لن ينفعني ولن يضرني، لكن كثرة الألم وطول الصبر حملاني على أن أشكو ما بي، فأنا مصاب بجرثومة المعدة -ولله الحمد- وأود أن أخبركم أنني -ولله الحمد- مثل جبل أحد في الصبر بفضل الله، ومستعد أن أتحمل الألم إلى عشرين سنة قادمة وأكثر، وأسأل الله أن يثبتنا.
لكن غلبني الوسواس والقلق، وسواس الموت، والله يعلم أنني لا أخاف من الموت، لكنني لا أريد أن أموت على السرير أو على الفراش، وإنما أريد أن أموت في سبيل الله. كذلك أعاني من اضطراب في النوم، وألم في القلب والصدر في بعض الأوقات، وانسداد الأنف، والارتجاع، والضائقة الشديدة من البيت.
أرجو منكم أن ترشدوني إلى العلاج، علما أنني أستخدم حاليا دواء (هيليكيور)، لكن الأعراض والوساوس والقلق والخوف من الموت تفاقمت، مع شعور بالقيء، وإحساس بكتلة في الحلق، وصعوبة في البلع، فأرشدوني ماذا أعمل.
علما بأنني استخدمت "هيليكيور" منذ سبعة أيام، وهذا الداء موجود عندي منذ أربع سنوات، وعلمت مؤخرا أنها جرثومة، فأرشدونا إلى العلاج ما هو، وكيف أواجه الوساوس وأفكار الموت.
أسأل الله أن يوفقنا وإياكم، وأن يجمعنا في الفردوس الأعلى.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء.
أخي الكريم: بادئ ذي بدء؛ الصبر أمر جميل، وأجره عظيم، قال تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}، والتوكل أيضا من أعظم القربات إلى الله تعالى، وهذا لا شك فيه، وفي ذات الوقت نقول لك: "الحكمة ضالة المؤمن، حيثما وجدها فهو أحق بها"، ومن الحكمة -أخي الكريم- الأخذ بأسباب الدواء، فـما أنزل الله داء، إلا أنزل له دواء، وإن تأملت من حولك، لوجدت أن الله خلق كل شيء بحكمته، وجعل لكل شيء سببا.
فمن حقك -أيها الفاضل الكريم- أن تشتكي مما تعاني منه طبيا، لكن تشتكي للمختص، هذا أفضل، وأنت قد أفلحت الآن إذ أرسلت رسالتك هذه لنا، ومن الواضح -أيها الفاضل الكريم- أنه لديك أعراض قلق اكتئابي مصحوب بشيء من المخاوف والوساوس، وهذه كلها من الدرجة البسيطة، وهذه ليست أربعة أمراض أو أربعة علل، هي حالة واحدة تأتي تحت الاضطرابات المزاجية البسيطة.
فلا تتردد -أخي الكريم- في تناول العلاج، وأنا أحسب أنك محتاج لأحد الأدوية التي تحسن المزاج، وتقلل من المخاوف والوسواس، وأفضل دواء هو العقار الذي يعرف باسم (استالوبرام - Escitalopram) ويسمى تجاريا (سيبرالكس - Cipralex) لكن ربما تجده في بلادكم تحت مسمى آخر.
جرعة السيبرالكس هي: أن تبدأ بنصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام، تناول (5 مليجرام) يوميا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها (10 مليجرام) يوميا لمدة شهر، ثم اجعلها (20 مليجرام) يوميا لمدة شهرين، ثم خفضها إلى (10 مليجرام) يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها (5 مليجرام) يوميا لمدة شهر، ثم (5 مليجرام) يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناوله.
الدواء هذا دواء سليم، فاعل، وغير إدماني، فقط ربما يزيد من شهيتك نحو الطعام قليلا، كما أنه بالنسبة للمتزوجين ربما يؤدي إلى تأخر قليل في القذف المنوي، لكنه لا يؤثر أبدا على الصحة الإنجابية أو الصحة الذكورية عند الرجل، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أريدك أن تتناول علاجا آخر كدواء مساعد، وليس الدواء الأساسي، الدواء الأساسي هو الاسيتالوبرام، والدواء الآخر يعرف باسم (دوجماتيل - Dogmatil) هذا هو الاسم التجاري، ويسمى علميا (سولبيريد - Sulpiride)، أريدك أن تتناوله بجرعة (50 مليجراما) صباحا لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله.
إذا هذا هو العلاج الدوائي المطلوب، ويجب أن تلتزم به التزاما قاطعا، حتى تجني فائدته الكبيرة -إن شاء الله تعالى-.
بالنسبة لجرثومة المعدة: هذا أمر طبيعي، وهي منتشرة جدا، ويقال إن 90% من الناس يصابون بها في مرحلة من مراحل حياتهم، فهي بسيطة جدا، وأنت الآن تتناول الدواء، والـ (هيليكيور - Helicure) والأدوية المشابهة، وغالبا تعطى لمدة أسبوعين.
فيا أخي الكريم: أنت الحمد لله على الطريق الصحيح، تناول علاجك هذا، وكن إيجابيا في تفكيرك، وحقر الوساوس، ولا تحكم على نفسك من خلال أفكارك ومشاعرك، بل احكم على نفسك من خلال أفعالك، من خلال أعمالك، ما هو دورك في الحياة، ويجب أن تكون مفيدا لنفسك ولغيرك.
أرجو أن تعيش حياة صحية، والحياة الصحية تتطلب تجنب السهر، وممارسة الرياضة، والتغذية السليمة، والقيام بالواجبات الدينية والواجبات الاجتماعية، وأن يجعل الإنسان لنفسه أهدافا، ويضع الوسائل التي توصله إلى غاياته.
هذا باختصار -أخي الكريم- ما هو مطلوب من الإنسان في حياته، وجزاك الله خيرا على الثقة في إسلام ويب، وأرجو أن تتواصل معي بعد شهرين من بداية تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.