أنوي تأجيل التعمق في الفقه لأركز على دراستي، فهل نيتي صحيحة؟

0 1

السؤال

السلام عليكم
أنا طالبة في الصف الحادي عشر، مؤمنة بالقرآن والنبي محمد -عليه الصلاة والسلام-، لكنني الآن في مراحل مصيرية -الصف الحادي عشر والثاني عشر-، فقررت أن أركز على دراستي فقط دون التعمق في العقيدة والأسئلة التي تشغل عقلي حول أفكار الماضي والحاضر والمستقبل، وأن ألغيها بحجة أن لدي دراسة يجب أن أصفي ذهني لها وأجتهد؛ لأن دراستي خلال هذه المراحل مصيرية وتأثيرها كبير جدا!

وبما أن لدي نية أن أتقرب إلى الله تعالى وأنفع نفسي والمجتمع لوجه الله، فهل قراري بأن أركز فقط على دراستي حاليا، وأقوم بتأجيل مسؤولياتي في التفكير بالحلال والحرام بشكل عميق، وأكتفي بتأدية أساسيات الدين فقط، يقلل من ثوابي عند الله أم يرفعه؟ لأنني أريد أن أضمن مستقبلي لنفع نفسي وعائلتي والمجتمع لوجه الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، وأن يجعل توجهك طلبا لرضاه، وأن يزيدك نورا وبصيرة؛ فحديثك يدل على قلب حي يريد الخير، وهذا بحد ذاته نعمة عظيمة، لذا دعنا نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: هل التركيز على الدراسة ينقص الأجر؟
الجواب: قطعا لا، بل مع النية الصادقة يرفعك الله به درجات، فطلب العلم النافع، والسعي لتأمين المستقبل، وخدمة الأسرة والمجتمع؛ كل هذا إذا اقترن بنية صالحة فهو طاعة، قال الله تعالى: ﴿ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا﴾، وجاء في الحديث الصحيح: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فإذا نويت في دراستك خدمة الناس ونفع نفسك وأهلك، فهذا يكتب لك أجرا.

ثانيا: هل يجب عليك التعمق في العقيدة الآن؟
ليس واجبا على طالبة تمر بمرحلة مصيرية أن تغرق في الأسئلة الفلسفية أو التفصيلية، يكفيك أداء الأساسيات: الصلاة، الذكر، قراءة القرآن، اجتناب المحرمات، والمحافظة على الإيمان العام.
فالعلماء يقسمون العلم إلى:
- فرض عين: ما يجب على كل مسلم معرفته (أصول الإيمان مع كيفية العبادة).
- فرض كفاية: العلم المتخصص والتعمق.
وما تفعلينه الآن داخل في القسم الأول، وهو كاف تماما، ونحن ننصحك بكتاب مبسط في العقيدة كشرح الأصول الثلاثة.

ثالثا: تأجيل الأسئلة العميقة لا يضرك، بل قد يكون رحمة إذا كان عقلك الآن مشغولا بامتحان مصيري، والقاعدة عند العلماء: "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، وواجبك الآن هو النجاح الذي يتوقف عليه مستقبلك، ولا يمكن بلوغه إلا بصفاء الذهن من هذه الأسئلة الفلسفية.

رابعا: نيتك أن تتقربي إلى الله فعل خير؛ لأنك خصصت وقتك لما ينفعك وينفع الناس، وهذا من أحب الأعمال إلى الله، قال ﷺ: أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، فإذا كانت دراستك طريقا لأن تصبحي نافعة للناس، فأنت على طريق عبادة.

خامسا: نصيحة عملية لك:
- حافظي على الصلاة في وقتها، فهي أساس الإيمان.
- خصصي خمس دقائق فقط يوميا لذكر يسير: تسبيح، استغفار، أو قراءة آيات.
- اتركي الأسئلة الكبيرة لما بعد الامتحانات؛ ستجدين قلبك أهدأ وفهمك أفضل.
- اعلمي أن الله يرى صدقك ويثيبك عليه.

وختاما: قرارك صحيح ولا يضر إيمانك، بل يزيد أجرك ما كانت نيتك صالحة.

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات