السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
زنيت مرة واحدة، فما الذي يجب علي لأكفر عن ذنبي؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Hamza حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب، أولا: نسأل الله تعالى أن يتوب عليك، وأن يغفر ذنبك، ويطهر قلبك.
ثانيا: نحن ندعوك -أيها الحبيب- إلى المسارعة بالتوبة والرجوع إلى الله تعالى، والندم على فعلك هذا؛ فإن الزنا من كبائر الذنوب، وقد سماها الله تعالى (الفاحشة) أي التي بلغت المنتهى والدرجة القصوى في الفحش والقبح، قال سبحانه وتعالى: ﴿ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا﴾ [الإسراء:32].
وقد توعد الله تعالى الزناة بعقوبات شديدة، فقال سبحانه في آخر سورة الفرقان في وصف عباد الرحمن الذين يدخلون الجنة: ﴿ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما﴾ [الفرقان: 68-70].
والأحاديث كثيرة جدا في بيان عاقبة الزنا، وقد رأى النبي ﷺ الزناة في تنور توقد من تحتهم النار، وهم عراة فيها الذكور والإناث، فإذا أوقدت النار واشتد لهيبها ارتفعت بهم ولهم صياح، ثم تخفت النار فيسقطون، ثم تعود النار مرة ثانية وتفعل بهم ذلك، هكذا وصف الرسول ﷺ عقابهم في الحياة البرزخية -أي بعد الموت وقبل قيام القيامة- وكذلك كثرت الأحاديث في وصف عقابهم في النار.
هذا كله يبين لك خطر هذه الجريمة وشدة عقوبتها، ولم يجعلها الله تعالى في هذه المرتبة إلا لما يترتب عليها من المفاسد الكبيرة.
ولهذا نحن ندعوك -أيها الحبيب- إلى أن تدخل باب التوبة الذي رأيت أن الله -سبحانه وتعالى- يدعو إليه في آخر سورة الفرقان: ﴿إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات﴾.
ومن رحمة الله تعالى أنه فتح للإنسان باب التوبة، يصحح به أخطاءه، فاحذر من أن يغرك الشيطان بإمهال الله تعالى وتأخيره لك، وأن يجعلك تؤخر وتؤجل هذه التوبة؛ فإنك لا تدري متى يأتيك الموت، والموت قريب جدا من كل واحد منا، فلا يضمن الواحد منا أن يعيش إلى الغد، فبادر وسارع إلى التوبة.
والتوبة -أيها الحبيب- أمرها سهل بسيط:
- أول خطواتها وأهم أركانها: الندم على فعل الذنب، والندم يعني التألم في القلب على فعل المعصية، وإنما يتألم الإنسان إذا عرف العقوبات التي تنتظره بعد هذه الجريمة، فإذا كان مؤمنا مصدقا بأن هذه العقوبات تنتظره فإنه سيتألم قلبه لفعله لهذا الذنب، وقد قال الرسول ﷺ: الندم توبة، هذه أولى الخطوات، وأول أركان التوبة، وهو أهمها.
- الركن الثاني من أركان التوبة: العزم في القلب على ألا ترجع للذنب في المستقبل.
- والركن الثالث: الإقلاع عن هذا الذنب وعدم فعله في الوقت الحاضر.
فإذا تبت هذه التوبة فإن الله تعالى يقبلها منك، كما قال سبحانه: ﴿وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون﴾ [الشورى:25]، وإذا قبل الله تعالى توبتك فإنه يكفر بها ذنبك ويمحو بها سيئتك، وقد قال الرسول ﷺ: التائب من الذنب، كمن لا ذنب له.
وقد رأيت أن الله تعالى يقول في القرآن عن التائبين: ﴿فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات﴾، وقال سبحانه: ﴿والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون * أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات﴾ [آل عمران:135-136].
ونوصيك -أيها الحبيب- أن تستر على نفسك، ولا تحدث بهذا أحدا من الناس كائنا من كان، وأن تستر على من وقعت معها، فلا تفضح أمرها بعد أن ستركما الله تعالى، وقد قال الرسول ﷺ: من أصاب شيئا من هذه القاذورات -أي الذنوب- فليستتر، فأمرنا بالاستتار، وقال: من ستر مسلما ستره الله.
وآخر ما نوصيك به ونختم به وصايانا هذه: أن تحرص على التعرف على الشباب الصالحين والرجال الطيبين في بيوت الله تعالى وعبر وسائل التواصل، فتكثر من التواصل معهم والجلوس معهم، فإنهم خير من يعينك على الاستمرار على التوبة، فإن (الصاحب ساحب)، والرسول ﷺ يقول: المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل.
وفقك الله للخيرات، وجنبك كل سوء ومكروه.