تفكير زائد يكاد رأسي ينفجر منه: كيف أغير ذلك؟

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خيرا على هذا الموقع المبارك، وأتمنى لكم التألق والنجاح.

أنا بطبيعتي حدودية وخجولة، وأخاف مخالطة الناس، ولا أعرف حتى التحدث في بعض الأحيان، وإذا تحدثت مع شخص فبعض الكلام يجعلني أفكر فيه لاحقا وأندم على كثير مما قلت، ولذلك أصبحت أتجنب اللقاءات وليس لدي صديقات، ومؤخرا أصبح لدي تفكير زائد يكاد رأسي ينفجر منه، كأن أحدا يتحدث في عقلي، وأفكر في الماضي، وهذا أتعبني.

كيف أتوقف عن التفكير في كل شيء؟ وكيف أغير طريقة تفكيري؟ وهل يمكن أن تتغير شخصيتي، أم أنه أمر مستحيل ومتعلق بالجينات؟

أعتذر عن الإطالة، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Malika حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.

ليكن في علمك -أيتها الفاضلة الكريمة- أن لكل إنسان نمط شخصيته وسماته، لكن السمات يمكن أن تعدل، نعم، ولذا نقول: الإنسان يجب أن يقيم نفسه من حيث سماته الشخصية، ويكون شفافا ومنصفا لذاته، نعم يجب ألا نضخم أنفسنا، وألا نقلل من شأنها أيضا.

أنت تجدين صعوبة في مخالطة الناس، وإن شاء الله ربما يكون هذا راجعا للحياء الزائد مثلا، وكما ورد ‌الحياء نصف الإيمان، و‌الحياء ‌خير ‌كله، وفي بعض الأحيان تكون الانطوائية والخجل جزءا من طبيعة الإنسان، لا ينفك عنها إلا بالإقدام وتعلم المهارات والتعرض للمواقف الاجتماعية.

العلاجات -إن شاء الله- متوفرة وسهلة جدا.

أولا على النطاق الاجتماعي: يجب أن تحرصي دائما على القيام بالواجب الاجتماعي، فلا تتخلفي عن واجب اجتماعي، مثلا:
- زيارة أرحامك، هذا شيء مهم جدا.
- تفقدي صديقاتك وزميلاتك، هذا ضروري جدا.
- المشاركة في المناسبات الأسرية، مثلا: الأفراح، الأتراح، هذا أيضا أمر مهم أيضا.
- وأن يكون لك وجود حقيقي داخل البيت، وسط أسرتك لا بد أن تكوني شخصا فعالا تشاركين بأفكارك وتشاركين بأفعالك الإيجابية.

هذه كلها أمور جيدة جدا وتفيدك كثيرا، وأريد أن أنصحك نصيحة مهمة جدا، عالجت الكثير من الناس الذين لديهم مثل صعوباتك، وهي:

- أن تشتركي في حلقة للقرآن الكريم، نعم -الحمد لله تعالى- حلقات القرآن الآن أصبحت كثيرة -سواء عن طريق برامج التواصل (الزوم، التيمز، وغيرها) أو عن طريق المواجهة المباشرة، هذه الحلق -ما شاء الله تبارك الله- ساعدت الكثير من الناس الذين يعانون من الخجل والانطوائية، والذين ليس لهم قدرة على التفاعل النفسي الإيجابي، فأنا أنصحك بذلك، أنصحك بقوة شديدة جدا بهذا الأمر.

- أن تكون لك أهداف، حددي بعض الأهداف في الحياة حتى وإن كانت بسيطة، وضعي الآليات التي توصلك إلى أهدافك.

- مارسي أي نوع من الرياضة التي تناسب المرأة المسلمة مع بعض الصديقات، الرياضة فيها خير كثير، وفائدة كبيرة جدا.

- حين تخاطبين الناس -مثلا صديقاتك أو أهل بيتك- دائما حاولي أن تراعي تعابير وجهك وحركة يديك، (أي لغة الجسد) ونبرة الصوت، هذه مهمة جدا فيما يتعلق بالتفاعل الاجتماعي.

أنا أريدك أيضا أن تتناولي أحد الأدوية البسيطة، وهو دواء رائع جدا ومفيد جدا لعلاج مثل هذه الحالات، فأنت لديك تفكير زائد، وهذا يعني أن لديك قلقا وتوترات داخلية. الدواء يعرف باسمه العلمي (سيرترالين - Sertraline)، ويسمى تجاريا (زولفت - Zoloft) أو (لوسترال - Lustral)، أو ربما تجدينه في بلادكم تحت مسمى تجاري آخر.

تبدئين في تناول الدواء بنصف حبة، أي (25 ملغ) يوميا لمدة عشرة أيام، ثم حبة كاملة أي (50 ملغ) يوميا لمدة شهر، ثم (100 ملغ) -أي حبتين- يوميا، لمدة شهرين، وهذه جرعة وسطية ممتازة. وبعد انقضاء الشهرين تخفض الجرعة إلى حبة واحدة يوميا لمدة شهرين آخرين، ثم نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم تتوقفين عن تناول الدواء.

السيرترالين من أفضل الأدوية لعلاج مثل حالتك، وأرجو أن تلتزمي بالتطبيقات السلوكية التي ذكرتها لك، وأطمئنك تماما أن السيرترالين دواء ممتاز وسليم ونقي جدا، وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، له أثر جانبي وحيد، وهو أنه ربما يفتح الشهية قليلا نحو الطعام، فإن حدث لك شيء من هذا ولا تريدين لوزنك أن يزيد، فيجب أن تتخذي التحوطات اللازمة، وقد لا يحدث أي شيء من هذا الدواء.

إذا: الإنسان يمكن أن يتغير، فالأمر ليس له علاقة بالجينات أبدا، نحن ننفي ذلك تماما، يقال: الإنسان يستطيع أن يعيد تربية نفسه، ويمكن أن يعيد صياغة ذاته ويطور نفسه، فالأمر -ولله الحمد- فيه الكثير من المرونة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات